الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دنيا طارق تكتب.. قوي بما يكفي

صدى البلد

تساءلت كثيرًا، ماذا تعني القوة، وكيف يمكنني أن أكون قوية؟ 

كنت دومًا أسعى لحمل هذه الصفة ظنًا مني أنها ستمنع أذى الناس لي، وأنها ستنفر ضربات الحياة مني.

تدريب دام لوقت طويل، لم تكن خسائره هينة، بل توالت وكثرت، فقد، كره، وتفكير لم يرحمني، لكني كنت أؤمن أن النتيجة ستكون مُرضية على الأقل بالنسبة لي.

في البداية تكرر سماعي لجملة "أنت قوي بما يكفي لتعبر هذا بمفردك" فظننت أن القوة تقترن بالوحدة، وأن طلب العون سينقص منها، فأصبحت أدفع الناس دفعًا بعيدًا عني، لم أكتفي بدفع أذيتهم بل دفعتهم نفسهم ومعهم ذكريات وحب وشوق. لكني بعدها لم أتمكن من دفع دموعي وحزني بعد أن احتلا وجهي، وطردوا ابتسامتي، فقيل لي "أي قوة هذه التي تحزنك؟" الحق معهم، أنا أريد أن أكون قوية حتى لا أحزن فكيف لها أن تحزنني!.

قررت أن أظلم دموعي قليلًا، وتوسلت لها بألا تظهر أمام أحد، أخفيت حزني، حتى وصفوني حينها بجمود المشاعر، وآخرون وصفوني بتجردي من المشاعر تمامًا؛ كنت أبكي بمفردي كل ليلة حتى أنفي لنفسي ما وصفوني به وظننت بأنني هكذا أمنح بعض العدل لدموعي، لكن مهلًا فأنا مازلت حزينة؛ لملمت كل مالدي من ظلم وحبست دموعي للأبد فأنا هدفي الأول والأخير هو القوة وإذا كانت ستمنعني، فسأمنعها، فبأي حق هي تحرمني من قوتي وأنا أمنحها حريتها-قليلًا- !

الهدنة بيني وبينها جعلتني أواجه البقية، لكن حين واجهت نفسي وجدت أن كل شيء أصبح يعني لي المعنى ذاته، أو لم يعد شيء يعني لي من الأساس، أواجه أي أمر بنفس النظرة، ونفس الوجه الراكد، ولم أعد أفرق بين ما يسعدني وما يحزنني. 

ماذا الآن؟ أليس هذا هو الوقت الذي أتوج به بالقوة..أنا بمفردي، ولجمت مشاعري، وكدت أحفر جملة أنا قوية على جبيني ليعلم الجميع مامررت به.. ليعلم الجميع انتصاري. بذلت مجهودًا جبارًا ليراني الناس قوية؛ أراقب دموعي، نبضات قلبي، وحتى سرعة أنفاسي لكني وجدت أن كل جهدي أصبح لدفعي عني، لا لدفع أذي الناس عني، وأنني لم أبذل مثل كل هذا لأكون قوية حقًا. 

لكني أخيرًا وجدت المعنى، فبرغم من أنني قوية بما يكفي لأعبر أي موقف بمفردي لكن لا يمنع من دفعة أحدهم لي، ورغم أنني أريد أن أكون قوية لا يمنع أن تتساقط دموعي حين ترغب، وفي الحقيقة وجدت أن حبسي لها يظلمني معها. ربما تنهزم أحيانًا لكن المهم هو أن تشعر حقًا بمدى قسوة ماتمر به وتعبر خلاله، لا تدفعه، أن تشعر بصعوبة الأمر ولا تهرب منه، فمقدار ألمك لا يشترط أن يتساوى بمقدار قوتك، تألم، وحارب ما يؤلمك بقوة دون أن تحارب ألمك نفسه.