مبادرة اجتماعية ..ولكن
كم شعرت بالسعادة الممزوجة بالفخر وأنا أستمع للفنان محمد صبحي ولاعب الكرة تامر بجاتو، وهما يعلنان عن مبادرتهما الاجتماعية لاكتشاف المواهب الفنية والرياضية من ذوي الاحتياجات الخاصة وعديمي المأوي ،إلي جانب إنتاج البرامج الإعلامية التي سوف يعملون في إعدادها وتقديمها ، تحت رعاية مادية كاملة من مجموعة "تواصل" للإعلام ،وعدد من منظمات المجتمع المدني.
كم كان لهذه المبادرة تأثيرًا جليًا في توليد وتعزيز مشاعر الولاء والانتماء للوطن في نفوس الحاضرين ، وهم يدركون أن مصر تمتلك من الكوادر البشرية ذوي العقول المستنيرة والقلوب الرحيمة والأفكار المبدعة، ما يجعلهم قادرين علي الارتقاء بالوطن ،وتنمية موارده في شتي المجالات، بسواعد أبنائه من العلماء و الفنانيين والرياضيين والأكاديميين ،ضباطًا ومدنيين، مسلمين ومسيحيين.
ويبقي الآن السؤال الأبرز لأصحاب هذه المبادرة ، ونحن نتلمس خطوات تنفيذها وخروجها إلي النور في أسرع وقت ، هل الأفكار البناءة والنوايا الحسنة والإمكانات المادية المتوفرة وحدها كافية لنجاح مثل هذه المبادرات ؟ أم للمناهج العلمية والنظريات الإعلامية والتربوية دورًا تكامليًا لاغني عنه في تنفيذ المبادرة والإسهام في فاعليتها؟
والإجابة تبدو واضحة.
ونحن نشير إلي أن التأهيل العلمي والعملي لذوي الإعاقة بمثابة علمًا له نظرياته وقواعده ، بدليل وجود كليات تربوية متخصصة في تعليمهم وصقل مهاراتهم ومواهبهم ، وبها أقسامًا متعددة كالتأخر العقلي ، والإعاقات البصرية والسمعية ، والإعاقات الحركية ، والاضطرابات الانفعالية والسلوكية ، وصعوبات التعلم ، والعلوم التربوية والنفسية ، إلي جانب الأقسام المتخصصة في الموهبة والإبداع.
حيث يدرس طلاب هذه الكليات أسس وآليات التعامل مع الموهوبين من ذوي الاحتياجات الخاصة ،للتنقيب عن مهارتهم وقدراتهم الدفينة ،وتوظيفها في خدمة المجتمع.
أما علي الجانب الإعلامي فإن كليات ومعاهد الإعلام تزخر برسائل الماجستير والدكتوراه التي تتناول القوالب الإعلامية الموجهة لذوي الاحتياجات الخاصة ، وكيفية توظيفهم في إعداد وتقديم هذه القوالب، والصورة الذهنية المشكّلة للجمهور واتجاهاتهم نحو هذه البرامج، وكذلك العوامل المؤثرة في تشكيل هذه الصورة ، ومن ثم يظهر الاتساق واضحًا في نموذج متكامل ثلاثي المحاور ،يندمج فيه الجانبين التربوي والإعلامي كمحور رئيسي ،إلي جانب الفكر الاجتماعي المبدع البنّاء ، والتمويل المادي من الهيئات ومنظمات المجتمع المدني.
أما دون ذلك وهو ما أخشاه ،ستتحول هذه البرامج إلي تربة خصبة للازدراء والسخرية من هذه الفئة الاجتماعية ،بل ستكون أداة عليهم لا معهم في الحط من قدراتهم ومواهبهم،وتشويه صورتهم وما يتبعها من تشويه لصورة الإعلام المصري ، وهو ما لا أحسبه في ظل ثقتي الكاملة في فكر وعقول القائمين علي هذه المبادرة.