الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أنصر اقتصادك .. منهارًا أو مزدهرًا(2)


تطرقت في الجزء الأول من مقالي "أنصر اقتصادك...منهارًا أو مزدهرًا" إلى قدرة الدولة على الوفاء بإلتزاماتها الخارجية قبل عام 2011، وقمت بتحليل الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالاقتصاد المصري عام 2014، لتشكل ضغوطًا أكدت على أنه لا مفر من اللجوء إلى أصعب إجراءاتالإصلاح الاقتصادي التي حاولت الحكومة المصرية تجنبها تكرارًا، وذلك بهدف إنقاذ الدولة من براثن الإفلاس إن لم تتبع تلك الإجراءات القاسية، ومنها إلى قرار استخدام القروض في أغراض التنمية، وذلك بهدف عودة الحياة إلى الاقتصاد المصري الذي قارب على الانهيار، لتصبح تلك القرارات لا عودة فيها.

وسأتناول في هذا الجزء من المقال خطواتنا التنموية في إطار التوجه نحو الاقتراض، ليتبقى لنا الجزء الاخير من المقال، وهو ما يحتاجه الاقتصاد المصري كي يستشعر المواطن ثمار التنمية.

وسأبدأ الجزء الثاني من مقالي، كما بدأت الجزء الأول منه، وهو تحليل وضع الديون الداخلية والخارجية ولكن وفقًا لأحدث البيانات، لقد تناولت وضع الديون الخارجية والداخلية عام 2010، أي قبل عام 2011، وكانت في الحدود الآمنة، وكنا قادرين على الوفاء بإلتزاماتنا من فوائد وأقساط، إذ بلغت إجمالي الأقساط والفوائد المستحقة على الاقتصاد المصري نحو 150 مليار جنيه، وهو ما يعادل حوالي 27 مليار دولار إذا ما اعتبرنا الدولار يعادل 5.6 جنيه عام 2010، وإذا ما اعتبرنا أن الدولار قفز ليصل إلى حوالي 8 جنيه إي قبل التعويم فسيصل إلتزام مصر للوفاء بأقساط وفوائد الديون الداخلية والخارجية نحو 18.5 مليار دولار سنويًا.

ووفقًا لأحدث تقارير البنك المركزي، بلغت إجمالي القروض الخارجية نحو 96 مليار دولار وهي ما تمثل 1.6 تريليون دولار إذا ما اعتبرنا الدولار يعادل 17 جنيها مصريا حتى مايو 2019، وبلغت إجمالي القروض الداخلية نحو 4.1 تريليون جنيه، وبالتي قيمة الديون الداخلية والخارجية المستحقة على مصر وصلت إلى حوالي 5.7 تريليون جنيه وفقًا لأحدث تقارير البنك المركزي.

قبل أن أدرس الوضع العالمي للديون أعترف أن هذا الرقم بالنسبة لي "كان مرعب"، لكن بعد القراءة حول ذلك، يكفيني أن أذكر لحضراتكم أن تنمية الاقتصاد العالمي قائمة على القروض، فالدول الأكثر تقدمًا هي الدول الأكثر اقتراضًا، وسبق أن كتبت سلسلة مقالات في ذلك الشأن وتم نشرها تباعًا في إحدى كبريات المجلات المتخصصة في الشأن السياسي الدولي.

لأعود إلى المعيار الأهم في موضوع الديون الداخلية والخارجية، ألا وهو القدرة على السداد، واستخدام تلك القروض في مجال تنمية الاقتصاد، فوفقًا للموازنة العامة للدولة، مقدر لمصر أن تقوم بسداد أقساط وفوائد على القروض الداخلية والخارجية تصل قيمتها إلى حوالي 817 مليار جنيه، وهذا الرقم يعادل نحو 48 مليار دولار وفقًا لموازنة 2018/2019 إذا ام اعتبرنا أن الدولار يعادل نحو 17 جنيها، وبالتالي وصلت نسبة أعباء الدين العام (فوائد وأقساط ديون) من الزيادة في إجمالي الناتج المحلي حوالي 70%.

هل تذكرون تلك النسبة عام 2010، كانت حوالي 75%، أي أن نسبة إلتزامات مصر من فوائد وأقساط على القروض الداخلية والخارجية بالنسبة للزيادة في الناتج المحلي كانت أكبر، وبالتالي نستطيع أن نقول أن معدل نمو الاقتصاد المصري في ضوء ما عليه من قروض وأقساط للديون، عام 2018/2019 أفضل مما كان عليه الوضع عام 2010/2011.

وبالتالي هناك تطور في الاقتصاد المصري، ونحقق فائض تنموي أكبر مما كنا نحققه قبل أحداث 2011، ناهيك عن تطور احتياطي النقد الأجنبي الذي قارب على الوصول إلى حوالي 45 مليار دولار ويكفي احتياجاتنا الاستيرادية في حدود تسعة أشهر.

فضلًا عن تطور معدلات نمو الاقتصاد المصري والتي باتت متسارعة مقارنة بباقي دول المنطقة إن لم يكن بمختلف دول العالم.

فالاقتصاد المصري يحقق معدلات نمو تجاوزت 5.5% عام 2019 ومن المتوقع أن يصل إلى 6% بحلول عام 2020، لترتفع تلك النسبة إلى حوالي 7.2% عام 2022، في حين يشهد العالم أجمع انخفاضا في معدلات النمو، إذ تم تخفيض معدل نمو الاقتصاد العالمي مرتين من جانب البنك الدولي ليستقر عند 2.6%، في حين لم تتجاوز معدلات نمو دول الشرق الاوسط وشمال أفريقيا نسبة 1.3% عام 2019.

وبالتالي نستطيع أن نؤكد أن الاقتصاد المصري يسير بخطى ثابتة تجاه الازدهار.

وللحديث بقية لنتحدث عما يحتاجه الاقتصاد المصري كي يستشعر المواطن ثمار التنمية....

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط