الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العدو من الداخل.. السمنة تطيح بكفاءة أقوى جيوش العالم.. ثلثا أفراد القوات المسلحة الأمريكية يعانون من زيادة الوزن.. الكسل والألعاب الإلكترونية مشكلة حقيقية في الصين.. وعقوبات رادعة للبدناء في الهند

جندي ألماني بدين
جندي ألماني بدين

  • الجيش الأمريكي ينفق 1.5 مليار دولار سنويًا لعلاج المضاعفات الصحية للسمنة
  • %20 من المتقدمين للتجنيد في الصين عام 2017 فشلوا باختبارات اللياقة
  • إحالة العسكريين البدناء للتقاعد المبكر في المكسيك
  • دراسات تكشف أن حياة الخطر والضغوط العصبية تؤدي إلى عادات غذائية سيئة

نشرت شبكة "بي بي سي" البريطانية تقريرًا سلطت فيه الضوء على عدو خطير وغريب في آن، تواجهه معظم، إن لم يكن كل جيوش العالم، رغم أنه ليس مدججًا بأي سلاح ولا حتى يخوض أي معارك، لكنه في الوقت نفسه يؤثر على كفاءة الجيوش وجاهزيتها لخوض معاركها، إنه السمنة والوزن الزائد.

وبحسب "بي بي سي"، أظهر تقرير نشرته مؤسسة راند الأمريكية، المعنية بأبحاث السياسات العامة، أن حوالي 66 في المائة من أفراد القوات المسلحة الأمريكية يعانون من زيادة الوزن أو السمنة المفرطة، على الأقل بالنسبة للمقاييس العسكرية التي تعتمد على قياس كتلة الجسم "وهي طريقة لحساب ما إذا كان الوزن يتناسب مع الطول".

وتتزامن هذه الدراسة مع تراجع الأعداد المتاحة للتجنيد، إذ أعلنت القيادة العامة للجيش الأمريكي عام 2017، أن 11 في المائة فقط من الشباب بين سن 16 و24 عامًا "الشريحة العمرية المثلى للتجنيد" يرغبون في الانضمام للجيش.

وما يزيد الطين بلة أنه يتم استبعاد واحد من بين كل ثلاثة متقدمين بسبب الوزن غير المناسب.

وأوضح الجنرال جيفري فيليبس، العام الماضي أن الجيش الأمريكي ينفق أكثر من واحد ونصف مليار دولار سنويًا لعلاج المضاعفات الصحية الناجمة عن السمنة، وتجنيد المزيد من الأفراد ليحلوا محل غير اللائقين.

مشكلة متفاقمة في الصين
الكثير من الوجبات السريعة من بين العوامل التي خلص إليها الجيش الصيني باعتبارها مانعة للياقة المتقدمين للتجنيد، ونشرها العام الماضي في صحيفة "جيش التحرير الشعبي"، التي تديرها القوات المسلحة الصينية.

وذكرت الصحيفة أن النظام الغذائي السيئ، وأسلوب الحياة الكسول، هي العوامل التي تجعل المجندين الشباب غير لائقين جسديا للانضمام للجيش.

ويرجع الأمر، على حد وصف الصحيفة، "للجلوس لفترات طويلة أمام الألعاب الإلكترونية، وعدم ممارسة أي نشاط رياضي".

ورغم التهاون في شروط التجنيد، ذكرت السلطات أن عشرين في المئة من المتقدمين عام 2017 فشلوا في الاختبارات المتعلقة بالوزن.

كما ذكرت الصحيفة أن بعض الأفراد لم يستطيعوا اجتياز اختبار الجري لمسافة خمسة كيلومترات.

معاناة في إيران
وبحسب موقع "جلوبال فاير باور"، المتخصص في الشئون العسكرية، فإن عدد المجندين العاملين في إيران يزيد على نصف مليون فرد.

لكن مقالا نشرته دورية "بي إن سي" للصحة العامة، في يناير الماضي، ذكر أن نسبة السمنة بين الجنود الإيرانيين بلغت 13 في المائة، وأن 41 في المائة من الأفراد وزنهم زائد.

مأساة بريطانية
في نوفمبر الماضي، سلطت الصحافة البريطانية الضوء على المشاكل المتعلقة بالسمنة، بعد تسريب أخبار بأن قاعدة كاتريك العسكرية، واحدة من أكبر القواعد في البلاد، تخضع لمراقبة شديدة.

ومُنع الجنود المتمركزون في القاعدة من شراء الوجبات الخفيفة من أحد المخابز المجاورة.

وتزامن هذا التسريب، الذي أظهر نهم العسكريين لتناول الوجبات السريعة، مع إحصائيات وزارة الدفاع التي أظهرت أن حوالي عشرة في المائة من الجنود البريطانيين يعانون من سمنة مرضية.

كما حذر الخبراء من النفقات التي قد يتكبدها الجيش جراء هذه الزيادة في أوزان الأفراد، إذ قال اللورد ماكول، جراح وعضو في مجلس اللوردات، إن مقاعد النجاة في الطائرات، ومركبات النجاة في الغواصات ستحتاج إلى الاستبدال لتناسب أحجام الجنود.

وقال في جلسة برلمانية في فبراير الماضي أن "وباء السمنة المستشري الآن بين الجنود هو أكثر أشكال اضطرابات الأكل خطورة على الإطلاق".

إجراءات رادعة في الهند
في أبريل الماضي، وضع الجيش الهندي قواعد صارمة لمواجهة السمنة بين الجنود، وتضمنت هذه الإجراءات، التي تستهدف زيادة وزن الضباط والجنود، المنع من الترقيات والمهام في الدول الأجنبية.

وذكرت دراسة عام 2016 أن ثلث الجنود في الهند يعانون من الوزن الزائد.

كما تتضمن الإجراءات استهداف مواقع بعينها، والتفتيش المفاجئ، وعقوبات على الأفراد الذي يتجاوزون الوزن المثالي بأكثر من عشرة في المائة.

ونقلت جريدة الهند اليوم عن أحد ضباط الجيش: "لا نريد أن يعاني رجالنا من الأمراض المتعلقة بأسلوب الحياة التي تسببها السمنة. كما يؤثر هؤلاء على كفاءة العمليات الميدانية".

أوجاع إسبانية
لم تعد قمصان كتيبة "لا ليجيون" تتصدر عناوين الصحف منذ العام الماضي، إذ أُخضع أكثر من ثلاثة آلاف من أفرادها لاختبارات إجبارية لتحديد كتلة الجسم الخاصة بهم.

وأظهرت الاختبارات أن ستة في المئة منهم يعانون من السمنة، وأُلحقوا ببرامج حمية غذائية.

أحزمة أضيق وخصور أكبر
وفي جنوب أفريقيا، أظهرت أحدث إحصائيات الخدمات الصحية العسكرية، والتي ترجع لعام 2012، أن حوالي عشرة في المائة من أفراد القوات المسلحة في البلاد يعانون من السمنة، وحذر الخبراء العسكريون من أن هذا الأمر يشكل عبئًا على استعداد القوات للقتال.

وكتب الخبير العسكري جريج ميلز مقالًا في إحدى الصحف المحلية، قال فيه إن "عشرة في المائة فقط من أفراد الجيش، البالغ عددهم 76 ألفا، لائقون طبيا للقيام بالمهمات العسكرية. وبالنظر إلى ظروف التدريب والتبادل، فإن ألفين فقط من الأفراد هم المتاحين لتنفيذ المهام".

التقاعد المبكر في المكسيك
كذلك تواجه القوات المسلحة المكسيكية مشاكل تتعلق بأوزان الأفراد، وفي عام 2015، أحالت المؤسسة أكثر من 1300 من أفرادها للتقاعد المبكر بسبب زيادة معدل كتلة أجسامهم على 35. كما وجهت 12 ألفًا من الأفراد بحتمية استعادة لياقتهم.

وذكر تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام 2015 أن المكسيك لديها ثاني أكبر نسبة سمنة بين أفراد الجيش، من بين جيوش 35 دولة، إذ تبلغ نسبة السمنة 4.32 في المائة من إجمالي عدد الجنود، وتسبقها الولايات المتحدة بنسبة 2.38 في المائة من إجمالي عدد الجنود.

ما حجم المشكلة؟
نظريا، يتعين على العسكريين أن يكونوا أكثر لياقة من المدنيين بفضل التدريبات الرياضية التي يقومون بها، لكن هناك الكثير من الأمثلة المخالفة لهذه الفرضية، وحاولت الكثير من الدراسات الأكاديمية تفسير هذا الأمر.

وإحدى أكثر الفرضيات انتشارًا هي أن العسكريين أكثر عرضة للضغط النفسي، وخطر الموت والإصابة، بجانب الحرمان المتكرر من النوم، وكلها عوامل تتسبب في اتباع عادات غذائية مضرة.

والثابت حتى الآن هو أن الدهون أثبتت شراستها كعدو للجيوش حول العالم.