في إطار الإجراءات التي تتخذها الدولة المصرية لمواجهة فيروس كورونا والسيطرة عليه ومنع انتشاره بين المصريين، وضمن سلسلة من الإجراءات لتنفيذ توجيهات د. مصطفي مدبولي رئيس الوزراء بمنع التجمعات، قرر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف والكنيسة القبطية، تعليق الصلاة وغلق جميع المساجد والكنائس والجامع الأزهر أسبوعين.
وقررت وزارة الأوقاف إيقاف إقامة صلاة الجمع والجماعات وغلق جميع المساجد وملحقاتها وجميع الزوايا والمصليات ابتداء من تاريخه ولمدة أسبوعين، والاكتفاء برفع الأذان في المساجد دون الزوايا والمصليات.
وأوضحت الأوقاف في بيان لها، أن قرار إيقاف إقامة صلاة الجمع والجماعات وغلق جميع المساجد، صدر بناء على ما تقتضيه المصلحة الشرعية والوطنية من ضرورة الحفاظ على النفس كونها من أهم المقاصد الضرورية التي ينبغي الحفاظ عليها، وبناء على الرأي العلمي لوزارة الصحة المصرية ومنظمة الصحة العالمية وسائر المنظمات الصحية بمختلف دول العالم التي تؤكد الخطورة الشديدة للتجمعات في نقل فيروس كورونا المستجد (covid -19) وما يشكله ذلك من خطورة داهمة على حياة البشر.
ويكون الأذان بالصيغة التالية: اللهُ أكبر اللهُ أكبر ، اللهُ أكبر اللهُ أكبر، أشهد أن لا إلهَ إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسولُ الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، ألا صلوا في بيوتكم ألا صلوا في رحالكم، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، مطالبة جميع العاملين بالأوقاف التنفيذ الفوري للقرار.
وفي السياق ذاته، قرر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، تعطيل إقامة الجمعة والجماعات بالجامع الأزهر بشكل مؤقت ابتداء من اليوم السبت، حرصًا على سلامة المصلين، ولحين القضاء على وباء كورونا، مع إقامة الأذان بالجامع للصلوات الخمس وينادي المؤذن مع كل أذان «صلوا في بيوتكم».
وقال الإمام الأكبر إن هذه الإجراءات تأتي دعمًا للخطوات الجادة والفاعلة التي تتخذها مصر لمنع انتشار وباء كورونا، وحفظ النفس البشرية التي هي من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية، ويجب حمايتها ووقايتها من كل الأخطار والأضرار.
كما اجتمعت اللجنة الدائمة للمجمع المقدس برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني صباح اليوم السبت، لمناقشة آخر التطورات بشأن موضوع انتشار فيروس كورونا المستجد COVID-19.
وأصدرت اللجنة بيانًا، نصه:
في إطار متابعة الوضع الاستثنائي الذي يمر به العالم هذه الأيام، وكذلك البيانات التي تصدرها تباعًا منظمة الصحة العالمية والتي تظهر الانتشار السريع لفيروس كورونا المستجد COVID-19 في مختلف دول العالم، ومن بينها بلادنا العزيزة مصر، التي يبذل مسؤولوها قصارى جهدهم في سبيل احتواء الوباء، الذي يعد أكبر أزمة صحية خطيرة نواجهها منذ مئات السنين.
ونظرًا لأن التجمعات تمثل الخطر الأكبر الذي يؤدي إلى سرعة انتشار الفيروس، قررت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من منطلق مسؤوليتها الوطنية والكنسية ، وحفاظًا على أبناء مصر جميعًا:
- غلق قاعات العزاء واقتصار أي جناز على أسرة المتوفي فقط، على أن تقوم كل إيبارشية بتخصيص كنيسة واحدة للجنازات وتمنع الزيارات إلى جميع أديرة الرهبان والراهبات.
- يسري هذا القرار من اليوم السبت ٢١ مارس ولمدة أسبوعين من تاريخه، ولحين إشعار آخر.
وإذ تُذَكِّر الكنيسة بقول السيد المسيح: "لاَ تُجَرِّب الرَّبَّ إِلهَكَ" (مت ٤ : ٧)، تناشد جموع الأقباط في مصر والخارج عدم التهاون إزاء الأزمة الحاضرة، والالتزام بالإجراءات التي تعلنها السلطات المسئولة، للمساهمة بفاعلية في تفادي كارثة تلوح في الأفق، يترجمها تزايد أعداد المصابين بالفيروس والمتوفين في العالم. فليس من الحكمة أو الأمانة أن يكون الإنسان سببًا في إصابة الآخرين أو فقد أحد أحبائه.
وتدعو الكنيسة الجميع إلى رفع صلوات وتضرعات في كل موضع، واثقةً في أن صلواتهم سوف تصل إلى مسامع الرب القدير وأنه سيتحنن علينا ويرفع هذه الضيقة، ويعطي شفاءًا وسلامًا وطمأنينة لكل العالم ويبارك كل الجهود التي تبذل لمواجهة هذا الوباء الذي يهدد العالم كله.
كما نصلي بلا انقطاع لكي ينعم الله على المصابين بهذا الداء بالصحة والعافية وليبارك جهود الأطقم الطبية القائمة على متابعة وعلاج المرضى حتى يتم شفاؤهم.
حكم إلغاء الجمعة والجماعات
أصدرت هيئة كبار علماء الأزهر الشريف فتوى رسمية بجواز إيقاف صلوات الجمع والتجمعات حماية للناس من فيروس كورونا.
وجاء نص الفتوى كالتالي:
في ضوء ما تسفر عنه التقارير الصحية المتتابعة من سرعة انتشار (فيروس كورونا- كوفيد 19) وتحوله إلى وباء عالمي، ومع تواتر المعلومات الطبية من أن الخطر الحقيقي للفيروس هو في سهولة وسرعة انتشاره، وأن المصاب به قد لا تظهر عليه أعراضه، ولا يعلم أنه مصاب به، وهو بذلك ينشر العدوى في كل مكان ينتقل إليه.ولما كان من أعظم مقاصد شريعة الإسلام حفظ النفوس وحمايتها ووقايتها من كل الأخطار والأضرار.
هيئة كبار العلماء - انطلاقا من مسؤوليتها الشرعية - تحيط المسؤولين في كافة الأرجاء علما بأنه يجوز شرعا إيقاف الجمع والجماعات في البلاد؛ خوفا من تفشي الفيروس وانتشاره والفتك بالبلاد والعباد.
ويتعين وجوبا على المرضى وكبار السن البقاء في منازلهم، والالتزام بالإجراءات الاحترازية التي تعلن عنها السلطات المختصة في كل دولة، وعدم الخروج لصلاة الجمعة أو الجماعة؛ بعد ما تقرر طبيا، وثبت من الإحصاءات الرسمية انتشار هذا المرض وتسببه في وفيات الكثيرين في العالم، ويكفي في تقدير خطر هذا الوباء غلبة الظن والشواهد: كارتفاع نسبة المصابين، واحتمال العدوى، وتطور الفيروس.
ويجب على المسؤولين في كل دولة بذل كل الجهود الممكنة، واتخاذ الأساليب الاحترازية والوقائية لمنع انتشار الفيروس؛ فالمحققون من العلماء متفقون على أن المتوقع القريب كالواقع، وأن ما يقارب الشيء يأخذ حكمه، وأن صحة الأبدان من أعظم المقاصد والأهداف في الشريعة الإسلامية.والدليل على مشروعية تعطيل صلاة الجمعة والجماعات وإيقافهما؛ تلافيا لانتشار الوباء: ما روي في الصحيحين: «أن عبد الله بن عباس قال لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت: أشهد أن محمدا رسول الله، فلا تقل حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم، فكأن الناس استنكروا، قال: فعله من هو خير مني، إن الجمعة عزمة، وإني كرهت أن أحرجكم، فتمشون في الطين والدحض». فقد دل الحديث على الأمر بترك الجماعات تفاديا للمشقة الحاصلة بسبب المطر، ولا شك أن خطر الفيروس أعظم من مشقة الذهاب للصلاة مع المطر، فالترخص بترك صلاة الجمعة في المساجد عند حلول الوباء، ووقوعه أمر شرعي ومسلم به عقلا وفقها، والبديل الشرعي عنها أربع ركعات ظهرا في البيوت، أو في أي مكان غير مزدحم.
وانتهى الفقهاء إلى أن الخوف على النفس أو المال أو الأهل أعذار تبيح ترك الجمعة أو الجماعة؛ لما رواه أبو داود عن ابن عباس من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه، عذر»، قالوا: وما العذر؟ قال: «خوف أو مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى». وما أخرجه الشيخان في صحيحهما من حديث عبد الرحمن بن عوف أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه».
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم من له رائحة كريهة تؤذي الناس أن يصلي في المسجد؛ منعا للإضرار بالناس، فقد أخرج البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أكل ثوما أو بصلا، فليعتزلنا - أو قال: فليعتزل مسجدنا - وليقعد في بيته».
وما ورد في الحديث ضرر محدود، سرعان ما يزول بالفراغ من الصلاة، فما بالنا بوباء يسهل انتشاره! ويتسبب في حدوث كارثة قد تخرج عن حد السيطرة عليها، ونعوذ بالله من ذلك.والخوف الآن حاصل بسبب سرعة انتشار الفيروس، وقوة فتكه، وعدم الوصول إلى علاج ناجع له حتى الآن، ومن ثم فالمسلم معذور في التخلف عن الجمعة أو الجماعة.
وعليه: اتنتهت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إلى القول بأنه يجوز شرعا للدولة متى رأت أن التجمع لأداء صلاة الجمعة أو الجماعة سوف يؤدي إلى انتشار هذا الفيروس الخطير أن توقفهما مؤقتا.
وتذكر الهيئة هنا بثلاثة أمور:
الأول: وجوب رفع الأذان لكل صلاة بالمساجد، في حالة إيقاف الجمعة والجماعات، ويجوز أن ينادي المؤذن مع كل أذان: (صلوا في بيوتكم).
الثاني: لأهل كل بيت يعيشون معا أداء الصلاة مع بعضهم بعضا في جماعة؛ إذ لا يلزم أن تكون الجماعة في مسجد حتى إعلان زوال حالة الخطر بإذن الله وفرجه.
الثالث: يجب شرعا على جميع المواطنين الالتزام بالتعليمات والإرشادات الصادرة عن الجهات الصحية للحد من انتشار الفيروس والقضاء عليه، واستقاء المعلومات من المصادر الرسمية المختصة، وتجنب ترويج الشائعات التي تروع الناس، وتوقعهم في بلبلة وحيرة من أمرهم.وتدعو هيئة كبار العلماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى المحافظة على الصلاة والتضرع إلى الله -تعالى- بالدعاء، ودعم المرضى ومساعدتهم، والإكثار من أعمال البر والخير؛ من أجل أن يرفع الله البلاء عن العالم، وأن يحفظ بلادنا والناس جميعا من هذا الوباء، ومن جميع الأمراض والأسقام، إنه خير مسؤول، وأعظم مأمول فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين هيئة كبار العلماء.