الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الخميني.. الميت الحي


من بين الظواهر الإنسانية والسياسية والدينية التي ميزت القرن العشرين. ظهور آية الله الخميني على مسرح الأحداث بعد الثورة التي قادها على حكم الشاه في عام 1979.

وإذا كانت الثورة في حد ذاتها أصبحت تاريخا لا تزال أحداثه ووقائعه المأساوية يتوالى ذكرها حتى الآن. فإن تداعيات هذه الثورة التي قادها الخميني ونتائجها داخل إيران وخارجها لا تزال حية متوهجة تثير الأسى وتبعث بالتساؤلات.

والحاصل أن الخميني عندما كان يشحذ الجماهير الإيرانية لثورته وعدهم بالفردوس والجنة. وبالقضاء على الاستبداد وبحياة ديمقراطية مختلفة وتوزيع عادل لثروات إيران.

هكذا كان الخميني رجل الدين يقول، عندما كان في فرنسا ويحشد أنصاره للثورة على الشاه في عموم إيران.

لكن الوضع تغير تمامًا بعدما أصبح الخميني هو حاكم إيران ومرشدها الأعلى.

فالفردوس الأعلى الذي وعد به الإيرانيين أصبح قمعًا رهيبًا داخل إيران والاقتصاد الذي كان يقول الخميني إنه كان متدهورا، تردى إلى درجة غير متصورة.

وفي الذكرى الأربعين لثورة الخميني الميت الحي الذي يحكم إيران.

هناك أسئلة عديدة تحيط بثورته وما تحقق منها داخل إيران. وما ظهر خارجها.

السؤال الأول

هل نجحت ثورة الخميني الدينية التي غيرت إيران إلى الجمهورية الإسلامية في إقرار نظام ديمقراطي حقيقي؟

الإجابة لا.. إنها خلفت نظاما شديد القمع. لا نظير له وقبل ساعات أصدرت مؤسسة دولية تقريرًا مرعبا. يؤكد أن الملالي اعتقل نحو 1.7 مليون إيراني منذ قامت الثورة. كما أن هناك آلافا ثبت الفتك بهم في حضور الخميني فيما عرف بمجزرة المثقفين. ولا تزال أصداؤها حية.

السؤال الثاني

هل استطاعت ثورة الخميني أن تحول طهران إلى جمهورية إسلامية حقيقية؟

الإجابة لا . لقد صك الخميني الاسم، أما داخل إيران فإن تصرفات النظام الحاكم أبعد ما تكون عن التدين الحقيقي. وهناك شرخ كبير في إيران بين مواطني ايران والنظام الحاكم. وبين إيران والدولة الإسلامية وفق المنظور المتخيل.

الأسوأ من ذلك أن الصورة الذهنية التي تشكلت في العقل الجمعي العربي والعالمي. عن إيران الإسلامية صورة شديدة السلبية عن دولة غنية في النفط ولكنها بائسة في المستوى المعيشي وهناك ملايين يقبعون في المقابر وعشش الصفيح داخل أحياء طهران!

السؤال الثالث

إن الخميني بعد نجاح ثورته وظهور دولته لم يستطع ان يقود هو أو من جاء بعده أي تصور حديث لدولة إسلامية أو مستمدة من النظام الاسلامي كما يحلو له. ولكنه قدم نظاما دينيا قدس شخصية واحدة هو الولي الفقيه وهو الحاكم بأمره في طهران لا يحاسب ولا يعزل ولا يرحل.

وهى مشكلة ضخمة للغاية، خصوصا وأنه تُلقى عليه هالات التقديس والتعظيم طول الوقت.

فنموذج الخميني رغم مرور أربعة عقود، فشل في خلق دولة قوية.

السؤال الرابع

وهو خاص بأزمة إيران الإسلامية مع جيرانها. فالمعروف أن كل زعيم أو حاكم يهتم بتوفير الحياة الكريمة لشعبه. والنهوض بمستوى المعيشة والتنمية لأفراده.

وفي حال دولة الخميني، كان الوضع مختلا بشكل كبير.

فالرجل كان يركز على الخارج أكثر من الداخل وابتدع فكرة تصدير الثورة. وتمادى فيها دون أن يعينه أحد حاكما على العالم الاسلامي او ملكا على كل المسلمين.

وبفكرة تصدير الثورة هذه خسرت إيران الكثير وخسر جيرانها أكثر. فقد تورطت في حروب وصراعات وأعمال دموية عديدة في العراق واليمن وسوريا ولبنان وقبلهم في أفغانستان.

السؤال الخامس

وهو يتعلق بمستقبل ثورة الخميني في ذكرى مرور أربعين سنة على ثورته. الحقيقة أن كل التوقعات تؤكد أن مستقبل إيران في ظل هذا النظام قاتمة. لأنه يقوم على فكرة تصدير الثورة ودعم الميليشيات المساندة له ومساندة أنظمة قمعية والتحرك بفكر عدواني. كما أنه يحيا في مواجهة عقوبات أمريكية صارمة. غرضها أن تدفعه ليعود لرشده ويتوقف عن تصدير ثورته وأيديولوجيته.

والختام.. الشعب الإيراني لم يجن من ثورة الخميني سوى سوء الحال وتدهور المعيشة نتيجة أفكار ظلامية أحاطت بالخميني وأحاطت بجمهوريته.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط