الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. أبو الفتوح صبري يكتب.. علاقات مصر التاريخية بالقازاق

صدى البلد

لاحظت خلال عملي خبيرا لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بكلية الدراسات الشرقية جامعة الفارابي الوطنية الحكومية (قازنو) موفد الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية بوزارة الخارجية المصرية، لاحظت أن معظم الطلاب والأساتذة القازاق يتحدثون عن الظاهر بيبرس ويعتزون به باعتباره قازاقي الأصل، ويغيب عنهم جزء كبير من تاريخ العلاقات التاريخية بين مصر وقازاقستان، فعزمت أنن ألقى الضوء على جوانب الشراكة بين العرب والقازاق في الثقافة والفكر والسلوك ولا غرابة.. فقِدَم علاقة الشعوب العربية بالشعب القازاقستاني وعمقها حقيقة تاريخية ثابتة.. تلك العلاقة التي ابتدرها التواصل اللغوي قديمًا، ثم عزّزها دخول الإسلام. كازاخستان جزء مما عرف في التاريخ الإسلامي بـ (بلاد ما وراء النهر) أو وهي الأراضي التي تقع شرق نهر جيحون، وسميت أيضا (بلاد الأترك) نسبة إلى الشعوب التركية التي استوطنت الجزء الشمالي من آسيا الوسطى.

الشعب القازاقي شعب من تلك الشعوب التي تركزت في قازاقستان وإن المتصفح لكتب التاريخ العربية يجد كمًا هائلًا من المعلومات عن الاتصال بين الشعب المصري وشعوب هذه المنطقة وخاصة الشعب القازاقي؛ حيث هناك بعض الباحثين يرجعون تاريخ العلاقة بين مصر وقازاقستان إلى زمن الظاهر بيبرس، والحقيقة أن العلاقة أقدم من هذا بكثير، وفترة الظاهر بيبرس كانت الأهم والأعظم، نعم، لكن العلاقات أقدم من زمنه، واستمرت بعد وفاته، يقول د. محمود فواد في بحث بعنوان (العلاقات التاريخية بين مصر وكازاخستان)(مجلة الدراسات العربية والإسلامية– المجلد الأول– جامعة نور مبارك): إن المتصفح لكتب التاريخ العربية يجد كمًا هائلًا من المعلومات عن الاتصال بين الشعب المصري وشعوب هذه المنطقة وخاصة الشعب القازاقي، ويسرد الباحث هذه الأحداث التاريخية، فمثلا خلال القرنين الثاني والثالث الهجريين في عصر الدولة السامانية(سلالة فارسية حكمت في بلاد ماوراء النهر وأجزاء من فارس وأفغانستان ما بين 74/819-999 م، عاصمتها بخارى) التي حكمت بلاد ما وراء النهر، إلى هذه الدولة ينتمي صاحب أول دولة مصرية مستقلة في العصر الإسلامي وهي الدولة الطولونية التي أسسها أحمد بن طولون، وقد لقب (بأمير الديار المصرية) كما ذكر ابن كثير في كتابه (البداية والنهاية).. وكانت الدولة الطولونية هي إحدى محطات الالتقاء التاريخية بين الشعبين المصري والقازاقي على يد هذا الشاب التركي القازاقي الأصل والمصري الموطن والوفاة.

تأتي الدولة الإخشيدية لمؤسسها الإخشيد أبي بكر محمد بن أبي محمد طغج الفرغاني، وقد ذكر صاحب كتاب (وفيات الأعيان) لابن خلكان أن الخليفة العباسي الراضي لقبه بالإخشيد بعد ولاية مصر، لأنه لقب ملوك فرغانة وتفسيره بالعربية (ملك الملوك)، وكان ملكا حازما حسن التدبير ودفن في بيت المقدس.

واستمر العنصر التركي في مصر في ازدياد حتى تمكن المماليك من الوصول إلى عرش السلطة في مصر، وكانت البداية بعز الدين أيبك ثم سيف الدين قطز الذي يعود أصله إلى ملوك خوارزم الذين حكموا بلاد ما وراء النهر ومنها قازاقستان -كما يقول ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة- ومعروف دوره في صد التتار ووقف تقدمهم بعد سقوط الخلافة العباسية.. يأتي دور عز الدين بيبرس القبجاقي الأصل والمولد، وتولى عرش مصر بعد اغتيال السلطان قطز واستمر 17 في الحكم.. وهو من أعظم من حكم مصر وحقق قفزات على كل المستويات السياسية والاقتصادية والعلمية.