قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

مشاهد العذاب في سورة الفجر

0|د.عاصم طلعت   -  

إن المشاهد القرآنية المتخلقة من النظم الفريد أخالها آلية من آليات الإعجاز القرآني التي دفعت بالعقول الإنسانية دفعا إلى الاقتناع والتسليم بكل ما ورد عن كلام رب الخلائق – سبحانه وتعالى -، وإن كان التراث العربي بعامة والإسلامي بخاصة لم يسهب في الإفاضة حديثا وتسجيلا عن هذه الآلية الإعجازية بيد أني أراها خير معين لفهم كلاب الخالق – جل علاه - وخير مبين لمقاصد النص المبارك ومراميه.

وقد جاء التصوير القرآني متلاقيا مع الذوق الجمالي بعامة وذوق العربي بخاصة الذي مارس الثقافة الشفهية وآثرها على نظيرتها الكتابية،وجاءت سورة الفجر بمشاهدها المتلاحقة جاذبة لقلوب العربي لما لها من قدرة على خلق عوالم من المشاهد واللقطات المتفرقة تنوعت ما بين قسم ، وقصص، ووعد ووعيد، وفي كلٍ إفاضةٌ وتفسير ما إلا يتسع المقال لذكرها بيد أن اللقطة محل الاستشهاد والذكر هي لقطة الوعيد المنتظر لأصحاب النار لما سينالهم باعتبار ما سيكون جزاءً لما اجترفت أيديهم.

مشاهد قرآنية جاءت مصحوبة بالرعب والتفزيع لما لازمه من لقطات ذات نبرات اتسمت بالصخب والضجيج ، و أخرى رافقتها الصمت و السكون ؛فهذا قول الحق: ( كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا)
مشهد من مشاهد القيامة ، فهكذا تدك الأرض و تحطم مرة بعد المرة ليرافق هذا المشهد أصوات الانهيار المفزعة للنفس البشرية المتتبعة لهذا المشهد الرهيب؛ لتمتد هذه الصورة المباركة عند المتلقي بنظمها الفريد إلى الكشف عن مشهد الاصطفاف والسكون الملازم للصمت المكلل بالرهبة، والكائن في قوله تعالى: ( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا).

مشهد رهيب يكشف عن جلال الموقف المنتظر للإنسان في قيامته والممثل في موقف الحساب، واستعادة المشاهد الدنيوية التي زجت بأصحاب النار إلى ملاقاة جهنم ليستحضر المشهد الآني مشهد دنيوي يقرب المراد إلى أذهان المتلقين كل حسب تراكب المشهد في مخزونه الفكري ألا وهو مشهد استقبال المحكوم عليه بالإعدام من اصطفاف الجنود والقادة بمراسمها العسكرية إجلالا لهول هذا الموقف وتبيانا لسبب المثول بالمتهم إلى غرفة الإعدام ؛ ليعقب هذه اللقطة القرآنية لقطة الإتيان و المجئ بجهنهم و الممثل في قوله تعالى : (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ) ذلك العقاب المنتظر و المفزع لبني آدم ، ذلك العقاب الذي يشخص في مرائيّ بالسياف المعاقب و المنفذ للحكم.

وجاء التصوير القرآني في قوله تعالى : ( يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى)و ما أروعه تصوير يكشف عما يدور في النفس البشرية فيما سيكون مستقبلا حيث لا ينفع آن ذاك التذكر و الندم على ما فات ، ليعطي ومضة تحذير للنفس البشرية - في حياتها الدنيا - لاجتناب ما يؤول بهم إلى هذا المآل المفزع.
فاللقطات المتتابعة والأصوات المصاحبة ما بين الصخب و الضجيج و ما بين الصمت والسكون وما يرافقها من تقابل بين الحالات السالفة لخير معين على استمرار المشهد وجذب ذهن المتلقي إلى الاستمرار في متابعة المشهد المفزع ككل وما رافقه من لقطات.
هكذا وجدت النص القرآني المبارك بمشاهده و أصواتها المصاحبة، هكذا أحتمل المشهد القرآني السالف و لقطاته المتتابعة إمتاعا و إقناعا ليصل بالمتلقي إلى حالة الفزع من هول المشهد ككل ، و أخاله يدفع المتلقي دفعا عن كل عمل يقرب به من هول هذا المشهد ، أعاذنا الله و إياكم من عاقبة و هول هذا المشهد.