هل أصبح المعيار الفاصل بين كل شخص ونجاحاته.. إنجازاته.. أو حتى سعادتهومدى استقراره يحدد بمقدار صوره على صفحات التواصل الاجتماعي؟!،... أقول هذاالكلام بمناسبة تجربة مريرة تعرضت لها وغيري من جيراني بحي الزمالك .. فقد انقطعت المياهعنا لمدة 3أيام متواصلة، ونحن في عز الجائحة الكورونية والتي تتطلب تطهير مستمر، وذلكجراء كسر غير مقصود بخط مياه الشرب من قبل الشركة المنفذة لمشروع الخط الثالثلمترو الأنفاق ..
ولا أنكر أن عمليات الإصلاح سارت على قدم وساق، وواصل كل مسئول كبير وصغير الليلبالنهار دون كلل أو ملل حتى انتهت المشكلة، وعادت المياه إلى مجراها الطبيعي، لكنبقى من تلك المحنة صور فيسبوكية لا تنسى وسؤال يحتاج لوقفة!..
فمن أول يوم لحدوث الكسر والمسئولون عن بعض الصفحات الرسمية على مواقعالتواصل الاجتماعي تسابقوا في نشر صور رؤسائهم أثناء متابعاتهم لعمليات الإصلاح معتصريحات بعودة المياه في بعض المناطق أو كلها على عكس ما عايشناه فعليًا.. الأمرالذي أثار غضب جميع السكان، الذين عانوا العذاب كلما شاهدوا صورة وتعليق، وهم يحلمونولو بقطرة مياه تطمئن خاطرهم بقرب عودة الحياة لطبيعتها!..
وتساءلت لماذا يتصارع البعض علىتسجيل إنجازاته على صفحات التواصل الاجتماعي، وكأنها المقياس الفاصل لتفوقه؟! ..خاصة أن نشر خطى المسئولين لا يتوقف على جهة بعينها بل في عدة جهات بمختلف المجالات..
وليت صور نجاحات الفيسبوك اقتصرت على الحياة العامة أو العملية فقط!.. لكنهاامتدت أيضًا لتشمل حياتنا الشخصية والأسرية،.. فهذا ينشر صورة عائلية وسط طاولة فيها ما لذ وطاب من الطعام، وقبل أنيستمتع بالأكلة الحلوة واللمة الأحلى يتابع تعليقات تلك وذاك وكل منهما يتمنى لو تذوقمن طعامه!.. وهذه تنشر صورتها مع زوجها وحولهما عبارات الحب،.. وبدلًا من أنتحتضنه وبكل ما أوتيت من عشق تشعره بدوار لهفتها عليه، تكتفي في رأس السنة ببوستوتاج على صفحتيهما الفيسبوكية وعليها "كل عام وأنت حبيبي"!..
ولا أعرف لما وجدت نفسي أترحم على صورنا الفوتوغرافية القديمة، وكيف كانتفرحتنا كلما شاهدنا لقطة تذكرنا بيوم جميل قضيناه، وإحساس صادق مازال محفور كالوشمعلى جدار القلب وليس "منظرة" على صفحات التواصل الاجتماعي والسلام!
فيا كل امرأة ورجل يبحث عن السعادة الزوجية، ليتكم تعرفون أن الأشواق الحقيقيةليست في صورة وجملة تتبادلونها على انستجرامبل في كلمة عشقية ، همسة غرامية، لمسة حانية تجمعكما في دنيا مكونة من أنا أنت
وأنت أنا..
والاستقرار الأسري لم ولن يكنأبدًا في مقطع فيديو ينشر حصري على فيسبوك، ليشهد كل من رآه على ضحكاتكم في نزهةأو رحلة.. أنما يكمن في ماهية السخاء العاطفي، والأمان الوجداني الذي لا تخطئه عين..
لأنه ببساطة يبدو واضحًا كالشمس بإشراقها أو غروبها على ملامح وجه كل فرد من العائلة،..وكل واحد وشمسه!..
ويا كل مسئول يسعى لمنصب أعلى، تاريخ نجاحاتك لن يدون بصورة وتصريح"فيسبوكي"، بل بأعمال على أرض الواقع تحكي عن إنجازاتك.. وليكن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بما بناه في زمن قياسي من كباري، أنفاق، مدن، وعاصمة إدارية جديدة، وغيرهم من الإنجازات التي تتحدث عن نفسها دون تهليل ولا صور علىوسائل التواصل الاجتماعي قدوة ودرس يتعلم منه كل مسئول في الدولة ويستفيد منه كلمواطن حالم بغد أحلى..