الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جوع وظمأ وظلام.. لبنان في طريق العودة إلى العصور الوسطى.. بلاد الأرز تبحث عن الوقود والكهرباء والمياه والغذاء والدواء.. والساسة يتقاتلون في أبراجهم العاجية

لبنان
لبنان

لا يضاهي جمال لبنان إلا صعوبة العيش فيه، ولا تزور الأزمات لبنان فرادى أبدًا، فالبلد الذي لم يعرف الاستقرار السياسي والاقتصادي إلا نادرًا صار مقبلًا على كوارث معيشية فادحة، وما من غوث يلوح في الأفق.

الكهرباء، عصب الحياة في العصر الحديث، صارت غائبة عن لبنان غياب الاستقرار، وغيابها بات يهدد بغياب المياه أيضًا، ناهيك بغياب أساسيات أخرى لأسباب أخرى، كالغذاء والدواء والوقود.

أزمة الوقود

ووفقًا لتقرير لوكالة "شينخوا" الصينية، تصاعدت أزمة المحروقات والطاقة في لبنان إلى مستويات غير مسبوقة بعد إعلان مؤسسة كهرباء لبنان توقف معملي الزهراني ودير عمار، المحطتين الرئيسيتين لتوليد الكهرباء، نتيجة نفاد مخزونهما من الوقود.

وأعلنت وزارة الطاقة اللبنانية الأربعاء الماضي أنها ستتوقف عن تسليم مادة الديزل بعد نفاد معظم المخزون، وهو ما يفاقم أزمة نقص الوقود في البلاد.

وتعتبر أزمة الوقود أحد أبرز وجوه تدهور الوضع في لبنان، خصوصا أن وقود الديزل يستخدم بكثافة في تشغيل المصانع وشاحنات النقل وفي توليد الكهرباء لتعويض النقص فيها، إلا أن عدم توافر النقد الأجنبي للموردين جعل كمياته شحيحة. وامتدت أزمة الوقود في لبنان لتشمل الغاز المنزلي وبنزين السيارات، التي تقف في طوابير لساعات طوال أمام المحطات للتموين.

لا غذاء ولا دواء

ولم يعد الأمن الغذائي والصحي في لبنان بمنأى عن تداعيات أزمة الوقود والكهرباء، إذ حذرت نقابة أصحاب السوبر ماركت في لبنان من أن انقطاع الديزل سيلحق الضرر بالأمن الغذائي.

وقالت النقابة إن انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر الديزل للمولدات سيؤدي إلى توقف مولدات السوبر ماركت عن العمل وإلى الإضرار بسلامة المواد الغذائية.

كما تمددت أزمة شح الوقود ومادة الديزل لتلاحق رغيف اللبنانيين، إذ أعلن مخبز "شمسين"، وهو أحد أكبر مخابز لبنان، في بيان اليوم أن فروعه لن تستطيع تقديم الخبز بكافة أنواعه حتى إشعار آخر بسبب عدم توفر الديزل.

وطالت أزمة الوقود أيضا القطاع الصحي، إذ حذر نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون، في تصريحات اليوم من أن بعض المستشفيات بات مهددا بالإقفال بعد أيام في حال نفاد مخزونها من الديزل لتشغيل مولداتها في ضوء انقطاع التيار الكهربائي مدة لا تقل عن 20 ساعة في اليوم.

وأشار هارون إلى النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية التي لم تعد موجودة في الأسواق مثل البنج والحقن الملونة. وبسبب فقدان الأدوية توقفت معظم الصيدليات اليوم عن العمل.

وذكر بيان لـ"تجمع أصحاب الصيدليات" أن توقفهم عن العمل جاء قسريا وسيستمر إلى حين اتفاق وزارة الصحة مع المستوردين على تسليم الأدوية للصيدليات.

لبنان إلى العطش

بدورها، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) اليوم من انهيار شبكة إمدادات المياه في لبنان.

وقالت المنظمة الأممية في بيان اليوم إن أكثر من أربعة ملايين شخص، من بينهم مليون لاجئ يتعرضون لخطر فقدان إمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب.

وأكدت ممثلة اليونيسف في لبنان يوكي موكو، أن "قطاع المياه في لبنان يتعرض للخراب والدمار بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية التي يمر فيها لبنان". وقدرت أن معظم محطات ضخ المياه ستتوقف تدريجيا في مختلف أنحاء البلاد في غضون 4 و6 أسابيع.

وقالت موكو إن "أكثر من 71 في المائة من الناس معرضون لخطر عدم الحصول على المياه، ذلك أن قطاع المياه في لبنان غير قادر على العمل بسبب عدم قدرته على دفع تكلفة الصيانة بالعملة الأجنبية".

وأوضحت أن من الأسباب أيضا انهيار شبكة الكهرباء وارتفاع تكلفة المحروقات، حيث يضع انقطاع التيار الكهربائي الكلي وإمدادات الطاقة المتقطعة أنظمة المياه تحت ضغط شديد، ما يؤدي إلى وقف معالجة المياه وضخها وتوزيعها.

ولاحظت المسؤولة الأممية أن نظام المياه العامة في لبنان على وشك الإنهيار في أي لحظة، وأن ذلك يتزامن مع تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) من جديد بسبب متحول (دلتا) مما يستدعي إجراءات عاجلة للحصول على مرافق صحية آمنة.

وأشارت إلى أن اليونيسف تحتاج إلى تمويل فوري ومستدام يبلغ 40 مليون دولار سنويا للحفاظ على تدفق المياه بشبكة المياه العامة في لبنان من خلال تأمين الحد الأدنى من تكلفة المحروقات وتوفير الكلور للتعقيم وتأمين قطع الغيار والصيانة.

سياسيًا

سياسيًا، حددت رئاسة الجمهورية اللبنانية يوم الاثنين المقبل، 26 يوليو، موعدا للاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة المقبل، وذلك بعد أيام من اعتذار رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري عن مهمة تشكيل الحكومة.

وكان الرئيس اللبناني ميشال عون قد أكد في وقت سابق أن "لبنان سيتمكن من تجاوز الظروف الصعبة التي يمر بها حاليا على مختلف المستويات، لأن الأحداث أثبتت أن إرادة الحياة عند اللبنانيين مكنتهم دائما من التغلب على صعوبات كثيرة في الماضي".

وجاءت تصريحات عون بعد خطوة زعيم تيار المستقبل سعد الحريري بالاعتذار عن تشكيل الحكومة، في أحدث فصول الأزمة السياسية الممتدة منذ فترة بينما تغرق البلاد في أسوأ أزماتها الاقتصادية التي وصلت حد شح البنزين والخبز والدواء.

وانهار سعر صرف العملة المحلية بشكل غير مسبوق، فصار الدولار يساوي 23 ألف ليرة لبنانية. وسرعان ما اندلعت احتجاجات واسعة في معظم المناطق اللبنانية امتدت من طرابلس شمالي البلاد إلى شوارع بيروت.


-