الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مشاهير من بلدي بني سويف.. شيخ المنشدين عبد التواب البساتيني

شيخ المنشدين عبدالتواب
شيخ المنشدين عبدالتواب البساتيني

ولد القارئ والمبتهل الشيخ عبدالتواب عباس محمد، والمعروف بـ الشيخ عبدالتواب البساتيني، في قرية كان لها ٣ اسماء" الست نبيهة هانم، والعرب، واخيرا والاسم الرسمي لها قرية البساتين، التابعة  لمركز بني سويف، في 4 أغسطس  عام 1946 .

ويعد الشيخ عبدالتواب البساتيني، من أحد أشهر بل أبرز المبتهلين المصريين خلال العقود الثلاثة الماضية، فهو واحد من تلاميذ مدرسة الكبار في فن الإبتهال الديني، وهو إلى ذلك قارئ محبوب للقرآن الكريم ، بدأت علاقة المبتهل الشيخ عبدالتواب البساتيني  بالقرآن منذ الصغر، حيث دفعته أسرته في صغره إلى كُتّاب قريته " العرب " والتي اشتهرت فيما بعد  بقرية "البساتين "التابعة لمركز ومدينة بني سويف، والتي وُلِدَ فيها لينتهي من حِفظ القرآن وسِنّه لا يبلغ 13 عاما.

وفي المدرسة التي تجاور منزل العائلة تعارف البساتيني على مُعلميه، وأصبح قريبا جدًا منهم، وساعده على ذلك طيبته وجمال طلعته وحسن مُعاملته مع مَن يَكبُره، وذات مرة سمعه أحد مُعلميه يقرأ القرآن ويُنشد الكلمات الجميلة، فأعجب  به كثيرا وطلب منه أن يعيد ما كان أمام ناظر المدرسة، وهنا شعر البساتيني  بالخوف الشديد والرهبة من ناظر المدرسة، إلا أن الناظر شجعه على ذلك، فلما فعل أخذه الناظر وذهب به إلى والده ليطلب منه أن يُلحقه بمكتب لتحفيظ وتعليم القرآن الكريم وأحكام التلاوة والتجويد.

بدأت رحلة "البساتيني"  مع علم القراءات والتجويد بعد عام واحد من إتمامه لحفظ القرآن أي كان عمره آنذاك لا يتجاوز 13 عاما ، وبإصرار ورغبة في التميز بدأ المشوار فكانت الاستفادة عظيمة؛ حيث تعلم حفظ القرآن سليمًا خاليًا من اللحْن والأخطاء، وذلك على يد شيخ يتقن القرآن، مما ثبّته وأكد معانيه في ذهنه، وعقب الانتهاء من حفظ كتاب الله تجويدًا وترتيلًا انتقل إلى الشيخ أحمد رشوان حتى يتولى اختباره لمنحه إجازة في قراءتي "حفص ، ونافع" ، وبالفعل حدث ذلك ونال الإجازة من الشيخ رشوان.

وعقب حصول "البساتيني" على الإجازة في قراءة القرآن بروايتي حفص ونافع، قرر أن يلتحق بمعهد القراءات لكسب المزيد من المعارف القرآنية، خاصة وأنه في هذه الآونة قرر أن يستمر في طريق تلاوة القرآن والابتهال، وبالفعل ألتحق علي  عالية القراءات عام 1977 م، وحصل عليها عام 79 ثم بدأ القراءة في المناسبات بالقرية والقرى المجاورة، والطريف في الأمر أن الشيخ أحمد رشوان الذي أشرف على تحفيظه القرآن، ومن أجاز له القراءة، كان يحصل على جزء كبير أن لم يكن كل  الأجر الذي يتقاضاه البساتيني نظير التلاوة في المناسبات، إلا أن الشيخ الصغير كان يعبر دائمًا عن سعادته البالغة لأنه يقرأ القرآن أمام الناس ويجد تجاوبًا كبيرًا منهم ويسعي للشهرة وذيوع الصيت.

بعد أن قضى البساتيني فترة التجنيد الإجبارية من 1966 حتى 1974 بدأ دراسة جديدة من نوعها ألا وهي دراسة المقامات الموسيقية، لأنه في هذه الآونة قرر الاتجاه إلى عالم الابتهال؛ حيث كان من عشاق كبار المبتهلين المشايخ  ومنهم الشيخ على محمود و الشيخ طه الفشني و الشيخ الفيومي و الشيخ سيد  النقشبندي، وكثيرًا ما كان يدعو الله تعالى أن يصبح في يوم من الأيام مبتهلًا مثل هؤلاء فاستجاب الله تعالى لدعوته، وأهم ما كان يلفت إعجابه في هؤلاء المبتهلين أن كل واحد منهم له مدرسة متميزة في الابتهال، حيث لا يقلد واحدٌ منهم الآخر.

ومن حسن الطالع أن  يلتحق البساتيني كقارئ بإتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري عام 1976  بعد إجتاز الاختبارات ومن أول مرة.

وكانت الأبيات التي ينشدها الشيخ عبدالتواب البساتيني، في ابتهالاته يتولي كتابتها له بعض الشعراء، ومنهم المستشار صلاح بريك، والشاعر الراحل محمد طه، والشيخ أحمد عبدالحكم. 

وهم من الموهوبين في كتابة الشعر، ويطلب منهم كلمات محددة في المناسبات مثل الهجرة والمولد النبوي الشريف، والإسراء والمعراج وتحويل القبلة وشهر رمضان، فضلًا عن بعض الكلمات التي ينتقيها من التراث مِن بُردة الإمام "البوصيري" وغيرها، ثم يتولي بنفسه تلحين هذه الكلمات؛ حيث يحصل على الكلمات، ثم يحدد المقام الموسيقي الذي يصلح لها ويتوافق معها ويُجري بعض التعديلات حتى يكون الابتهال جاهزًا للإنشاد وكان يشارك فى الأمسيات والاحتفالات الهامة التى نقلها  والتليفزيون المصرى والفضائيات ، و الإذاعة المصرية  من المساجد الكبرى لأكثر من 30 عامًا.

وكان الشيخ البساتيني  كثيرا ما يشدد بالقول بأن الساحة الآن تعاني من نقص حاد في المنشدين، مما يعد ظلما كبيرا  لكل مبتهلي هذا العصر، لأنه لابد من الأخذ في الاعتبار التوقيت الذي ظهر فيه هؤلاء المبتهلون، حيث كان الناس لديهم وقت فراغ وأذهان متفتحة للاستماع للابتهالات والتأثر بها، بعكس الوقت الحالي الذي انشغل فيه الناس بأعمالهم واختفاء (السمِّيعة) الذين يعشقون الابتهالات ويقدرونها، فضلًا عن تأثير التليفزيون  "والسوشيال ميديا "التي  استولت على جانب كبير من اهتمامات الناس.

ودائمًا كان الشيخ البساتيني ينصح شباب المبتهلين بضرورة توافر الصوت الجيّد، ثم صِقَل تلك الموهبة بالدراسة، وإجادة اللغة العربية، واتقان مخارج الحروف والنطق جيدًا، والأهم من كل ذلك الإخلاص؛ لأن ما خرج من القلب وصل إلى القلب، فليس كل من يبتهل يؤثر في الناس ويصل إلى قلوبهم.

شارك الراحل في التحكيم بمسابقة القرآن الكريم العالمية  بصحبة القارئ الشيخ أحمد المعصراوي   بدولة إيران عام  2007 وأحيا  ليالي وسهرات وأمسيات دينية هناك  وفي العودة  نزل "ترانزيت" في سوريا  وتمت دعوته لإحياء أمسيات دينية هناك لمدة إسبوع    ثم  عاد إلي نفس المسابقة في إيران عام 2009  ثم سافر إلي السعودية  وأحيا ليالي وأمسيات دينية هناك .كما سجل للإذاعة والتليفزيون في كبري المساجد بالقاهرة مثل مسجد الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة وغيرهم كما حظي مسجدي عمر بن عبدالعزيز  والسيدة حورية بمدينة بني سويف بنصيب الأسد من حضور الشيخ للمحافظة وإحيالي المناسبات الدينية بهما .

رُزق الشيخ عبدالتواب البساتيني  باثنين من الأولاد "أحمد ومحمود"  وكلاهما يعملان بمديرية أوقاف بني سويف.. ويرى أن ابنه "أحمد"  مؤهلًا لاستكمال مسيرتة في مدح النبي والابتهال الديني، خاصة وإنه يتمتع بصوت  وموهبة  ويتمتع بقبول  واستحسان لدي الوسط .

ولقي الشيخ عبدالتواب البساتيني ربه في نفس شهر مولده " أغسطس " حيث رحل في 29 أغسطس  من عام 2018 عن عمر يناهز 72 عاما،  تاركًا  للمكتبة الإسلامية ولمحبيه من عشاق  الإبتهالات الدينية عددًا غير قليل  من التسجيلات  الصوتية ومقاطع  الفيديو التى تعد تحفة  فنية رائعة.