الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدين والتدين!


الدين‏ ‏هو‏ ‏منظومة من التشريعات والعبادات والأوامر التي‏ ‏ينزلها الله تعالى‏ ‏من‏ ‏خلال الوحي‏ ‏على ‏الأنبياء والرسل، ‏ويكتمل الدين في الكتاب الإلهي ليكون‏‏ الأنبياء والرسل ‏أول‏ ‏الناس‏ ‏تطبيقًا‏ ‏لهذا‏ ‏الدين‏ حسب ظروف‏ ‏زمنهم.

وتطبيق‏ ‏الناس ‏للدين هو‏ ‏ما‏ ‏يعرف‏ ‏بالتدين،‏ و‏يختلف‏ ‏ ‏حسب‏ ‏الزمان‏ ‏والمكان‏ ‏وحسب‏ ‏الظروف‏‏، ‏فالتدين‏ ‏يرتبط بفهم الناس‏ ‏للدين‏ ‏وطريقة‏ ‏تفاعلهم‏ ‏معه‏ ‏بشكل صحيح أو بشكل غير صحيح‏.‏

‏فالتدين‏ ‏عند الناس ‏مختلف ‏ما ‏‏بين‏ المذاهب‏ ‏والجماعات‏ ‏والفرق‏، ‏ويظل‏ ‏الاختلاف في الفكر الديني هو‏ ‏الأسرع‏ ‏في ‏الانقسام‏ ‏والانتشار من‏ ‏أي ‏اختلافات‏ ‏فكرية‏ ‏أخرى ‏أدبية‏ ‏أو‏ ‏علمية‏.‏

قال تعالى: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ . فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيم" الماعون 2-1، هذا الارتباط بين التكذيب بالدين وبين الخلق السيئ، يقابله الارتباط بين التدين الصحيح والخلق الكريم.

فهناك ارتباط بين التدين الصحيح والأخلاق الحسنة، فقد حدد النبي عليه الصلاة والسلام الهدف الأول من بعثته: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، فالهدف الأول لدعوته عليه الصلاة والسلام هو إرساء البناء الأخلاقي للفرد والمجتمع، لأن هذا البناء الأخلاقي يكون سببًا في سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.

فالنبي عليه الصلاة والسلام هو الأسوة الحسنة فقد اجتمع لديه تطابق المبدأ والسلوك، وتطابق القول مع العمل، وتعلم منه المسلمون الأوائل كيفية تقصير المسافة بين سلوكهم وبين مبادئهم، لتصبح قيمة المؤمن في تطبيق ما يقول.

فمثلًا ظاهرة النفاق تحدث عنها القرآن الكريم في آيات كثيرة، ما يعني وجود خلل منتشر في مطابقة الأقوال للمعتقدات وهو النفاق الاعتقادي، بمعنى أن يقول الإنسان عكس ما يعتقد، ووجود خلل منتشر في مطابقة الأفعال للأقوال وهو النفاق العملي.

إن أهم مصدر للسعادة الحقيقية هو انسجام حركة الإنسان في الحياة مع ما يعتقد، بحيث يشعر بالارتياح والأمن، أما الملذات الحسية فهى لا تصل إلى القلب، فالذي يصل إلى أعماق القلب هو الشعور بالانتصار على أهواء النفس والمغريات من ضغوط الشهوات والمصالح.

‏ويبقى أن الفهم الصحيح للدين يتوقف على مدى صحة النظر‏ ‏في القرآن‏ ‏الكريم‏ ‏والتدبر في معانيه من خلال ‏مفاهيمه‏ ‏ومصطلحاته و‏لغته‏، ‏وعندها‏ ‏سنجد‏ ‏القرآن‏ ‏كتابًا‏ ‏أحكم‏ ‏الله‏ ‏تعالى ‏آياته‏ ‏ولا‏ ‏اختلاف فيه‏، وسنجد في‏ ‏القرآن‏ ‏معاني‏ ‏الاعتدال‏ ‏والتسامح‏ ‏والرقي ‏الأخلاقي ‏والسمو‏ ‏الحضاري.

فالدين‏ يعبر عنه ‏كتاب‏ ‏إلهي وهو القرآن الكريم، ‏أما‏ ‏التدين‏ ‏فهو‏ ‏فكر‏ ‏بشري ‏فيه‏ ‏الحق‏ ‏وفيه الباطل‏، ‏‏في القرآن الكريم الحقيقة ‏مطلقة،‏ أ‏ما‏ ما ‏نفهمه‏ ‏من‏ ‏الكتاب‏ فهذا هو الفكر الديني الذي يظل‏ ‏في ‏إطار‏ ‏الحقيقة‏ ‏النسبية‏ ‏مهما كان صحيحًا‏.‏
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط