الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سوريا.. ترامب يخرج وإيران تنتصر!


القرار الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخروج القوات الأمريكية من سوريا، وتبريره لهذا القرار بأنه سبق وأعلن عنه، وأن واشنطن لن تكون شرطي منطقة الشرق الأوسط!

قرار سياسي خاطئ بمعنى الكلمة، ولم يخضع لأي رؤى أو حسابات استراتيجية أمريكية، للأسف ترامب يخطط لوحده. حتى أن وزير الدفاع جيمس ماتيس الذي ما أمسى ترامب يمتدح فيه وفي سياسته المؤيدة أعلن استقالته من منصبه احتجاجًا على هذا القرار.

والحقيقة أننا لا نعارض خروج القوات الأمريكية من سوريا. في هذا التوقيت إلا لأن المشهد هناك مرتبك. ومرتبط بعوامل وعناصر عديدة، فخروج ترامب من سوريا انتصار كبير للقوات المليشياوية الإيرانية هناك وانتصار أكبر للتحالف الروسي الإيراني في دمشق.

وهو ما عبر عنه الرئيس الروسي بوتين بقوله: إن قرار ترامب صائب وهو يؤيده!

وذلك حتى تخلو له ولحلفائه من الإيرانيين الأجواء في سوريا.

انسحاب ترامب من سوريا للأسف تداعياته خطيرة للغاية على الصراع الدموي الرهيب في سوريا منذ 7 سنوات أو بالأحرى المأساة الانسانية هناك:

فهو انتصار لإيران وهروب أمام ميليشياتها وإفساح الطريق لها على الأرض للسيطرة على مناطق لم تصل إليها في شمال سوريا من قبل.

كما أنه ضوء أخضر لقوات داعش بالتقدم نحو قوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع واشنطن. وقد عبرت هذه القوات صراحة، عن أنها لن تقف أمام داعش بعدما خرجت واشنطن وأنها لن تتصدى لداعش في حال قرر أردوغان ضرب هذه القوات وقصفها.

القضية الثانية أن وجود أمريكا في سوريا. كان الغرض منه إحباط الهم الإيراني المتسارع لإكمال الهلال الشيعي الممتد من إيران ومارًا بالعراق وصولا إلى سواحل سوريا على البحر المتوسط.

مشكلة ترامب أنه ينظر إلى القوة الأمريكية نظرة تاجر، ويبحث قبل أي شىء عن تكاليف خروجها وتكاليف دخولها وتكاليف بقائها، وهذا يتعارض مع حقيقة ومتطلبات الامبراطورية الأمريكية.

في نفس الوقت، فإن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا بقرار منفرد من ترامب يعقد الأوضاع السياسية على الساحة السورية، كما أنه سيعيد الأمور إلى نقطة الصفر، ويمسح باستيكة كل ما بنته واشنطن خلال العام ونصف العام الأخير؟

أما ماذا تكسب واشنطن؟ فلا شىء على الإطلاق، للأسف ترامب يدغدغ بهذا القرار الرأي العام الأمريكي بأنه سيعيد الجنود الأمريكان للداخل مرة ثانية!

المثير أن ترامب وطوال العام والنصف الأخير من سياسته لم يتحدث أبدا عن انسحاب أمريكي بهذا الشكل، ولكن إدارته هى ما كانت تصر ولا تزال في بياناتها على خروج ميليشيات إيران من سوريا، باعتبارها ميليشيات إرهابية.

لكن إيران ردت آنذاك على هذه المطالب، بأن الوجود الإيراني على الأراضي السورية بقرار من حكومة بشار الأسد وطبعا هى مزاعم وأكاذيب بغرض إطالة البقاء وتحقيق أكبر مكاسب ومغانم إيرانية.

للأسف وسط لعبة الشطرنج الدائرة الآن أو لعبة الحياة والموت، فلا يمكن لترامب اتخاذ قرار كهذا منفردًا. وعلى الإدارة الأمريكية أن تراجع قرارها وتبحث في الخريطة المتواجدة على الأرض لترى من سيحل مكان خروج القوات الأمريكية، وهى في الغالب ستكون إيران.. فهل هذا يرضي ترامب؟!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط