الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصطفى الشيمى يكتب: مائة قلب

صدى البلد

انطلقت هى بسرعة خاطفة، واختفت قبل أن استدير.. عدت إلى ما حولي ، لم أجد إلّا صحراء شاسعه ممتدة. لا شئ هنا لا أى اتجاه . أنا لا أحلم ، قطعاً لا أحلم .  خلعت ساعة اليد  و قربتها من أذني ، التكتكة مسموعة أنا لا أحلم .  بالتأكيد بيتى موجود و لكنه مختفى في مكان قريب . 
جلست انتظر .. لم يكن لدى رفاهية الاختيار . غابت الشمس ، نمت ، صحوت ، أشرقت  ، مالت ، ثم غابت ، نمت ، و حلمت أنى أمثل دور البطولة في فيلم سينمائي وانا أحتضن البطلة أمام مخرج عجوز  و عيون الناس و الكاميرا تضايقني . لمحت خيبة الأمل في عيون كل من حولي كان كلاً منهم يتمنى تلقى نفس الاهتمام ... معزورون جميعاً فأنا بكامل حصوني لم أجسر على المعارضة . 
صحوت ، و الجوع يطاردني .  لم أجد إلّا هذة الأغصان الخضراء ، مضغتها ،  أحسست بلذعه ، توقفت عن أكلها. الشمس فوق رأسي كحارس السجن الانفرادي ، ضوء الشمس اشتد كأنها شحنت بطاريتها إلى آخرها ، أخطأت و عاتبتها في نظرة ، فلم أستطع سحب نظرتي و فقدت الوعي ، و بعد أن غربت عدت للوعى و وجدتها هى أمامي ، انطلقت إليها بكل قواي أجرى ، وهى تجرى ، الحدائق واسعة ، كل أثر من قدميها ينبت مكانه زهرة ،  اختفت من أمامي ، تذكرت جوعى فأكلت و ارتضيت هذه المرة بمّر و لذعه الطعم ، ثم عاودت الجري في خط مستقيم . لا أجد شئ ، و لكنى أحسست بطريقه ما أنى محاصر ، شاهدت وراء كل شجرة مُتخفى ،  أحاطوني ، و عندما اقتربت منهم  اكتشفت أنهم عرائس خشبيه لا تقوى على شئ ، طال الترقب و غابت الشمس. وكأن عقارب الساعة لا زالت تتحرك و الزمن متوقف .  
كل شئ هنا قديم كجو المقبرة التى تفتح بعد مائة عام  ، لم يطرق النوم جفنى،  و ظلوا مستيقظين حولي ، فى منتصف الليل سمعتهم يقولون لبعضهم ، أنها  تحتل الصدارة بجمال يفوق  كليوباترا و أنوثة أفروديت ، هى من استطاعت أن تغير مجرى هذا النهر  ، عيناها بحور ، شعرها ليل ، شفاها دواء ، أسنانها فضيه تضئ عتمه الليل كالبرق ، أنفاسها دليل حار و رطب .  
أشرقت الشمس ، كنت بمفردي بلا حراس أو عرائس  ، هى طائرة تحت عرش هذا القصر الأنيق . كان الباب مفتوح  ، بوابه عتيقه و عملاقة لم تفتح من أحقاب  ، أخترت أنا أبعد الأبواب ، دخلت ، و مشيت أعوام،  نظرت خلفي و حاولت العودة ، و لكنى وجدت ألف سور خلفي ،  نظرت أمامي مرة أخرى وجدت نفسي فى متنزه واسع مفتوح ، كانت هناك ، جالسه ، أشارت إلىّ و اقتربت منها و أصبحت بجوارها تماماً ، جئ بالطعام ، و أكلت .. لى أعوام وأنا جوعان  ، جئ  بالشراب،  و شربت .. لى أعوام وأنا فاقد الوعي والشغف. كانت لى كالظل الذى يأتي بعد لفحة شمس حارقة ، تلألأت أمامي  كالفاكهة الطازجة التى  نبتت من ساعات ،  ظننت أنها بقلب واحد ، اليوم تأكدت أن لديها مائه قلب . 
أشارت و أطفات الأنوار ، أشارت و أنطفأ القمر.... وأنا ذاهل من عدم شروق الشمس بعد هذة  الليلة ، و الصحراء الجرداء باتت تنبت بدون ماء .... !