الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قسم «الرقيب الفنان»

منذ ولادة التليفزيون والرقابة مطلوبة ومفهومة .. فلايوجد بيت يخلو الآن من الشاشة الصغيرة، ويلتف حولها الكبير والصغير لتصير نافذته الأولى نحو العالم ومايجرى فى كل مكان .. هذه الشاشة السحرية التى لاتزال تحتفظ بمفعولها أكثر من وسائل التواصل الاجتماعى والفضاء الإلكترونى نظرا لبساطتها وسهولة امتلاكها بين الفقراء والبسطاء .. والجهلة أيضا!.
ولكى تظل الشاشة الفضية متربعة على العرش بثوبها الأبيض، لابد من الرقابة الصارمة والواعية على نوعية الأعمال الدرامية والمادة الإعلانية ومحتوى برامج التوك شو والترفيه “المهذب”، ومرت الأجيال بنماذج مضيئة ولامعة جلست على كرسى الرقيب ومارست دورها باقتدار فى فرز وانتقاء الدراما التى تصلح لدخول المنازل والتأثير فى السلوك وتشكيل الوعى الثقافى .. وكانت تلك القيادات مُسلَّحة بـ “مقص الحرير” الذى يفصل فى ذكاء ونعومة وخبرة بين انهيار القيم وحرية الإبداع والتعبير، ولاتؤجل قراراتها لحين عرض المنتج الفنى وقياس ردود أفعال الجمهور ثم تحجب العمل وتضرب مصالح وحقوق شركات الإنتاج بعرض الحائط.
وما حدث مع المسلسل التاريخى “الملك” عن قصة “كفاح طيبة” لأديبنا العالمى نجيب محفوظ، ومن بعده عمل “الطاووس” يجسد حالة التخبط وأسلوب الهواة فى ممارسة مهمة الرقابة التى غاب عنها فى السنوات الأخيرة الكوادر المؤهلة لإدارتها وأدائها على أكمل وجه .. فمن العبث السماح بإنتاج عمل درامى ضخم عن طرد الهكسوس بكل هذه الثغرات التاريخية والتجاوزات الفنية، وكان من المفترض أن يُعرض أولا على لجنة القراءة والتفنيد من جانب المتخصصين وأساتذة التاريخ القديم، وما أكثرهم فى ساحتنا وجامعاتنا .. والأغرب أن يتقرر منع عرض العمل بعد أن تقاضى النجوم أجورهم الفلكية وتحملت الشركة المنتجة نفقات وميزانية التجربة من “جيوب” الدولة وتم حرمانها من أرباح التوزيع والحق العلنى!.
وبعد أيام قليلة، يتكرر الموقف فى سخافة مع عمل أكثر جرأة واحتراما لحقوق المرأة يكشف فساد الطبقة السياسية واستغلال نفوذها الأعمى فى قضية اغتصاب فتاة، علما بأن نفس القضية أثارتها الدراما المصرية وفى شجاعة ومساحة حرية أوسع عام ٢٠٠٧ بعرض أحداث “قضية رأى عام” للنجمة الكبيرة يسرا، وأدركت الرقابة وقتذاك مدى أهمية الموضوع لتغيير مفاهيم اجتماعية وموروثات فكرية تحكم مجتمعنا، وبات من الضرورى الانتباه لها!.
- لقد فقدنا مؤخرا فلسفة الحجب والتوقيت الذى يصدر فيه قرار الرقيب بالتدخل والحماية والتفريق بين ما هو مفيد للجمهور وما يستوجب منعه من الانتشار .. بينما الشاشة مكتظة بعينات الدراما الفاسدة أخلاقيا وفنيا على مستوى الكتابة أو الصورة أو اللفظ .. ويبدو أن الأمر يقتضى استحداث قسم خاص فى معاهدنا الفنية بكل أنواعها ودرجاتها العلمية والأكاديمية لتدريب وتخريج “الرقيب الفنان”!.  

 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط