التأهيل النفسي للإنجاب

هل تعلم مقدار ما يعانيه صغير لا حول له ولا قوة جراء قدومه لهذه الدنيا الواسعة بأمراض عضوية ونفسية لا تعد ولا تحصى دون أي ذنب أقترفه سوى ميلاده لأسرة غير مهيأة للإنجاب؟!،.. أقول هذا الكلام بمناسبة تكليف سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بتدشين مبادرة للكشف وتوعية الراغبات في الإنجاب.. وقد توقفت طويلاً أمام عبارة قالها سيادته "الأسرة مسؤولة على تهيئة الظروف لإنجاب طفل.. دي روح يا جماعة حتيجي وتبقى عايشة، فيه أقدار لكن فيه أسباب الدنيا، يجب أن تكون الأم مستعدة"..
حقاً سيدي الرئيس،.. كم من أسباب يغفل أو يتغافل عنها رجال ونساء بفعل رغبتهم العارمة في الأبوة والأمومة، دون التأكد من مدى صلاحيتهم للقيام بهذه المهمة الصعبة، بما تحتاجه من متطلبات عضوية بل ونفسية لتنشئة، وبناء جيل صالح لخدمة مجتمعه ووطنه..
فلا أحد يدري مقدار البؤس الذي يعيشه عدد ليس بقليل من الأبناء بسبب عدم صالحيه والديهم للإنجاب من الأساس،.. وحدهم الذين ولدوا لآباء وأمهات اتخذوا قرار الحمل قبل معرفة حقيقة كفاءتهم العضوية والنفسية لاحتضان طفل من عدمه، يستطيعون أن يقصوا علينا أهوال صحية سرقت ابتسامتهم، واضطرابات نفسية اغتالت حلو طفولتهم..
لذا أتمنى ألا تكتفي تلك المبادرة الرئاسية الهامة بالكشف عن الأمراض العضوية، والتوعية الصحية للراغبات في الإنجاب فقط،.. بل أن تشتمل أيضاً على اختبارات نفسية تحدد قدرة السيدة الراغبة في الحمل على التعامل مع تبعاته المعنوية، على أن يشاركها في هذه الاختبارات زوجها..
أليست الصلاحية النفسية لا تقل أهمية عن تلك العضوية، وبناء أسرة سليمة يعتمد على طرفي العلاقة الزوجية معاً؟!،... فلو تتبعنا أحوال الصغار في العالم وفقاً لما رصدته أحدث بيانات اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية،.. للاحظنا ازدياد الاضطرابات النفسية لدى الأطفال والشباب أغنياء وفقراء على حد سواء، والتي وصلت نسب أصابتهم إلى 20% من تعداد أطفال العالم.. فضلاً عن تسجيل الانتحار كسبب ثاني للوفاة بين المتراوح أعمارهم من15 إلى 19عاماً في جميع البلدان .. وإذا انتقلنا لأحوال الصغار في مصرنا الحبيبة لوجدنا أن بعضهم يعاني اضطرابات سلوكية بسبب عصبية، عناد، ضرب، وأحيانا سباب وصراخ من أب أو أم.. ولو ركزنا في تفاصيل وهوامش ما ينشر من بلاغات يتلقاها خط نجدة الطفل التابع للمجلس القومي للطفولة والأمومة من صغار يتعرضون لكافة أنواع وأشكال العنف من أب أو أم، لوجدنا أننا بحاجة ملحة لاختبارات نفسية لكل راغب وراغبة لأبن يحمل أسمه..
وبعد كل ما قيل ويقال،.. وما تشهده البلاد من مبادرات رئاسية صحية تهدف لرعاية المرأة وبناء أجيال أصحاء، كان لزاماً أن أتقدم بكل معاني الشكر والعرفان لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي على تلك المبادرة الجديدة..