الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التميز ليس رقماً

تساءلت دوماً كيف يرهن البعض عالمه.. غده.. بل وكل حياته على رقم.. مجرد رقم.. سواء ارتفع أو انخفض فلن يكف الكون عن الدوران.. و لن تغلق دنيا العمل أبوابها في وجه من يطرقها، وداخله إصرار على النجاح حتى لو لم يلتحق بكلية ما كانت له يوماً الحلم والهدف!.. أقول هذا الكلام بمناسبة حالات الانتحار الثلاث التي أعقبت إعلان نتيجة الثانوية العامة.. 

 ولأن نتائج هذا العام أعادتني لأيام زمان، فاسمحوا لي أن أقص عليكم تجربتي الشخصية،.. ربما أفادت طالب لم يحصل على المجموع الذي تمناه، أو ساهمت في إزالة دمعة حزن تتلألأ بين مقلتي أعين أم أو أب حزناً على حرمان أبنهم من كلية توهموا أن سر تفوقه يكمن في ختم شهادتها.. 

تعالوا معاً نعود للوراء، وتحديداً إلى عام 1989.. وقتها،..أنهيت الثانوية العامة "الشعبة الأدبية" بمجموع 64%.. وكانت المجاميع مماثلة تماماً لنتائج هذا العام.. يعني لم أدخل كليات القمة ولا حتى المرحلة الأولى بالتنسيق.. فهل توقف مستقبلي؟ أو قلبت أسرتي الدنيا رأساً على عقب وتحول البيت إلى جحيم؟!.. على العكس تماما،..أعلنت عائلتي مراسم الفرح، وبمنتهى الاحتواء طمئنوا خاطري مستخدمين جميع أدوات التشجيع كي يمنحوني الثقة في مرحلة ثانية أحقق من خلالها أحلى بكرة.. و لولا أم داعمة ودافعة إلى التميز وعدم الاستسلام لأي صعب، وأب نقب عن إمكانياتي واهتماماتي ووجهني لاختيار بديل يتناسب مع قدراتي.. ما وقع اختياري على كلية الحقوق من بين كليات الآداب والتجارة المناسبين لمجموعي حينذاك.. وبالفعل، كانت ولازالت المواد الدراسية لتلك الكلية بمثابة مدرسة الحياة، فمن خلال كتبها تعرفت على عالم السياسة، الاقتصاد، ومختلف القوانين، والأهم تعلمت كل تفصيلة تتعلق بحقوق وواجبات المرأة والرجل  سواء في دنيا العمل، الزواج، وغيرهما من كافة مناحي الحياة، ما أهلني للعمل الصحفي والذي لم يختلف طريقي ووضعي المهني فيه عن أي خريج إعلام،.. هكذا،.. أدركت أن التميز في المجال الإعلامي أو غيره مقترن دوماً بالكفاءة والإبداع وليس المؤهل فقط!

فيا كل أب وأم حالم بغد أجمل لأبنائه،.. أخلعوا رداء الدكتور، والمهندس..ولا تربطوا المستقبل بكلية قمة، فهذه المسميات متغيرة، وما كان يحسب قمة في الأمس أصبح على أخر قائمة طلبات تنسيق اليوم والعكس صحيح..

إياكم أن تنخدعوا في بعض لافتات التعليم الأجنبي على وهم أن مصاريفه الباهظة كفيلة بفتح أبواب العمل المغلقة فيما بعد.. فلو كنتم حقاً تريدون تعليم يضمن وظيفة وغد أفضل، فما عليكم إلا أن تشجعوا أولادكم على الابتكار والتميز في تخصصات جديدة يحتاجها سوق العمل بدلاً من التمسك بمسميات العرض فيها أكثر من الطلب ولا يبقى لخرجيها سوى "لقب"!..

 

  

 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط