الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محكمة «الفن العليا»!

 

علَّمنا القانون عدم إصدار أى حكم فى أى قضية قبل خضوعها لتحقيقات الدقيقة، انطلاقا من القاعدة الأساسية بأن “المتهم برئ إلى أن تثبت إدانته” .. وما قرأناه فيما يتصل بإقالة المسئولين عن مجموعة “الإعلام المتحدة” وإحالتهم للتحقيق فى اتهامات منسوبة إليهم باستغلال النفوذ وإهدار المال العام، يفتح باب الأسئلة عن أسباب وتفاصيل إدارة المتهمين للمجموعة ومدى التجاوزات التى تورطوا فيها داخل دائرة سوق الدراما المصرية .. ولسنا هنا جهة تحقيق أو محكمة قضائية مطالبة باتخاذ إجراء أو توقيع عقوبة على المذنب سواء فى إساءة إنفاق أموال الشعب أو احتكار الإنتاج الدرامى على نحو يثير الاستفزاز والغضب والرفض!.
نحن فقط - أقلاما وجمهورا - قضاة “ذوق عام” مهمتهم الأولى حماية الفن والدراما من أساليب “قرصنة” تسلب حقوق شركات الإنتاج المحترفة فى المنافسة والتسابق على الأرباح، وتمنح لمؤسسة بمفردها “صك” الاحتكار وامتلاك كل مفاتيح الدراما وبرامج الفضائيات بما يؤدى إلى خلل منهجى فى المنظومة الإعلامية وتوجيه ضربة قاضية لحرية الإبداع والتعبير  .. وبمجرد ما تمكن “جروب الاحتكار” من السيطرة على كل ألوان ومصادر الشاشة الصغيرة، تصاعدت حالة الاحتقان فى أوساط الإنتاج بعد أن تقلصت مساحة الانتشار وتأثرت العجلة التجارية لهذه الكيانات سلبا .. وحتى هذه النقطة، تنحصر المسألة فى إطار صراع بين رجال أعمال ومؤسسات اقتصادية، ولكن الوضع لم يتوقف عند حدود الرغبة فى الاستئثار بكل الامتيازات والإمكانيات .. بل دفع المستوى الفنى للأعمال الدرامية وبرامج الترفيه والتوك شو الثمن الأكبر وتحمل الخسارة الأفدح من فرط سوء الاختيار وتفضيل المقربين من مناطق النفوذ واتخاذ القرار على ذوى المواهب والمخلصين للمهنة .. وجرى تصدير صورة مزيفة ومنفرة ونمطية عن الواقع المصرى داخل “بلاتوهات” الدراما عبر ألفاظ جارحة ومشاهد إباحية ورؤى إخراجية عقيمة وفارغة من المضمون والجمال.. وغاب عن “ثقافة الاحتكار” سياسة المراجعة والقراءة المتأنية لأى مشروع فنى يقدمه المخرج أو النجم، والإمضاء على تمريره دون تحليل علمى لأبعاده أو رقابة لاحقة ونزيهة لعملية تنفيذه إنتاجيا وفنيا!.
- لاريب أن منع إهدار أموال الدولة ووقف شلال “الإنفاق المُسرف” يشغلنا وعلى رأس همومنا، ودور القضاء والقانون ردع هذه الظاهرة واقتلاعها من جذورها وتجفيف منابعها .. والوسائل كثيرة ومضمونة النتائج طالما تحلَّت بالشفافية ويقظة الضمير .. أما محكمة “الفن” العليا فيتشكل قُضاة منصتها من رموز الصحافة وأقطاب الدراما الأصيلة، وأقلام “الورق الجاد”، وكاميرا “إبداع الصورة” .. ويرتدى الآباء والأمهات أثواب الدفاع عن قيمة الكلمة ورقى الذوق والرسالة الأخلاقية حفاظا على مستقبل وثقافة وسلوك أبنائهم .. ودور الدولة الاستماع إلى كل هذه الحيثيات والامتثال إلى توصيات وقرارات المحكمة الحريصة على سُمعة وكرامة وتاريخ الدراما المصرية .. وبعد الاستجابة وقبول الحكم، تُسند مهمة الإشراف على خريطة الدراما والإعلام لمن يجمع بين الحس الرفيع والإدارة الذكية .. ولنا فى تجارب “مصنع” ماسبيرو، وجهازه للإنتاج التليفزيونى فى “العهود البائدة” الخير الوفير والرصيد الضخم من “عطور” الفن الخالد .. والعقول الواعية!.          

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط