الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تشكيل الهوية المصرية يبدأ من التعليم


شرفت بدعوتي لحضور ورشة عمل برعاية معالي وزير التربية والتعليم، ضمت ورشة العمل جميع موجهي الدراسات الاجتماعية والإحصاء والاقتصاد، والذين حرصوا على التواجد وجاءوا من مختلف محافظات الجمهورية، وتمت دعوتي للمشاركة متحدثةً في تلك الورشة المهنية بصفتي خبيرًا اقتصاديًا.

لا أخفي عليكم إنني منذ أن بدأت فعاليات ورشة العمل، وقد استشعرت وكأنها مطبخ لإعادة تشكيل الهوية الوطنية لدى الطالب المصري، فكل محافظة توضح جهودها في هذا الشأن، وفي ذات الوقت يتلقون التوجيهات التي لا يجب الخروج عنها، وتستهدف في مجملها التأكيد على إنجازات وجهود الدولة، وترسيخ فكر الانتماء والمواطنة.

سعدت بوجودي بين تلك الكوكبة من موجهي ومعلمي مصر.

وجاء دوري للتحدث، وطلب مني أن أنظر سريعًا على منهج الاقتصاد المعني بطلاب الثانوية العامة وأدون ملحوظاتي، وشعرت بالجهود وصدق العزم من السادة المسئولين على أهمية التطوير والارتقاء بالمناهج، والتي ستنعكس بالضرورة على الطالب المصري.

ورغبت أن أشارككم الرأي في تلك الملحوظات، فأول ملحوظة هو أن مادة الاقتصاد تم وضعها كجزء ثاني من كتاب الإحصاء والاقتصاد، إلا إنه من المفترض مع احترامي لجميع خبراء الإحصاء، أن يتم وضع الاقتصاد أولا يليه الإحصاء باعتبار مادة الإحصاء هي مادة تطبيقية، أو يتم الفصل بين المادتين، كلٍ منهما في كتاب منفصل، فالاقتصاد كمادة ستوضح الهدف أولًا، ثم تأتي مادة الإحصاء ثانيًا لتطبق منهجية التعامل.

لفت انتباهي أن واضعي منهج الاقتصاد حرصوا كل الحرص على أن يقطفوا من كل بستانٍ زهرة، لذا ظهر المنهج وكأنه يجمع كافة أطراف الاقتصاد، وهو شيء يحسب لهم، إلا إنهم لم يضعوا ولو كلمة عن المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأهميتها وجهود الدولة لتنميتها والمبادرات المختلفة التي تم تدشينها للارتقاء بتلك المنظومة وتشجيع الطلاب على التفكير في التوجه نحو العمل الحر، كما لم يتم توضيح ماهية دراسات الجدوى للمشروعات، أو خطواتها بصورة مبسطة، وهو الهدف الرئيسي من دراسة تلك المادة.

وإلا لماذا يتم وضعها من الأساس، فالهدف الرئيسي من دراسة مادة الاقتصاد في مرحلة الثانوية العامة هو تأهيل الطالب لفكر الاقتصاد الحر، وحثه على الابتكار والابداع وتحقيق المزيد من الإنتاج ومن ثم خفض معدلات البطالة، وهذا ما لم استشعره من خلال المادة العلمية المقدمة لطلابنا.

وركزت في حديثي عن جهود الإصلاح الاقتصادي، ووفقني الله في توضيح العديد من النقاط بشأن التضخم وطباعة النقود، وسعر الصرف، ولماذا تم التعويم من الأساس، وعلاقته بالاحتياطي الأجنبي، وانعكاسه على الإنتاج والاستيراد.

سعدت كثيرًا بأن منظومة التعليم الجديدة قد بدأ تفعيلها، وأن التابلت أصبح متوفر لأكثر من 60% من الطلاب، كما تم طرح فكرة تدشين بنك المعرفة للمعلم والطالب في ذات الوقت، باللغتين الإنجليزية والعربية.

استشعرت الحث الوطني في التعامل مع منظومة التعليم، من خلال القرارات الوزارية والتوجيهات للسادة موجهي التربية والتعليم والتي لا يجب أن يخرجوا عنها، ومن تسول له نفسه بالحياد فعليه أن يتحمل تبعيات اختياراته، وأحد تلك القرارات التي تم التأكيد عليها والمعني بصورة مباشرة بالانتماء والمواطنة والهوية المصرية، هو التأكيد على استخدام الخرائط المعتمدة لمصر والوطن العربي من وزارة التربية والتعليم، نظرًا لأن هناك مغالطات بشأن خط الحدود الوطني في الخرائط الموجودة على شبكة الإنترنت، وإذا ما تم الاعتماد عليها سيتأثر الطالب وشيئًا فشيئًا يرسخ في وجدانه أن هناك قطع من أراضي الوطن غير موجودة على الخريطة، لذا لزم التأكيد والالتزام.

أعلم أن مشاكل التعليم وأعباؤه كثيرة، لكن لمست العزم على التغيير للأفضل، واستشعرت جهود العمل على تثبيت الهوية الوطنية، وصدق الانتماء والمواطنة لطلابنا، والتي تبدأ حتمًا من المعلم.

وفقنا الله جميعًا لخدمة وطننا، وتحيا مصر دائمًا وأبدًا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط