الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شواطئ العراة بالنمسا والتحرش في مصر


كنت مسؤولا عن إعداد نشرة الأخبار في إحدى القنوات التلفزيونية وتوقفت عند خبر - أثارني كثيرا - وهو احتلال مصر للمرتبة الثانية بعد أفغانستان في التحرش الجنسي، وفضلت أن أجعل هذا الخبر في آخر النشرة الإخبارية، لقناعتي أن هناك العديد من المشاهدين يحرصون على مشاهدة ذلك الخبر الأخير، خاصة في النشرات القصيرة، حيث إنه غالبا ما يكون رياضيا في أغلب تلك نشرات الأخبار، والتي لها جماهيرية كبيرة، بالإضافة لقناعتي أن الخبر الأخير يعلق لدرجة ما في ذهن المشاهد. 

كانت صدمتي كبيرة في هذا الخبر، وكانت صدمتي أكبر في تحليل البعض لما آل إليه الحال في المجتمع المصري، وخاصة لهذه الظاهرة التي تتكامل مع مجموعة أخرى من الظواهر لتعكس حالة واقع يدمي النفس، يدفع للسؤال عن الأسباب ودراسة الظواهر دراسة متأنية تنتهي بتفسير شامل وحلول يتم تطبيقها على مدار دورات زمنية تنتهي إلى إعادة المجتمع المصري إلى ما كان عليه مرة، مضيفة له قِيَمًا جديدة تتناسب والعصر أخرى. 

مما قيل – تفسيرا لهذه الظاهرة - وأدهشني، المُتَضَمَّنَة في ذلك الخبر أن السبب يكْمن في ملابس الفتيات والسيدات التي تبرز مفاتنهن، تلك التي حرّم الشرع - ونحن نؤمن بذلك - ظهورها، المثيرة للفتنة، وربما كان ذلك، أي ارتداء الفتيات والسيدات ملابس تبرز مفاتنهن - حقيقة ولكنه لا يرقى ليكون سببا وحيدا او أخيرا فضلا عن الأول، في أن تحتل مصر المرتبة الثانية في تلك الظاهرة " التحرش " ففي ذلك تسطيح مخل بالقضية. 

أتذكر أيام كنا في جامعة المنصورة في النصف الثاني من عقد الثمانينات، وفي مبنى كلية الآداب الذي كان منفصلا عن الجامعة، حيث كان مبنىً أنيقًا، كان المشهد قريبا من كرنفال لأزياء الطالبات، وأحيانا الطلبة، فكنا نشاهد اللباس الأقرب للريفي، بحكم الموقع الجغرافي للجامعة، إضافة لما اصطلح تسميته " زيًّا إسلاميا " - حجابا كان أو نقابا - بالإضافة لأحدث خطوط الموضة التي كانت ترتديها بنات الطبقة العليا، والتي كان بعضها عاكسا لرومانسية! الطالبة ورقتها، كاشفا - أحيانا- للساقين، مُظْهِرًا من جيب الفستان جزءًا من أعلى الصدر، والتي كان بعضها الآخر متجها نحو الواقعية العملية التي تستخدم " الجينز ": بنطالا وبلوزة، ولم أتذكر مرة واحدة أني رأيت تحرشا، أو سمعت لفظا نابيا من زملائنا لأية زميلة، ولا تعليقا على تلك الأزياء، اللهم إلا تلك التي كانت تخرج من زملائنا المنتمين للتيار الإسلامي؛ الذين كانوا يرون أن واجبهم الديني يحتم عليهم النصيحة بالدعوة للالتزام ب " الزي الإسلامي !" والتي كانت تجد أحيانا استجابة من زميلاتنا، وأحيانا أخرى لا يُلْتَفَتْ إليها. 

وعلى ذكر الأزياء وإظهار مفاتن الفتيات والنساء ننتقل هنا إلى النمسا، خاصة في فصل الصيف، ذلك الذي يتحرر فيه الأوربيون عموما من قيد تلك الملابس التي لابد أن تكون ثقيلة في فصل الشتاء القارس البرودة، وما أن ترتفع قليلا درجة الحرارة إلا ورغبة شديدة لديهم: نساء ورجالا فتياتٍ وفتيانا في أن تلفح الشمس جلودهم، راغبين- أحيانا - في الحصول على لون البشرة البرنزي، الذي يفشلون غالبا في الحصول عليه، حيث أن الشمس عصية عليهم حتى في فصل الصيف، الذي تتلبَّد فيه السماء بغيوم ما تبرح أن تقذف البلاد بأمطار ربما تستمر أياما. 

يتحرر النمساويون والنمساويات من الجزء الأعظم من الملابس التي لا تكاد تغطي إلا أجزاء يسيرة للغاية من أجسادهم، وأحيانا لا تغطي شيئا مطلقا، في تلك الشواطئ التي يظهرون فيها كيوم ولدتهم أمهاتهم أعني بها شواطئ العراة، وهذه الصورة التي أنقلها الآن بدرجة حريصة على الأمانة، لا يتلصص فيها رجل على امرأة ولا شاب على فتاة، فضلا عن ذلك التحرش الذي احتلت فيه دولة كمصر- نفخر بتدين شعبها!!- المرتبة الثانية في هذه الظاهرة البشعة، زاعمين أن سبب ذلك هو تلك الفتنة التي تصيب الوحوش البشرية لدينا والتي سببها إبراز مفاتن الضحية. 

ولعل ما أثبته هنا ما يدفع لمراجعة الأسباب المؤدية لتلك الظاهرة في بلادنا، والتي امتدت إلى المجتمع الأوربي؛ الذي صُدِمَ في فعل بعض اللاجئين العرب! الذين تحرشوا بنساء ألمانيا - في الاحتفال بأعياد رأس السنة - التي استقبلتهم، وكانت صدمتهم أشد حينما برر " داعية! " ذلك بتلك العطور التي تَتَطَيَّبُ بها نساء وفتيات ألمانيا المثيرة للشهوة!! تلك الشهوة التي لا تدفع الأوربي للتحرش، ولكنها دفعت هؤلاء القادمين من الشط الآخر للمتوسط للإتيان بهذا الفعل المشين.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط