الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. صابر حارص يكتب: الشر الذي لا ندرك أنه خير

د.صابر حارص
د.صابر حارص

لا يوجد في الكون شر مطلق، الشر في باطنه خير، ولا يتسق وجود الشر المطلق مع وجود الخالق والراحم والرحمن الرحيم ،فالله خير ولا يمكن أن يصدر منه الشر،  فقط نحن نجهل الحكمة من الابتلاء بينما هناك من يدركها بفضل الله عليه.

كل ما يجري وسيجري في الكون للأفراد والجماعات والمجتمعات وقع بإرادة الله، وإرادة الله هنا تعني السماح بما يقع والعلم به،  فالمرض له حكمة تقود إلى خير، والهم والحزن له حكمة تقود إلى خير، والفقر حكمة تقود إلى خير، وموت الأبناء والأزواج والآباء حكمة تقود إلى خير،  وضياع الأموال حكمة تقود إلى خير، والانفصال بين الأزواج حكمة تقود إلى خير.

 وملخص الحياة كلها أن الإيمان بالقضاء والقدر يرفع الهم والحزن ويقود صاحبه إلى دخول الجنات العلا.

تأمل قول الله سبحانه وتعالى: “وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ”.
فالخير هنا في بشر الصابرين، وبشارة الصابرين هي محبة الله وتأييده لهم في الدنيا واستيفاء أجرهم بغير حساب في الآخرة، إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب،  والرحمة هنا أن الابتلاء ليس في كل الخوف والجوع ونقص الأموال والثمرات، ولكن في شيء منها أو القليل منها حتى يتبين الصادق من الكاذب ويمحص الله الخبيث من الطيب،  ويفوز الصابرون برضا الله والجنة بلا حساب.
وتأمل قول الله سبحانه وتعالى: “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَٰهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّٰبِرِينَ”،  وَ"لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ".
والخير هنا في لعلهم يرجعون من غيهم وظلمهم وتقصيرهم، يرجعون من أذى الناس والإضرار بهم، يرجعون عن ذنوبهم ويكفرون عن سيئاتهم، ويتوبون عن خطاياهم،  ويتطهرون من الاثم والفواحش، حتى ينجوا من  عذاب القبر  ودخول النار.

ومرة أخرى يظهر الخير في الشر في قوله تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.

مرة أخرى يأتي الخير في الشر حتى يرجع العباد مسلمين وغير مسلمين عن الفساد والاستبداد والإفساد في الكون... وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.