الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

.. لتعود الإسكندرية ماريا


لا أعرف السر وراء اهتمام المحافظين المُفرط بواجهة المدينة، وشوارعها الرئيسية، من خلال تزيينها وتشجيرها وإنارتها وجعلها "على سنجة عشرة"، وتجاهل ما دونها من شوارع وأحياء، كربة منزل تتفانى فقط في الحفاظ على رونق غرفة المعيشة حيث تستقبل ضيوفها، بينما بقية المنزل "يضرب يقلب".

أكاد أجزم أن هذا الحال أصبح نسقًا حضاريًا لكافة المدن المصرية، ومن بينها مدينة الإسكندرية، التي فارقتها منذ يومين عقب زيارة سريعة، جلتُ خلالها عددًا لا بأس به من الشوارع والأحياء، ففي مُقابل الشكل الجذاب الذي يتألق عليه مدخل المدينة بدءًا من مُحرم بك، وحتى تشتم رائحة ملح البحر في الشاطبي، ثم بطول الكورنيش من المنتزه إلى الأنفوشي، ربما بالتزامن مع استضافة المدينة لمباريات إحدى مجموعات بطولة أمم أفريقيا، فالعديد من الأحياء الأخرى ينقصها الكثير من الخدمات.

لاتزالُ أزمة القمامة تُشكل عقبة كبيرة في الوصول إلى المظهر الحضاري الأمثل لمدينة الإسكندرية، والتي ورغم محدودية مساحتها، إلا أن جهود جمع القمامة بها لاتزال غير قادرة على القضاء على أكوام القمامة في العديد من المناطق لاسيما الأنفوشي وأبو قير، خاصة في الشوارع الجانبية والأزقة الضيقة، التي ترتفع العمارات الشاهقة على جانبيها في مخالفات واضحة لشروط البناء، تساهم هي أيضًا في تشويه النسق الحضاري للمدينة العتيقة.

ولعل الإنصاف يدفعني إلى أن أتناول مرفق النقل في الإسكندرية، على نحو إيجابي، فتجربتي الشخصية خلال زيارتي الأخيرة، دفعتني إلى تكرار تجربة الأتوبيس السياحي أحمر اللون ذو الطابقين، الذي يجعلك تعيش تجربة فريدة في التنقل بدءًا من منطقة القلعة بالأنفوشي، وصولًا إلى داخل المنتزه ثم المعمورة، في جولة ممتعة بكل المقاييس لأي زائر لهذه المدينة، كما كانت تجربة خدمة "أوبر" داخل الاسكندرية أيضًا شديدة الاحترافية، حيثُ لم أواجه العديد من المُشكلات التي باتت واقعًا يوميًا نعيشه في القاهرة مع شركات نقل الركاب بالسيارات الخاصة باستخدام تكنولوجيا المعلومات.

لا يُمكن تجاهل التأثير المباشر لوفود المصريين بأعداد كبيرة من مختلف المحافظات في هذا التوقيت من العام إلى مدينة الإسكندرية، الأمر الذي يُلقي بظلاله على الزحام المروري، والضغط على الخدمات، وعدم تمكين أجهزة المدينة من أداء دورها على الوجه الأمثل، لاسيما في أماكن المصطافين، ولكن تظل آمال أبناء المدينة، وتطلعات زوارها، عبئًا يفرض على إدارة المدينة بذل المزيد من الجهود، لتعود الإسكندرية كما كانت دومًا عروس المتوسط.. ماريا.. وترابها زعفران.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط