الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«ثلاجة» المؤسسات القومية!

 

آفة أى قرار إدارى هو البطء فى اتخاذه .. والتلكؤ كثيرا عند قراءة المتغيرات التى تفرض الإسراع فى تنفيذه .. وفى مهنة الصحافة والإعلام تحديدا، التطوير وتحديث الأدوات هو السمة الرئيسية والعمود الفقرى لضمان النهوض بوظيفتها والارتقاء بأحوال ومستوى أبنائها من مختلف الأعمار والفئات!.
ومنذ عقود والأصوات تعلو والنداءات تتهافت أمام كل القيادات الصحفية لإنقاذ المؤسسات القومية من كبواتها وميراثها الثقيل المشبع بالأخطاء والتجاوزات و”أجزاء” الفساد المالى والإدارى على مدار أجيال، بينما قفزت النماذج المستقلة والمطبوعات الخاصة آلاف الأميال مهنيا باتباع أقصر الطرق والمسارات التكنولوجية والتقنية لبلوغ القارئ أينما كان .. وتفوقت مدارس صحفية ناشئة فى التغطية الإخبارية وجملة الانفرادات والمقالات النارية التى تهز عرش أى نظام وتطيح برأس أى حكومة أو مسئول، ثم واكبت العصر بموقع إلكترونى سريع الطلقات من فوهة “زناد” الشباب الصاعد المسلح بالمعلومة اللحظية والأسلوب الحيوى فى الصياغة والقدرة المدهشة على التقاط الخبر والوصول به إلى عين وعقل الجمهور حتى وهو طريح الفراش ويخلد إلى النوم .. وأحيانا يرافقه فى أحلامه!.
وثمة مشروعات صحفية أخرى غازلت رأس المال و”طموح” رجل الأعمال، وصنعت إعلاما موازيا إما بـ “قناة فضائية” تعوض ما تتأخر المطبوعة فى نقله أو نشره، أو إذاعة سمعية تكتظ بساعات من برامج الهواء عبر الأثير، وتستغل قطعة الميكروفون والاستوديو المغلق فى مصاحبة المواطن أثناء الطريق داخل سيارته أو على هاتفه المحمول لمتابعة ومعرفة كل ما هو جديد ومثير دون رتوش .. أو تخلف فى الأداء!.
ومناسبة هذا الحديث هو القرار الأخير الذى صدر عن الهيئة الوطنية للصحافة حول تحويل بعض الإصدارات الورقية إلى نسخة إلكترونية .. ولكن لماذا الآن؟! .. وبعد كل تلك السنوات والعهود الغابرة؟! .. وهل الغرض من هذا الإجراء هو نقلة نوعية فى المهنة ومحاصرة خسائر الماضى، أم تصفية المؤسسات من الحرس القديم ودعوة إلى التقاعد والمعاش المبكر؟! .. إذا كان الهدف هو التطوير والإحلال والتجديد، فلابد من التفكير جديا والتصرف عمليا فى الأساليب الأكثر حداثة وشيوعا، والاتجاه نحو خيار “الفضاء الإلكترونى والإعلامى” ليحتوى الوعاء الورقى الذى أصابته الشيخوخة وطغى عليه الجمود والجفاف .. ولامجال لإقامة البناء الجديد إلا بالاعتماد على شباب كليات الإعلام بمختلف فروعها وشُعبها، وإخضاعهم للتدريب المهنى المكثف والمدروس تحت إشراف أجيال الأساتذة ومحترفى “الورقة والقلم”، وبذلك تستفيد “صاحبة الجلالة” من جناحى الشباب والخبرة دون تفريط فى أحدهما .. أو إهانة وإهدار لأى منهما!.
أقسم بأنى من مشجعى هذه الخطوة ومنذ زمن طويل .. ولكن بشروط وقواعد تضمن حقوق العاملين الأدبية والمادية .. وتحترم تاريخ من أفنى عمره واحترقت أعصابه فى خدمة الكلمة والرسالة الصحفية .. ولكى نقطع الطريق على أى مخاوف أو هواجس من وراء القرار وما فى باطنه من دوافع وخفايا، نلتمس من الهيئة الكبرى فتح الأدراج وإخراج ملفات “المشروعات” وصندوق “الأفكار” المكتظ على آخره داخل “ثلاجة” كل مؤسسة قومية، وإصدار تعليمات صريحة وصارمة بسرعة تطبيق هذه الاقتراحات التى تراكمت فوقها “ديدان” الإهمال والتجاهل من “حاشية” المنتفعين والفشلة ومعدومى المواهب والضمير، وتدريجيا فقد أكفاء وعظماء المهنة الإيمان بأى أمل .. وأى قيمة .. ولأننا واثقون فى عهد “الهيئة” الجديد وطهارة رجالها ونظافة كوادرها، فنحن ننتظر ونتشوق لما هو أبعد وأهم وأعظم من “التحول الإلكترونى”!.
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط