الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حقيقة أبريل


 في زمن ندر فيه الصدق،..هل مازلنا بحاجة لتخصيص يوم للكذب؟!،..أليس الأفضل أن نحول الأول من شهر أبريل إلى النقيض، أي بمعنى أدق يصبح يوم لقول الحق؟!.. لن أتحدث عن خسائر حياتية لعدد ليس بقليل من نساء قدمن سنوات من أعمارهن على أنية ذهبية لرجال لم ينالوا منهم سوى وعود عشقية وهمية، وبنيات إجرامية مبيته لاغتيالهن عاطفيًا سرقوا كل حلو في مشاعرهن، فأصبحن أموات وجدانيًا والاسم "لازلن على قيد الحياة!.. ولن أتكلم عن خسائر مالية لا يستهان بها  تتكبدها بعض أسواق العمل جراء وضع الشخص غير المناسب في وظيفة لا يستحقها بفعل إتقانه فن ملئ خزانة عقول مديريه بنجاحات أبعد ما تكون عن حقيقته!.. 

فلو تحدثنا بالأرقام وعدنا للإحصائيات الرسمية، لوجدنا أن الكذب تفشى في كافة مناحي حياتنا.. ففي عام 2015 سجلت محاكم الأسرة وقوع 13ألف حالة طلاق وخلع  جراء تزييف الحقائق بين طرفي العلاقة الزوجية وذلك خلال عام واحد فقط!.. وفي نفس الفترة كشفت إحصائية أجراها جهاز التعبئة العامة والإحصاء عن سرد31% من المتقدمين لمختلف الوظائف لمعلومات مغلوطة في السير الذاتية، وأن 60% من الأشخاص يكذبون في مقابلة مدتها 10دقائق ..

وبعيدًا عن الدراسات تعالوا معًا نفتش في خبايا هذا الجهاز الكائن على الجانب العلوي الأيسر لكل منا، ونراجع كم من خدوش وجروح حفرت على جدار القلب بفعل عشم كاذب بالفرحة سبق وعشناه، ليس في علاقة عاطفية فحسب، بل أحيانًا وظيفة، مسكن، صداقة، أو حتى في الحصول على جاه ومنصب،.. وكل واحد وأهدافه!..

ورغم أن تعرض أحدنا لأي من أشكال الكذب سواء المادية أو المعنوية يعد جريمة في حد ذاتها، لكن هناك ما هو أخطر وأصعب من وجهة نظري الشخصية جدًا!..  فقد شهدت على كثير من عذابات رجال ونساء وقعوا فريسة أكاذيب، وعلى أساسها نقشوا رسوم من أوهام، وسكنوا قصور على الرمال.. لكنهم خرجوا من صدمتهم متعافين أو متأقلمين.. على عكس هؤلاء الذين وقعوا فيما يسمى بالكذب غير المرئي.. نعم.. غير المرئي.. لأننا ببساطة من نرتكبه في حق ذاتنا.. 

فبحكم خبرتي العملية في مجال الكتابة عن المشاعر الإنسانية لسنوات طوال أستطيع القول أن الكذب على الذات هو أخطر أنواع الكذب،.. وإن اختلفت ألوانه.. فقد يكون أبيض، أسود، أو وردي..
الكذب الأبيض مماثل للصفاء والنقاء، وفيه يرى الإنسان الحقيقة كاملة لكنه يكذب على نفسه بإمكانية تغيرها، ويرهن أيامه ولياليه على معجزة تباغته فتغير ما يرفضه ،.. فلا وضعه يتغير، ولا هو يتأقلم مع واقع على غير هواه..

على عكس الكذب الأسود الذي يحمل كافة دلالات الشر، فصاحبه يستنشق المتغيرات عن بعد، وبناء عليه يؤلف سيناريوهات وحكاوي تساعده في الوصول لأهدافه.. فيعيش حياته على أكاذيب يتقنها حد تصديق ذاته، وعادة ما ينجح  في كافة خططه، وإن كنا نصفه بالمنافق..

أما أوجع ألوان الكذب، فهو الوردي، فالواقع في مصيدته يغمض عينيه عن كل ما يؤلم مشاعره، وبكل ما أوتي من إصرار يتمسك، بكذبة حب، عمل، أو أي أمل يقربه من السعادة.. و النتيجة، نزيف من العمر الضائع على هدف زائف!

وبعد، كل ما قولنا،.. ألم يأتي الأوان أن نطالب بيوم صدق، وفيه نواجه أنفسنا أولًا بواقعنا على ما نحن عليه.. ولنسميه "حقيقة أبريل"؟!.. 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط