الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التحرش... قضية رأي عام؟!


نعم تعرضت للتحرش.. كلمة تعاني منها كل امرأة منذ سنوات طويلة وحتى هذه اللحظة نعاني منها وكأنه شبح يطاردنا في كل مكان.

وحادثة الشاب الذي تحرش بأكثر من فتاة ليست فردية، بل هناك العشرات أو آلاف مثل هذا الشاب يبيحون لأنفسهم التحرش بأنواعه!

 من منا لا تواجه التحرش اللفظي يوميًا في الشارع أو أثناء قيادة السيارة وأحيانًا عبر منصات التواصل الرسمية بعبارات أو كلمات تعكس التحرش اللفظي.

 هؤلاء المرضى يستبيحون إرسال رسائل من خلف شاشات الموبايل والكمبيوتر والتحرش الظاهري بالمرأة في كل مكان عملها، المواصلات، فالتحرش بأنواعه مع الأسف متفشي بصور مختلفة.. وأصبح الشاب أو الرجل المتحرش جوعان لصيد فريسة.. ولا أعلم أي مجتمع هذه الذي نعيش فيه!!

 استيقظنا منذ خمسة أيام على قضية مروعة، قضية رأي عام، نظرًا لانتشارها، ولكن هذه المرة هي لشاب السوشيال ميديا المتحرش، والذي أخيرًا تم القبض عليه ويخضع الآن لتحقيقات النيابة، على أثر وقائع تحرش بفتيات، تشيب معها الرؤوس، من قبل هذا الشاب عبر إنستجرام، لكن وفقًا  للقانون، فإنه بدون بلاغات رسمية من قبل الفتيات اللاتي إتهمنه، لن تصبح القضية رسمية، ولن تعدو كونها قضية  سوشيال ميديا، فالبلاغات الرسمية هي السبيل الوحيد  للتحقيق في حجم الوقائع التي سردتها الفتيات بشكل رهيب، حول تعرضهن للابتزاز وهتك العرض والتحرش.  

وبما أنني لا أملك خيوط القضية، فلا أستطيع وأنا صحفية عليها التحقق من مصادرها، أن أستند إلى صفحات التواصل الإجتماعي، فلابد من أدلة وبراهين، لأستطيع الدخول في القضية.. لكنني سأنتقدها من زاوية أن التحرش أصبح قضية رأي عام، بل نعاني منها بشكل يومي.

ومع الأسف، أنتقد اللوم الذي يلقي به المجتمع على البنت، يرى المجتمع الفتاة، شريك في مثل هذه القضايا وهو أمرٌ مرفوض، فكيف أن مغتصب يعاقب بضحية!!.

النائب العام هو محامي الشعب، لذلك، أناشد كل فتاة وقع عليها الضرر، بالتقدم ببلاغ رسمي للنيابة .. ومن ثم تتخذ النيابة العامة الإجراءات القانونية المناسبة للتحقيق.

كما أناشد الآباء في ضرورة احتواء أولادهم، بنات قبل الأولاد، بترك مسافة بينهم وبين الأبناء للمصارحة والحديث  طول الوقت  وأن يشاركوا أبنائهم في حياتهم وان لا يتركوا أبنائهم في مهب الريح، مع فضاء التواصل الاجتماعي بمفردهم يتحدثون عن كل شيء وأي شيء ومع أي أحد، دون علم  أو مناقشة أصدقاءهم "الآباء"، فإذا حقًا استطاع الأب والأم أن يتفانوا في تربية أبنائهم التربية السليمة، نفسيًا وعصبيًا وجسمانيًا، لانصلح حال الأبناء..
 ولكن مع الأسف، غياب الأهل وانشغالهم، في أي "كلام فاضي" بما فيه العمل وجمع المال، دون الوصول للأبناء، وإراحة أدمغتهم، هو السبب لكل هوة يسقط فيها الأبناء.. أنت أنجبت أذن، أنت مسئول عن رعيتك. 

نشكر مؤسسة الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية لحديثهما الحاسم حول قضية التحرش الجنسي.. حيث خصصت المؤسسة عددها من جريدة "صوت الأزهر"، للحديث عن قضية التحرش والاعتداء الجنسي، مشيرةً إلى مطالبة علماء الأزهر بدعم ضحايا الاعتداءات الجنسية وتشجيعهم على الكلام والشكوى، كما أشارت أن الصمت أو غض الطرف على هذه الجرائم، يُهدد أمن المجتمع ويشجع على انتهاك الأعراض والحُرمات، وأكدت الجريدة أن ملابس المرأة، أيًا كانت، ليست مبررًا للاعتداء على خصوصيتها وحريتها وكرامتها.

كما نشرت دار الإفتاء المصرية، مشكورة، ردًا حاسمًا أمس الأول، على صفحتها بموقع التواصل "فيسبوك"، على البعض من أصحاب النفوس المريضة  والأهواء الدنيئة، والذين يروجون ويبررون جريمة التحرش بقصر التهمة على نوع ملابس الفتيات وصفتها، مشيرة إلى أن المتحرش الذي أطلق سهام شهوته مبررًا لفعله، جامع بين منكرين: استراق النظر وخرق الخصوصية، وأن ديننا الإسلامي الحنيف دعانا إلى غض البصر.

وقد أثلج صدري بصراحة، إقدام مؤسسة الأزهر الشريف العريقة ودار الإفتاء المصرية على إثبات صحيح الدين الإسلامي تجاه هذه الجريمة الشنعاء، فيؤكد بما لا يدع مجالًا للشك احترام الدين الإسلامي للمرأة وتقديرها، ويبرئ الإسلام ممن يتحدثون باسمه بكل ما من شأنه إلقاء اللوم الدائم على المرأة مما يعطى المجرم الحقيقي المبرر لأفعاله الدنيئة، وهذا هو الدور الإصلاحي والتوعوي لمؤسسة الأزهر الشريف.

أعلن رفضي أنا ريهام_مازن، وأستنكر أي جريمة تحرش بأي شكل من الأشكال وتحت أي مسمى، فتلك الجريمة تستبيح حرية وكرامة وإنسانية المرأة.. لابد أن نعترف أن أبناءنا يعيشون في زمن غير زمنا الذي تفتحت حواسنا عليه، أما هذا الزمن الغريب، مليء بالأفكار الغريبة علينا من تحرش ومثليين وغيرها من الأفكار البعيدة عن مجتمعنا الذي كنا نعرفه إلى وقتٍ قريب.. ولتتذكروا معي، أثناء حكم الملك فاروق، كانت بعض النساء "الشمال" حاصلات على رخصة في الدعارة ثم تم إلغاءها قبل ثورة يوليو المجيدة، ومع ذلك لم تنتشر أي من هذه الأفكار.

من قلبي: العصور التي عاشت فيها جدتي وأمي، كانت ترتدي فيها المرأة "المايكروجيب" أو "الميني جيب" أو الحمالات والفساتين والبلوزات دون الأكمام، ولم يجرؤ رجل وقتها، على خدش حياة امرأة بالنظر، وهذا ما عرفناه منهن.. ورأيي أن ما يجعل هؤلاء الذئاب الجبناء، يستمرون في أفعالهم البذيئة، أنهم يعلمون تمام العلم، أن التحرش بكافة أنواعه ليس له رادع قوي، بل وإن الأحكام قد تصل معها إلى 15 عامًا.

من كل قلبي:  أطالب بقانون رادع وسريع  للتحرش بكل أنواعه في مصر وخاصة التحرش عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليكون عبرة للجميع ويكون رادعا. كما نطالب الجهات القضائية في الدولة، بالتصدي لهذه الظاهرة وتوقيع أقصى العقوبة وربما سن قانونًا جديدًا لا يرحم المتحرشين، كلٌ على حسب جرمه، حتى نقطع دابرهم، ولا نسمح بوجود هذه الأعمال المنافية للأخلاق التي عاهدناه.

ورسالتي لكل بنت: "لا تخافي وواجهي أي متحرش، حتى إذا تمكنتِ من الاعتداء عليه بالضرب أو الصراخ، وإذا أمكنك بالإبلاغ عنه فورًا".

ورسالتي لكل أب وأم من قلبي: "افتحوا قلوبكم لأولادكم واستمعوا لهم، بنات وأولاد، لتعرف بنتك بتروح فين؟ وإبنك بيروح فين وإذا كان يعاني من مرض أو سلوك منحرف".. لن تعرفوا شيئا عن أولادكم إلا إذا صادقتموهم؟!!.
وأقول قولي هذا والله على ما أقول شهيد.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط