الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السيسي صانع التاريخ


قبل أن أستفيض معكم في شرح مكاسب وتداعيات أتفاقية مصر واليونان لترسيم الحدود البحرية في المتوسط يستلزم مني التنويه عن بعض الأمور والتي لا يعلمها الكثير وهو إن هذة الأتفاقية الدولية ظهرت بعد الكثير من الجهود الدبلوماسية المُضنية بين للبلدين والتي بدأت في(نوفمبر ٢٠١٤) وأتت علي أثرٍ كبير من التعاون المشترك سواء أقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا وبالأخص بعد التعاون الثلاثي المشترك ما بين "مصر وقبرص واليونان " وتعكس مدي الترابط لمواجهة الأستفزاز والأبتزاز التركي المستمر والمحاولات المستميتة من أردوغان في الزج بقوات عسكرية في المتوسط لفرض سياسة الأمر الواقع والتي تتنافي شكلًا وموضوعًا مع القوانين الدولية للبحار والذي يترتب عليها ضياع فرص الأستقرار والأستثمار علي كل دول المنطقة ( الأورومتوسطية ) صاحبة الحق الأصيل. 

وتعتبر الأتفاقية حصيلة أضافية لتعزيز التعاون والأستثمار بعد أتفاقيات "إيطاليا واليونان" "ومصر وقبرص" " وقبرص واليونان "بالأضافة لردع الأطماع التركية في المتوسط والتي سعي لها كثيرًا أردوغان لمحاولة إيجاد مخرج أقتصادي لأنهيار أقتصادة داخليًا وتراكم الديون الخارجية عليه وذلك من خلال مذكرة التفاهم الغير مشروعة مع حكومة الوفاق ولنستعرض معًا المكاسب المختلفة واللوجستية لكلًا من البلدين علي إثر هذة الأتفاقية ؛

**أولًا : علي المستوي السياسي 
لاشك إن الدبلوماسية المُحنكة من البلدين أستطاعوا من خلال الحوار الجاد تجاوز كافة الخلافات في ترسيم الحدود وعلي مدار ٦ سنوات من العمل الشاق وإن مصر أكدت في الأتفاقية علي مجموعة من الثوابت التاريخية وأهمها إن الدولة المصرية لا تُفرط في مقدرات وثروات شعبها وإن مصر تسير في هذا النهج من خلال أحترام مواثيق القانون الدولي ومؤسساتة المشروعة بالأضافة إن الأتفاقية تشمل الحفاظ علي الأمن القومي المصري وذلك من خلال تجريم وتحجيم الأطماع التركية في شرق المتوسط كما يقطع عليها إدعائها المستمر وغير المشروع بأمتلاكها للحقوق في المتوسط بالأضافة إنها تُتيح للبلدين مواجهة التحديات والمخاطر المتعلقة بالإرهاب الدولي ومكافحة الهجرة الغير شرعية وعلي الوجهة الأخر نجد إن الأتفاقية مّكنت اليونان بعد إيداعها في الأمم المتحدة من إبطال مذكرة التفاهم بين تركيا والسراج (نوفمبر ٢٠١٩) والتي لا تعترف بها مؤسسات التشريع الدولية والمنوطة بالأمر أو حتي الدول ولكنها لم تلقي التأيد سوي من أنقرة والوفاق وبناءًا علية يصبح من حق اليونان ومصر مقاضاة تركيا دوليًا في حالة أعتدائها علي الحدود البحرية خاصتهم أو بالتدخل العسكري إذا تطلب الأمر لحماية أمنهما القومي وثراوتهم ودون الرجوع عليهم بالأضافة إن الأتفاقية تمكن اليونان من تعزيز تحالفاتها لنقل الغاز الطبيعي طبقًا لمصالحها الأقتصادية وإيضًا تمكنها من تقليل محاولات الجانب التركي لأستغلالها في "بحر إيجة  Aegea Sea"


**ثانيًا...علي المستوي الأقتصادي 
فنجد إن الأتفاقية تمكن مصر من عمليات التنقيب عن الغاز في المنطقة "الشمالية -الغربية" والواقعه علي الحدود مع اليونان وتمنحها إيضًا الشرعية القانونية للتنقيب "غرب حقل ظهر" بالأضافة للمزايا الجديدة التي سوف تحصل عليها مصر من ( الأتحاد الأوروبي ) ومنها 
•زيادة حجم الأستثمار وتعظيم فرص مصر للتحول الي مركزًا إقليمًا للطاقة 
•تخفيض الجمارك وتسهيل التأشيرات المفتوحة 
•نقلة نوعية في مزايدات الشركات العالمية للتنقيب عن البترول 
وعلي الوجهة الأخر نجد إن الأتفاقية حفظت لليونان حقوقها في أستغلال ثروات جزيرة " كريت " والتي تجاهلتها تمامًا مذكرة أردوغان مع السراج بالرغم من حق اليونان كاملة فيها كما تعزز الأتفاقية تدشين خطوط النقل اليونانية وتداول الغاز مع حلفائها في المنطقة وذلك علي إثر الأتفاقيات الموقعه مابين قبرص واليونان وإسرائيل (يناير ٢٠٢٠) وذلك بأنشاء خط أنابيب (إيست ميد) لنقل حوالي من (٩ _١١) مليار متر مكعب غاز من قبرص وإسرائيل إلي إيطاليا واليونان ودول جنوب شرق أوروبا بالأضافة لفتح فرص التعاون والأستثمار بين اليونان والدول المُنضمة لمنتدي "غاز شرق المتوسط " كما إن الأتفاقية تتيح لليونان فرصة التقليل من ورادتها في الغاز والأعتماد علي مصادر الطاقة النظيفة كما يجعلها قادرة علي التقليل من الضغوط التركية بخصوص اللاجئين والهجرة الغير شرعية.
 
ولكن في النهاية نجد إن الدولة المصرية وعلي رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي أستطاعت توجية ضربة قاتلة وناهية لمطامع أردوغان في ثروات شرق المتوسط من خلال التوقيع مع اليونان كما تمكنت من الأستفادة من ثروات المنطقة وهيكلة الأستثمار وتعزيز الأمن القومي المصري والعمل علي هيكلة روابط أكثر قوة مع الدول الأورومتوسيطة لأن بموجب هذة الأتفاقية نجد إن الاتحاد الأوروبي مُستفيد من تنويع مصادر الطاقة وذلك في ظل الأمدادات الواردة من الجزائر وروسيا والنرويج وليدشن الرئيس السيسي مرة أخري وبعد الخط الأحمر ( سرت _الجفرة ) رادعًا أضافيًا وقويًا لصد المعتدي التركي ويسطر فصلًا جديدًا في تاريخ الدولة العميقة العريقة وسيادتها في المنطقة وليأكد إن مصر ليست قوة عسكرية فقط ولكنها دبلوماسية ولوجيستية وإستراتيجية وأننا دومًا خُلقنا للأفعال الحقيقية والجادة لا للأقوال.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط