الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تاريخ ممتد من دمشق إلى حلب.. المسجدان الأمويان أحدهما بني على أنقاض معبد وثني والأخر تحفة إسلامية رائعة..صور

صدى البلد

رغم الأحداث التي تعيشها سوريا، ستظل ذات تاريخ عريق وكبير، حيث تنتشر بين ربوعها منشأت تاريخية وأثرية كثيرة، ومنها مسجدين يحملان نفس الاسم لكن في مدينتين مختلفتين، حيث يوجد المسجد الأموي في كل من دمشق وحلب.

هذا التاريخ كشفه لنا كشف د.محمد عبد اللطيف، أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق، حيث قال أنه للمسجد الأُموى بدمشق قصة تدل على عظمة الدولة الإسلامية وقوتها.

وتابع قائلا لموقع صدي البلد: هذا المسجد يقوم فوق بقعة مقدسة أصلها معبد وثنى،ثم أقام عليها المسيحيون كنيسة القديس يوحنا التى تهدمت،فأقام مكانها الخليفة الأموى الوليد بن عبد الملك هذا المسجد.

أما القصة فهى أن الوليد استقدم لبناء الجامع الجديد عددًا كبيرًا من الصناع والبنائين من مختلف أنحاء العالم الإسلامى،وقيل أنه كتب إلى ملك الروم يأمره أن يوجه إليه مائتى صانع من بلاده،وأن ملك الروم أجابه إلى ما طلب.

وحين أراد الوليد تجديد الجامع بعد فترة من البناء كتب إلى ملك الروم قائلًا : "إنا نريد أن نعمر مسجد نبينا الأعظم فأعنا فيه بعمال وفسيفساء"،فبعث إليه الإمبراطور بأحمال من فسيفساء وبضعة وعشرين عاملًا.

وذكر ابن جبير أنه وجه إلى ملك الروم بالقسطنطينية يأمره بإرسال اثنى عشر ألفا من الصناع من بلاده،وتقدم إليه بالوعيد فى ذلك إن توقف عنه،فامتثل ملك الروم لأمره مذعنا،وذلك بعد كثير من المراسلات المتبادلة مع الوليد بن عبد الملك.

ويعتبر المسجد الأموى بدمشق من أهم العمائر التى تنسب إلى الأمويين،فقد شيده الخليفة الوليد بن عبد الملك بين عامى 88 : 96هـ/ 707 : 714م،والمسجد مستطيل التخطيط وله ثلاثة مداخل محورية،كما توجد فى أركانه أربعة أبراج تعتبر المآذن الأولى فى الإسلام ولاتزال إحداها باقية إلى الآن وهى الموجودة فى الركن الجنوبى الغربى.

ولقد عنى الوليد بن عبد الملك ببناء جامع دمشق حاضرة الدولة الأموية عناية كبيرة وبلغ فى بنائه الغاية فى التألق والإتقان،وجعل منه بحق تحفة من تحف فن العمارة الإسلامية فى عصر مبكر لم يكن فيه للمسلمين آثار تذكر.

واستغرق بناء الجامع ثمانى سنوات وأنفق فيه نفقات كثيرة،وقيل أنها بلغت مائة صندوق فى كل صندوق ثمانية وعشرون ألف دينار ومائتا ألف دينار،فلما تم بناء المسجد قال الوليد بن عبد الملك لأهل دمشق: (يا أهل دمشق أنكم تفخرون على الناس بأربع: بهوائكم ومائكم وفاكهتهم وحماماتكم. فأحببت أن أزيدكم خامسة)وهى هذا المسجد.

وتابع عبد اللطيلف:وحين يذكر المسجد الأموى يتبادر مباشرة إلى الذهن المسجد الأموى فى دمشق،حيث انه الأكثر شهرة بين الآثار الإسلامية فى سوريا بل وفى العالم أجمع،ولكن يوجد مسجد آخر يحمل نفس الاسم ولا يقل عظمة وجمالًا عن مسجد دمشق ألا وهو المسجد الأموى فى مدينة حلب السورية أيضًا.

ومدينة حلب من المدن التاريخية العريقة،وإن كان قد اختلف المؤرخون فى بدايتها ونشأتها،حتى إن بعضهم ذكر أنها ترجع إلى أيام سيدنا إبراهيم الخليل أبى الأنبياء عليه السلام ، بل بالغ بعضهم وذكر أنها أقدم مدينة فى التاريخ.

ومدينة حلب تعد من أكبر القلاع الحربية الباقية حتى الآن،ويأتى فى المقام الثانى فى الشهرة من أثار حلب هذا المسجد الأموى،أو ما يعرف باسم جامع بنى أمية أو أحيانًا يطلق عليه الجامع الكبير فى حلب ، وهو علامة تاريخية هامة لدارسى تاريخ المساجد وعمارتها وأشكالها وأنماطها ويقع فى غرب قلعة حلب الشهيرة.

وقد اختلف المؤرخون فى نسبة بناء المسجد الأموى فى حلب،فقال بعضهم أن الذى بناه هو الوليد بن عبد الملك وهو الذى أيضًا قام ببناء المسجد الأموى فى دمشق،وذلك ضمن سلسلة من الأبنية الرائعة التى أراد بها الوليد تخليد اسمه فى التاريخ.

أما البعض الآخر ذكر أن الذى قام ببناء المسجد الأموى فى حلب ليس الوليد،وإنما شقيقه سليمان بن عبد الملك الذي أراد بهذا البناء منافسة شقيقه الوليد،فاهتم بهذا الجامع واعتنى به عناية فائقة وأنفق عليه أموالًا ضخمة وجعله تحفة فنية رائعة فى جمالها وسعتها وإتقانها.

وقد تعرض المسجد الأموى فى حلب لكثير من الكوارث وخاصة الحرائق،إلا أن كثير من سلاطين المماليك والأتراك اهتموا به وقاموا بترميمه وتوسعته،حتى أصبح تحفة فنية أثرية تفخر بها الحضارة الإسلامية.

ومن أهم معالمه الحالية مئذنة المسجد التى تعد من روائع المآذن فى العالم الإسلامى،وترتفع حوالى 30 مترًا وبها 174 درجة سلم كما أنها مربعة الشكل ويبلغ طول الضلع الواحد ثلاثة أمتار ، ويوجد على أضلاعه الأربعة نقوش حجرية بديعة الصنع مقسمة إلى مربعات تتخللها زخارف هلالية تقوم على أعمدة.

ويبلغ طول المسجد الأموى فى حلب 150 متر وعرضه 100 متر وله أربعة أبواب تؤدى إلى مجموعة كبيرة من أسواق حلب التجارية الأثرية وجدران المسجد سميكة تصل إلى أقل من المترين وارتفاعها قرابة تسعة أمتار.

ويلفت النظر فى المسجد الأموى فى حلب شيئان هامان أولهما المنبر الرائع للمسجد وكذلك المحراب الكبير وهو من الحجر الأصفر الفخم ، أما الشئ الثانى فيوجد به قبر سيدنا زكريا عليه السلام.