الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اختبأنا في الكهوف لشهرين هربًا من الموت والاغتصاب.. تقرير مصور يكشف جحيم الحياة بإقليم تيجراي في إثيوبيا

أرشيفية
أرشيفية

قتل واغتصاب ونهب في إقليم تيجراي.. هكذا بدأت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، تقريرها الصادم الذي سلطت فيه الضوء على الجرائم والفظائع التي ارتكبتها القوات الإريترية المتحالفة مع الحكومة الإثيوبية في إقليم تيجراي شمالي إثيوبيا.

وقالت الوكالة في تقريرها - الذي تصدّر بعنوان "القوات الإريترية تقتل وتغتصب وتنهب في تيجراي" وموّلته منحة من مركز بوليتزر لإعداد التقارير الخاصة بالأزمات -  إن النساء اللواتي يدخلن إلى المستشفيات في تيجراي بسبب الاعتداءات الجنسية غالبًا ما يناضلون من أجل وصف إصاباتهم ومعاناتهم، ففي ظهر أحد الأيام وصلت امرأة تبلغ من العمر 40 عامًا وترتدي وشاحًا مغطى بالدماء، إلى أحد الوحدات الطبية في ميكيلي - عاصمة تيجراي - بعد أن تم اغتصابها بشكل جماعي عدة مرات من قبل 15 جنديا من القوات الإريترية في إقليم تيجراي الإثيوبي.

وقال أحد أفراد الأطقم الطبية في ميكيلي، للوكالة إن القوات الإريترية، غالبًا ما تقوم باغتصاب ضحاياها بعد كل قرية يقتحمونها، حيث تحدثت امرأة من ميكيلي إلى الوكالة قائلة: "لقد كانوا يتحدثون مع بعضهم (القوات الإريترية) وبعضهم كان يقول لنقتلها، وآخرون يقولون لا لا فلنغتصبها هذا كاف لها".

وأضافت المرأة أن أحد الجنود قال لها: "هذا الموسم هو موسمنا وليس موسمكم. لقد حان وقتنا".

وعلى الرغم من مزاعم إثيوبيا وإريتريا، بأنهما سيسحبا قواتهما من تيجراي، إلا أن القوات الإريترية في الواقع رسخّت تواجدها في الإقليم أكثر من أي وقت مضى، حيث يقومون بتنفيذ عمليات اغتصاب جماعي للنساء، وقتل المدنيين، ونهب المستشفيات، وحرمان المدنيين من الوصول إلى الطعام والمساعدات الطبية، وفقًا لأسوشيتد برس.

وتقول الوكالة إنه تم توقيف مراسلها في تيجراي في خمس نقاط تفتيش يسيطر عليها جنود إريتريون عدائيون في بعض الأحيان يرتدون زيهم المموه، ومعظمهم مدججون بالأسلحة، كما شاهد المراسل عشرات من القوات الإريترية وهي تصطف على جانبي الطرق وتتجول في قريتين على الأقل.

ونقلت "أسوشيتد برس" عن بعض الشهود والناجين من الاغتصاب والمسؤولين وعمال الإغاثة، قولهم إن القوات الإريترية تمركزت في مكان بعيد عن الحدود في العمق الشرقي والجنوبي من تيجراي، مؤكدين أنهم في بعض الأحيان يرتدون زي الجيش الإثيوبي الباهت، في دليل واضح على تواطؤ القوات الإثيوبية مع نظيرتها الإريترية في الجرائم التي ترتكب بالإقليم.

وأكد شهود للوكالة، أن القوات الإريترية الآن تتحكم في الطرق الرئيسية ولديها إمكانية الوصول إلى بعض القرى، وتخطوا في بعض الأحيان السلطات الإثيوبية، لافتة إلى أن ضحايا القوات الإريترية يتعرفون عليهم من خلال الرسومات القبلية على وجوههم أو لهجتهم عندما يتحدثون لغة "التيجرينيا" وهي لغة سكان الإقليم.

وتضيف الوكالة أن أغلب سكان الإقليم الذين حاورتهم، أصروا على أنه لا يمكن أن يحل السلام في الإقليم إلا بعد مغادرة القوات الإريترية، لأنهم يرون فيهم الخطر بكل مكان: نهب المنازل، قتل الأبناء، الاعتداء على النساء، وسرقة المستشفيات.

وقد تسبب الرعب الذي تمثله القوات الإريترية لسكان الإقليم في نزوح الكثير منهم إلى مخيمات للنازحين يسكن معظمها النساء والأطفال، فيما قالت فتاة تبلغ من العمر 25 عامًا وكانت تمتلك مقهى في ميكيلي، إنها قررت الهروب في أبريل الماضي، بعدما رأت القوات الإثيوبية تفتش المنازل وتغتصب النساء من جميع الأعمار وتتبول داخل أواني الطهي، فقط من أجل زيادة معاناة سكان الإقليم.

وتابعت الفتاة متحدثة للوكالة بصوت مرتجف: "إذا كان الإريتريون ما زالوا هناك، فأنا لا أخطط للعودة إلى المنزل.. ماذا على أن أقول؟ هم أسوأ من الوحوش لا يسعني أن أقول إنهم بشر".

وأضافت الفتاة أن المدفعية الإريترية كانت تقصف بلدات عدة في الإقليم استمرا حوالي 13 ساعة، وأدى القصف إلى مقتل 150 شخصًا في قرية تيرحاس فيشاي، بمنطقة زالامبيسا في منتصف نوفمبر الماضي، موضحة أن اقتحامًا بريًا تبع القصف وقام الجنود الإريتريون بقتل الناس في الشوارع.

وقالت: "لقد اختبئنا في كهف لأكثر من شهرين مع 200 شخص آخرين، وحينها وجدنا الجنود الإريتريون وقتلوا منا 18 شخصًا".

وكانت إثيوبيا وإريتريا يجمعهما عداء مميت لعقود، إلى أن بدأ الأمر يتغير عام 2018، عندما تولى رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد السلطة وقرر عقد سلام مع الإريتريين، لكن سرعان ما تبدد السلام في المنطقة، لينقلب آبي أحمد على حكام إقليم تيجراي الذين صمموا على إجراء الانتخابات بعيدًا عن الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا، وهو ما لاتهام قوات جبهة تحرير تيجراي بمهاجمة القوات الفيدرالية، وإعلان عملية عسكرية ضد الإقليم.

وكان  وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قد أعلن الاثنين، فرض قيود على منح تأشيرات إلى أي مسؤول أمني أو حكومي حالي أو سابق إثيوبي أو أريتري، ثبت ضلوعه في الانتهاكات التي ترتكب بإقليم تيجراي.

وقال بلينكن، في بيان نشرته الخارجية الأمريكية، إن "الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة تهدف للضغط من أجل حل الأزمة".

وذكرت الخارجية الأمريكية أن هذا القرار يشمل الأشخاص الذين مارسوا أعمال عنف غير مشروعة أو انتهاكات أخرى ضد المواطنين الإثيوبيين في تيجراي وكذلك أولئك الذين أعاقوا وصول المساعدة الإنسانية إلى أولئك الموجودين في المنطقة".

وحذرت الوزارة المسؤولين في إثيوبيا من فرض المزيد من العقوبات في حالة عدم اتخاذ خطوات لحل الأزمة في إقليم تيجراي، ودعت الولايات المتحدة، المجتمع الدولي إلى الانضمام لهذه الإجراءات.