الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كي نختلف في سلام


تقول النكتة، أن موظفًا خضع لتحقيق في جهة عمله، وكان الإتهام: أنت تواجه شكوى بالإساءة لزميلك "عاطف" بلفظ عنصري.. فرد الموظف بتساؤل آخر: أي "عاطف" تقصد.. الفلاح أم الكوفتس ؟

شر البلية ما يُضحك.. فليس كل نكتة مضحكة، والعديد من النكات تثير في نفوسنا الشجن، ومن بينها هذا النكتة، لكونها تعكس الدرجة التي وصل إليها المجتمع من رفض الآخر وعدم تقبل فكرة الإختلاف، على النحو الذي قد يصل إلى العنصرية.

الحقيقة أن تقبل الاختلاف ثقافة، يبدأ غرسُه داخل نفوس الصغار، بهدف تنشئتهم بقلب سليم يستوعب أن ثراء المجتمع يكمن في تنوع أطيافه، وأن الاختلاف رحمة، وأن الأمر بتطلب منا التقارب والتعايش، واستيعاب الثقافات والأفكار المختلفة، طالما ظل هذا الاختلاف في إطار سلمي لا يمس وحدة الوطن، ولا يلقي بآثار ضارة على المجتمع. 


ثقافة الاختلاف تؤرقني في تنشئة أبنائي، بل أراها مسئولية لاتقل عن الترببة والتعليم، حيث أتذكر يوم عاد ابني من المدرسة ليقول لي أن هناك حصة معينة تفرقه عن صديقه المقرب ستيفن، يقصد مادة التربية الدينية، ووجدتني مضطرًا إلى أن أوضح له باكرًا، أن كليكما يعتنق ديانة سماوية، يتلقى في هذه الحصة تعاليمها، وهذا ليس سببًا للاختلاف، ويجب أن تتمسك به صديقًا.


ولعلي أتذكر صديقي أثير أمير، عراقي الجنسية، زميل الدراسة المقرب في المرحلة الإعدادية، الذي كنا لانفترق، ونقضي أوقات الراحة داخل المدرسة سويًا، بل وكنا رفقاء دائمين في رحلاتنا المدرسية، وظل الود بيننا قائمًا، حتى كان لأهله دورٌ في تعريفه باختلاف الأفكار الدينية بيننا، ليتحول حديثنا سويًا إلى نقاش، والود إلى تحفز، والمحبة إلى صراع، والصداقة إلى فراق.


وربما أتذكر رفاقًا كُثر فرقتنا الصراعات الفكرية والسياسية منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن، فثقافة الإختلاف كانت غائبة، والتعصب كان اللغة السائدة، بل اعتبر البعض العنف أداء للتواصل. 

علموا أبناءكم أن الاختلاف ليس مبررًا للنبذ أو الكراهية أو العنف، فالله عز وجل قال: لكم لدينكم ولي دين، فإذا كان هذا بالنسبة للأديان، فكيف لا نقبل الإختلاف في الأفكار والثقافات ؟

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط