«قد بلغت من شدة عدم اكتراثي، أن تمنيت في النهاية أن أقبض على دقيقة واحدة أحس فيها أن شيئا ما يستحق الاهتمام» بهذه العبارة لخص الفيلسوف الروسي فيودر ميخايلوفيتش دوستويفسكي حياته، معربا عن سخطه من كل شىء خاصة بعد أن سيطر عليه الحزن وجعله زاهدا في كل شيء وعزله عنالعالم بأكمله.
احتقر دوستوفيسكي الذي تحل ذكرى وفاته اليوم الحياة ودفع دراسته للطب لقناعة أن الإنسان ليس إلا جسدًأ سيبلى يومًا ما، معتبرا أن الإنسان الذي لا يملك أن يصير حيًا مع الأحياء، ولا ميتًا مع الأموات ليس شقيًا فحسب، ولا طريدًا فحسب، ولكن مغلول اللعنة!»
ولد دوستويفسكي في 11 نوفمبر عام 1821، وكانت حياته فقيرة حزينة تكاد تكون مأساوية، ولم تكن كتاباته الحزينة إلا وصفا لما مر به.
قدم الفيلسوف الروسي، تحليلًأ عميقًا للنفس البشرية لم يتكرر، فكتب روايته الأولى "المساكين"، في سانت بطرسبرج حيث كان يعيش، وألقي القبض عليه في عام 1849 لانضمامه لرابطة تناقش الكتب الممنوعة التي تنتقد النظام الروسي الحاكم وتم الحكم عليه بالإعدام.
ولكن تم تخفيف الحكم فقضى 4 أعواممن الأعمال الشاقة، و6 سنوات قضاها في خدمة عسكرية قسرية في المنفى، وصفها فى أحد كتبه بقوله «في الصيف، أجواء لا تطاق و في الشتاء برد لايحتمل.. كل الأرضيات كانت متعفّنة، القذارة على الأرض يصل ارتفاعها إلى بوصة، من السهل أن ينزلق الشخص ويقع، كنا محزومون كالسردين في برميل، لم يكن هناك مكان تذهب إليه من المغرب إلى الفجر، كان المستحيل ألا نتصرف كالخنازير، البراغيث، القمل، الخنافس السوداء كانت متواجده بمكيال الحبوب».
«"إن الموهبة عندنا في بلادنا مالها إلا الذبول والضياع لا محالة!» بهذه العبارة عبر الفيلسوف الروسي عن وضع الموهوبين ببلاده حيث كان يشعر بعدم الاهتمام أو تقدير موهبته فظن أن كتاباته وكتبه سيرثى عليها الزمن وتصبح لا شئ، مجرد أوراق فيها كتابات، ولم يتخيل أن يصبح من أهم الفلاسفة في روسيا والعالم، وترجمة أعماله إلى أكثر من 26 لغة.
أدرك دوستويفسكي «إن السعادة لا يصنعها الطعام وحده، ولا الثياب الثمينة، ولا الزهو والحسد، وإنما يصنعها حب لا نهاية له» ووفق هذه النظرية التي اخترعهالنفسه بحث عن الحب كثيرا في زوجته الأولى والثانية وفي علاقتين بفتاتين غير شرعيتين أحب إحداهما ولكنها كانت مغرورة ومتعجرفة رفضت الزواج منه وحرقت كل ما بينهما من رسائل وكتابات.
في الأعوام الأخيرة من حياته واجه دوستويفسكي الكثير من الصعوبات المادية بعد سفره لبلاد أوروبا الغربية ولعب القمار، وأعلن إفلاسه فاضطر بعدها إلى التسول لجمع مال يبقيه على قيد الحياة، حتى توفي في التاسع من فبراير عام 1881 بسبب إصابته بالتهاب رئوي وتزايد أزمات الصرع.