الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصر الجديدة في ثوبها الجديد


حي مصر الجديدة من الأحياء المصرية الراقية التي ضمت العديد من سكان المجتمع المصري الأرستقراطي علي مدار أكثر من مئة عام ، تم تخطيطه ليضم عددا كبيرا من سكان محافظة القاهرة وتميز منذ نشأته بجمال التقسيم والأشجار القيمة المعمرة والتي أضفت إلي هذا الحي سحر خاص يجعل كل من يسكن في هذا الحي يتعلق به وبشوارعه ويرفض الابتعاد عنه أو تغييره.

أتذكر وقد كنت من سكان هذا الحي منذ طفولتي رائحة الياسمين التي كانت تعطر الشوارع من حولنا ، وتجعل من المشي علي الأقدام وسط الأشجار المزهرة متعة لا مثيل لها تترك أجمل الأثر داخل النفوس وتسعد القلوب وتسطر أبهى الذكريات في الأذهان .

ومع الوقت ازدحم حي مصر الجديدة إزدحام يجعل الحياة فيه بالغة الصعوبة، فمن يمتلك سيارة علي سبيل المثال يعاني معاناة يومية منذ أكثر من عشر سنوات لإيجاد مكان يستطيع أن يركن فيه سيارته بأمان ويكون بالقرب من منزله حتي يستطيع استعمال سيارته بكل سهولة ويسر ، ولَم تقتصر المعاناة على إيجاد مكان لركن السيارة فقط بل ازدحمت شوارعها وأصيبت بالاختناق المروري المزمن الذي زادت على أثره معاناة قاطني مصر الجديدة حتي أصبح التغيير أمرًا لزاميًا لابد منه ولا غني عنه.

وجاءت خطة التطوير لتفاجئنا جميعًا بإزالة ملامح مصر الجديدة القديمة التي تربينا في شوارعها وتمتعنا بجمال رحيق أزهارها ، ولاحقتنا الذكريات بين دروبها حتى اختفت تماما لتظهر لنا مصر الجديدة في ثوبها الجديد ، بشوارع شديدة الاتساع ومسارات جديدة لم نتعود عليها حتي الآن تحتاج للتوضيح إعلاميًا حتي يسهل علي المار بهذا الحي الوصول إلي غايته بكل سهولة ويسر .

تم إزالة الأشجار القديمة التي شهدت علي حياة سكان هذا الحي علي مدار أكثر من مئة عام كاملة ، وتم زراعة بعض شوارعها من جديد في محاولة لإعادة توازن الخلل البيئي الذي حدث مع إزالة آلاف الأشجار القيمة ، ولكن لم يراعي في اختيار الأشجار الجديدة المظهر الجمالي كما كان يحدث من قبل في هذا الحي العريق، فمعظم ما تم زراعته هو عدد من أشجار الفيكس وليست الأشجار المزهرة التي تضيف لمسة جمالية فنية مبدعة تجعل المار في شوارعها يستظل بظلها ويسعد بجمال ورودها ويشعر باختلاف الفصول بها مع اختلاف موعد ظهور الورود الموسمية الجميلة.

المشكلة الكبيرة التي أصبحت تطارد سكان هذا الحي هو اتساع الشوارع بصورة غير مألوفة مع عدم وجود إشارات تسمح للعابرين أن يتنقلوا بين الشوارع مشيًا على الأقدام بكل أمان وسلام ، مما يمثل خطورة بالغة وخصوصًا علي طلبة المدارس المنتشرة داخل هذا الحي العريق والذين تعودوا معظمهم على الذهاب للمدارس وحدهم مترجلين بين الطرقات.

المشكلة الأكبر هي مع اتساع الشوارع وإلغاء الركن علي جوانبها هل تم مراعاة وجود أماكن بديلة تسهل علي سكان الشوارع التي اتسعت والتي تم إلغاء الركن علي جوانبها حتي يستطيعوا وضع سياراتهم بها بشكل آمن؟ أم أن قرار التوسيع وإلغاء الركن سوف يفتح بابًا جديدًا للمعاناة اليومية لهؤلاء السكان؟ بالتأكيد اتساع الشوارع قد يقضي علي بعض مظاهر الاختناق المروري ويوفر الوقت للبعض، ولكن هل تم مراعاة سكان هذا الحي وإيجاد بدائل تشعرهم بفوائد هذا التطوير؟

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط