الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الشرق شرق والغرب غرب.. لكن الأديان مقدسة


في المعركة التي تهز العالم اليوم، بعد الحادث الإرهابي في مدينة نيس جنوب فرنسا، حيث قام إرهابي بقتل ثلاثة بسكين داخل كنيسة وقطع رأس امراة يمكن الوقوف أمام نقاط عدة، من الواجب مناقشتها والتوقف أمامها لفهم ما يدور وإيقاف آلة التحريض في الشرق والغرب.

والبداية في رأيي لا يمكن إزاء "حادث نيس" في جنوب فرنسا إلا اعتباره جريمة إرهابية مروعة وفعل إجرامي خرج من داخل متطرف مريض، ولا يمكن التهاون مع هذه الجريمة او تقديم مبررات ساذجة لها. "فالإرهاب.. إرهاب" لا عوج ولا انحراف ولا مهادنة ولا ألفاظ مضللة.

كما لا يمكن النظر إلى قضية قطع رأس مدرس التاريخ صمويل باتي، بعدما عرض في حصة دراسية رسوما مسيئة للنبي محمد نشرتها وأعادت نشرها المجلة الفرنسية الساخرة شارلي إبدو سوى جريمة إرهابية مروعة من جانب متطرف شيشاني أهوج، وليس لها ما يبررها والإسلام لم يدفع ولا يقبل وليس من الإسلام في شىء ممارسة سلوك "الدواعش" وقطع رؤوس المختلفين معهم.

هذه بديهيات ننطلق منها لمنافشة أصحاب العقول اليقظة والفطرة السليمة، لنقول بأن الحرب الدينية التي يجرى العمل على شحذها عبر تصريحات مستفزة من جانب الرئيس الفرنسي ساركوزي والارتماء بثقل الدولة الفرنسية، وراء حرب التحريض على الإسلام والنظر إلى جريمة إرهابية فردية بأنها معبرة عن المسلمين والإسلام والقول والتكرار على لسان ساركوزي وبعده ترامب أنه لابد من الوقوف أمام "الإرهاب الإسلامي"، فرأيي أنها تذكية للنار المشتعلة وليس تعامل حكيم معها على الإطلاق من جانب الزعماء الغربيين. ونحن في الشرق وفي مصر والسعودية والعديد من العواصم العربية، جرى استنكار جريمة ذبح مدرس التاريخ وجرى الرفض التام للجريمة الإرهابية في مدينة نيس جنوب فرنسا لكن أن يتم تحويلها إلى نظرة عامة وسياسة واسعة ضد كل المسلمين، فهذه "خطيئة ونار هائلة" قد تندلع ولا يمكن السيطرة عليها والأديان السماوية المقدسة كلها، نفس الاحترام والتقدير والتبجيل، ولا نقبل الإساءة لديننا الإسلامي ولا لأي دين سماوي آخر.

 في نفس الوقت فإننا نرفض المزايدة، من جانب كل من مهاتير محمد وأردوغان وخامنئي، فمهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا السابق خرج في تغريدات مهووسة لينتقد فرنسا من ناحية ويقول إنه وجب قتال ملايين الفرنسيين من ناحية أخرى، واعترض "تويتر" ونبه للتغريدة لكنه لم يحذفها فهى تغريدة تحض على العنف والكراهية بين الأديان. وبالمثل لا نقبل الاستغلال الرخيص من جانب أردوغان في إطار صراعه مع فرنسا على استغلال جريمتي الإرهاب في "نيس وضد مدرس التاريخ" لاكتساب مواقف ونيل شعبية زائفة بين أبناء شعبه، وكذلك المرشد الإيراني خامنئي الذي ركب الموجة وتبني فقط الهجوم على ماكرون دون أن يعترض على جريمتا الإرهاب.

 لا نقبل تصريحات ساركوزي وسياساته التي تتوسع ضد المسلمين عامة في فرنسا وتصريحاته التي يعيدها بالقول لن نرضخ! ولا المزايدين أمامه.

ونحن لا نكره الحضارة الغربية ولسنا حاقدين عليها كما يتصور ساركوزي وتنطق تصريحاته، والمطلوب من فرنسا التعقل واستيعاب مشاعر الحزن والغضب، وقد صدرت منا كمسلمين قبل ان تصدر منهم أمام جرائم وإرهاب قطع الرؤوس.

أما بخصوص حرية الرأي والتعبير، فما يجب أن نعرفه أن "الشرق شرق والغرب غرب" وهذه العبارة الاستعمارية خير ما يعبر عن الواقع وللأسف ولا يريد الكثيرون فهمها، وبالخصوص في مجال حرية التعبير والرأي، ففى فرنسا والغرب يسخرون من حياتهم وأديانهم ومقدساتهم لكن هذا لا يعنينا فهذه حياتهم وإن كنا نمقتها، لكن عند النبي محمد وأمام الدين الاسلامي الحنيف فينبغي أن يكون هناك خط أحمر.
لا نريد أن نعلمهم تقاليدنا ونحن لا نتعلم تقاليدهم على الأقل في النظر للأديان السماوية والتعلم منها وتبجيلها وتقديسها، ولكن نريد كف اليد والأذى عن مقدسات الآخرين وأديانهم.

والمثال على ذلك ما نشرته إذاعة مونت كارلو الدولية على موقعها الالكتروني قبل أسبوع واحد تحت عنوان، هل تسخر "شارلي إيبدو" من الدين الإسلامي والنبي محمد فقط أم من جميع الأديان؟ بتاريخ 23 أكتوبر الجاري، وهو منشور.
بعدما رصدت بذاءة المجلة الشهيرة تجاه جميع الأديان ونشرت الرسوم الكاريكاتورية المنحطة بمعنى الكلمة تجاه الدين المسيحي واليهودي وتجاه بابا الفاتيكان.
ففى عام 2014، أصدرت "شارلي إيبدو" عددًا خاصًا مكرسًا بالتمام والكمال للسخرية اللاذعة من قصة ولادة المسيح تحت عنوان "القصة الحقيقية لولادة المسيح الصغير"، وإذا لم نتحدث إلا عن الغلاف الجريء للغاية فقط، كما نشرت مونت كارلو، فنستطيع أن نرى السيدة العذراء، أم المسيح، وقد فتحت رجليها وكأنها تضع مولودًا وخرج منهما طفل صغير محاط بأشعة صفراء، في سخرية وتهكم لا حدود له. 
وفي 3 فبراير2020، رسمت المجلة النبي موسى عليه السلام الذي أنزل الله عليه اللوح المحفوظ وفيه الوصايا العشر، غير أن "شارلي إيبدو" سخرت من موسى وكتبت على اللوح "وصايا شارلي إيبدو العشرة" ورددت عشر مرات عبارة مقززة لا يمكن كتابتها على ورق رغم أنها منشورة على موقع إذاعة مونت كارلو. كما سخرت عبر رسومات عدة في نفس الملف وسخرت من "بابا الفاتيكان" وصورته كجاسوس.
الخلاصة أن الغرب لن يقتنع بما سنقوله له في مجال حرية الرأي والتعبير، ونحن بدورنا لا نقبل ما سيقوله لنا في هذا الإطار وحالات التعدي والانفلات.
 وأمام هذا وذاك فينبغي أن تكون الأديان خط أحمر ولتقف نار الفتنة عند هذا الحد.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط