الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ


كلما ضاقت بِنَا الدنيا وانتشر الرعب بين الناس وسيطر علي القلوب والعقول ، علينا بالعودة إلي الكتب السماوية والرسائل العطرة التي بعثها المولي عز وجل لنا لتنير  ظلمات القلوب والعقول، لندرك من جديد أن الأمر بيده وحده لا شريك له ، مهما أفسد المفسدون ومهما زاد البلاء واشتدت صعوبة الحياة . روي لنا المولي عز وجل  حكايات وقصصا إذا ما تأملناها سوف نجد أنها تحمل في طياتها علاجًا لكل داء ، وفرجًا لكل هم.


روايات متعددة أبطالها عاشوا في أزمان متباينة، بعضهم أصابه المرض والآخر أصابه الغم ، وآخرون طاردهم الأشرار من الكفار وضاقت عليهم الدنيا بما رحبت ،فلم يكن لهم من نصير ولا شفيع غير خالقهم الملك العظيم الذي وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا، وفِي كل رواية عبرة وحكمة تنير لنا الدروب المظلمة، ودليل يرشدنا إلي طريق الخلاص ، وكانت قصة أيوب من أهم القصص التي كانت ومازالت دليل للشفاء من بلاء المرض حين يعجز البشر عن إيجاد حلول دنيوية قادرة علي أن تقضي عليه، فإذا بالسر الإلهي الذي قدمته لنا قصة نبينا أيوب ، بكلمات بسيطة ناجي بها ربه فرفع عنه البلاء (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ).


ثم يأتي علاج الغم والهم في قصة أخري من أجمل القصص دلتنا عليها النفحات الإلهية في دعاء يونس عليه السلام عندما اشتدت عليه الظلمات كما روتها آيات الله عز وجل حيث قال (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) فإذا بربه الكريم ينقذه من الغم والهم وينجيه من البلاء العظيم.


وتوالت النفحات والأسرار المنجية فكانت خير دليل للنجاة، كلمات بسيطة تصنع المعجزات يكمن سرها في يقين قائلها وصبره وثقته في الخالق العظيم، ورغم صعوبة قصة الحياة الدنيا دار البلاء والابتلاء إلا أن المولي عز وجل قد بعث رسائل من نور لعباده الصالحين عندما أمرنا ألا نحزن حيث قال   (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) قالها محمد عبد الله ورسوله وهو في أشد الحاجة لمن يطمئنه في موقف صعب وخطير وهو مطارد من كفار قريش إلا أن ثقته في المولي عز وجل كانت أكبر وأقوي من أي إحساس قد يتملك الإنسان وهو مطارد ومضطهد .. رسول كريم يصاحب صديقا صدوقا يقف بجانبه في أحلك الظروف ، يحاول أن ينصره ويسانده ضد قوم بأكملهم، ضد الشر والطغيان ،، رجل وضع ثقته في رجل يُعْرَف عنه الصادق الأمين، يعتمد كل منهما علي رحمة المولي عز وجل.. لا تحزن إن الله معنا.. هكذا يجب أن نحيا مهما ضاقت بِنَا السبل ومهما اشتدت الأزمات.. يجب أن نبتعد عن الحزن .. فالحزن يفتح أبواب الشيطان ويفطر القلب ويذهب العقل ويقتل الصبر ويدمر الثقة بالمولي عز وجل وبقدرته علي تغيير الحال إلي أحسن حال.


أرشدنا المولي عز وجل أن لكل داء دواء فقط يلزمك اليقين الصادق ، و مهما اشتدت بك الأزمات ومهما طال بك الأمد وأنت تحيا في انتظار رحمة المولي تذكر دائمًا ألاّ تحزن ، تذكر قدرة المولي عز وجل وتذكر رسوله الكريم الذي علمنا الصبر والجَلَد ، علمنا الصدق في العمل والقول ،، تعلم من أنبياء الله عز وجل وتذكر القصص لعلك تجد النور في طريقك المظلم والأمل في التغيير من الضيق للفرح ومن اليأس للأمل.. و من المرض للشفاء ، اذكر الله وتذكر رحمته واغلق أبواب الشيطان ،، فإنه يدخل إليك من أبواب متعددة وينتظر اللحظة المناسبة لينقض علي قلبك بالظلام وينقض علي عقلك بالتشتت والنكران.. فتجد نفسك حائرًا مترقب وحزين ،، مشلول الفكر مظلم القلب.. 


كن علي يقين أنك لست وحدك مهما كنت في شدة الابتلاء ، وإذا انفض عنك الناس فإن رب العباد لا يزال بجانبك ، يراك ويسمعك وينتظر منك الثقة واليقين وتذكر أنك إذا ابتليت فإنه مقدر لك فقط ما في استطاعتك تحمله ،، لن تتحمل ما لا طاقة لك به، ولن تكون وحيدًا مهملًا .. اقترب بحذر وبثقة وثبات تجد الملك العظيم في انتظار دعوتك وسوف يقابلك بالاستجابة  مهما أتت بعد حين ،، تذكر حينها أنه أراد بك الخير ويُشْهِد عليك الأشهاد حتي تنال ثواب الصابرين ..


مهما تأخر الفرج فإنه قادم لا محالة .. مهما اشتدت الظلمات فإن النور في الطريق إليك حتي ولو تأخر القدر ،، السر يكمن في كلمة واحدة يتبعها عمل ،،، فقط اليقين بالله والثقة في قدرته .

 
الحزن يفطر القلب ويُذْهِب العقل ويدمر الثقة بينك وبين رب العباد .. تسلح بالصبر وتذكر دائمًا أن لا تحزن فإن الله معنا .. وإذا مرضت ولَم تجد لك دواء، ناجي ربك مناجاة أيوب وأنت موقن بالإجابة (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط