الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حصاد 2021 .. ليبيا تخطو بحذر للخروج من النفق المظلم .. وتعثر إجراء الانتخابات وسط مؤشرات تبعث بارقة أمل

حصاد 2021 .. ليبيا
حصاد 2021 .. ليبيا تخطو بحذر للخروج من النفق المظلم

عام 2021 كان شاهدا على كثير من الأحداث في ليبيا، فرغم فشل كل المحاولات لإجراء انتخابات الرئاسة الليبية بموعدها، أملا في خروج البلاد من أزمتها المستمرة منذ سنوات، يبدو أن المشهد يبعث على التفاؤل وسط توقعات بمستقبل أفضل.

شعر الليبيون بخيبة أمل كبيرة بعد قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية، التي كان مقررا لها في 24 ديسمبر الجاري، حيث يتمنى الشعب الخروج من النفق المظلم منذ سقوط نظام الراحل معمر القذافي في 2011.

واقترحت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى 24 يناير، بعد ساعات قليلة من إعلان لجنة برلمانية أنه "يستحيل" تنظيمها في موعدها، لكن كيف مر هذا العام على الليبيين؟

حكومة انتقالية ومؤتمرات دولية

استقبلت ليبيا عام 2021 بخطوات مفصلية، حيث انتخب المشاركون في الحوار الليبي-الليبي خلال اجتماعات في جنيف برعاية الأمم المتحدة عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة للفترة الانتقالية، إضافة إلى مجلس رئاسي مكون من 3 أعضاء برئاسة محمد المنفي.

وفي مارس، حصلت الحكومة الانتقالية ثقة البرلمان الليبي لتحل محل حكومة الوفاق الوطني التي كان يقودها فايز السراج وحكومة الشرق.

وبحلول 23 يونيو، استضافت العاصمة الألمانية برلين مؤتمر "برلين 2" الذي ضم  أبرز أطراف النزاع الليبي وبينهم للمرة الأولى الحكومة الانتقالية.

وكان المؤتمر خطوة للتأكيد على توقف الأعمال العدائية في ليبيا، واستمرار وقف إطلاق النار، وأنه تم رفع إغلاق المنشآت النفطية.

ووقتها، قالت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش "لقد أحرزنا تقدما فيما يتعلق بالمرتزقة ونأمل في أنهم سينسحبون في الأيام المقبلة من الجانبين".

وأكد البيان الختامي لمؤتمر برلين 2 أن "كل القوات الأجنبية والمرتزقة يجب أن ينسحبوا من ليبيا بدون تأخير".

وحاول المشاركون في المؤتمر الدولي طوال تلك الفترة تحقيق الهدف منه وهو إنهاء التدخل الخارجي في الصراع الليبي والذي تمثل في توريد أسلحة ومرتزقة إلى ليبيا.

أما التحدي الآخر والأبرز أمام الأطراف الليبية والمجتمع الدولي،تمثل في الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

وفي هذا السياق، شهدت العاصمة الفرنسية باريس في نوفمبر الماضي، مؤتمرا دوليا حذر من مساءلة من يتورطون في عرقلة أو التلاعب في الانتخابات، ودعا لتسليم السلطة بشكل ديمقراطي للسلطات والمؤسسات المنتخبة الجديدة.

ووقتها، أعرب المشاركون في مؤتمر باريس عن تطلعهم إلى إعداد مفوضية الانتخابات جدولا زمنيًا كاملا للانتخابات وتنفيذه في ظل ظروف سلمية.

كما تطرق المؤتمر في بيانه الختامي إلى أهمية سحب جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوى الأجنبية من ليبيا، كما دعا إلى تأمين وصول البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق إلى جميع أنحاء البلاد دون عوائق.

خطوات نحو إجراء الانتخابات

في سبتمبر 2021، قرر المشير خليفة حفتر تجميد  مهامه العسكرية استعداداً للانتخابات الرئاسية، ما أدى لسريان أجواء من الارتياح والأمل في استمرار التهدئة حتى إجراء الانتخابات.

كما اعتبر البرلمان الليبي في أكتوبر، القانون الذي ينظم الانتخابات التشريعية،  وحدد رسميا 24 ديسمبر موعدا للانتخابات الرئاسية، قبل أن تقترض المفوضية العليا تأجيلها لمدة شهر.

وبحلول نوفمبر، فتح باب تقديم الترشيحات للانتخابات، وأثيرت حالة من الجدل مع إعلان سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر خوض الانتخابات الرئاسية ليشتعل صراع قانوني.

كما قدم رئيس الحكومة الانتقالية عبد الحميد دبيبة، أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية، إضافة إلى وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وليلى بن خليفة، التي باتت أول امرأة تترشح للرئاسة في تاريخ ليبيا  

مصالحة ولقاءات تبعث على التفاؤل

في خطوة لافتة عقب تأكد تأجيل الانتخابات الليبية، أجرى وزير الداخلية الليبي السابق فتحي باشاغا ونائب رئيس الوزراء السابق أحمد معيتيق، وكلاهما مرشحان للانتخابات الرئاسية، زيارة غير مسبوقة إلى بنغازي حيث التقيا المشير خليفة حفتر، في خطوة يأمل الليبيون بأن تساعد في إنهاء الفوضى بالبلاد.

وقال المرشحون في ديسمبر الجاري، إن الاجتماع جاء بهدف "توحيد الجهود الوطنية للتعامل مع التحديات التي تمر بها ليبيا واحتراماً لإرادة أكثر من 2.5 مليون ناخب ليبي".

وذكر بيان مشترك قرأه باشاغا أن"المجتمعين اتفقوا على أن المصلحة الوطنية الجامعة فوق كل اعتبار.. وأنها خيار وطني لا تراجع عنه.. واستمرار التنسيق والتواصل وتوسيع إطار هذه المبادرة الوطنية لجمع الكلمة ولم الشمل".

وينظر إلى لقاء حفتر وباشاغا، اللذين كانا على خلاف طوال سنوات، إضافة إلى معيتيق، على أنه خطوة متقدمة للغاية على طريق المصالحة والوحدة في ليبيا.

وقبل انطلاق المحادثات مع حفتر قال باشاغا "نريد كسر حاجز الانقسامات الأخير الذي يسود البلاد، يجب على ليبيا أن تتوحد أيا كان الفائز في الانتخابات الرئاسية"، فيما قال أحمد معيتيق إن المرشحين سيتوجهون بعد بنغازي إلى مدن أخرى في الشرق.

تأجيل الاننتخابات وإعداد خارطة طريق

اقترحت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، تأجيل الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة إلى 24 يناير المقبل، بعد تأكيد البرلمان الليبي استحالة إجراء الانتخابات في موعدها.

فيما أعلن مجلس النواب الليبي تشكيل لجنة من 10 أعضاء،  تتولى العمل على إعداد مقترح لخارطة طريق ما بعد 24 ديسمبر الجاري.

كما طالب 19 مترشحا رئاسيا مفوضية الانتخابات الليبية بإعلان القائمة النهائية في انتخابات الرئاسة، كما طالبوا المفوضية بكشف أسباب عدم إجراء الانتخابات في موعدها.

ودعا المرشحون إلى تزويدهم بتفسيرات لأسباب عدم إجراء الاقتراع في الموعد المحدد.

من جانبها، أكدت اللجنة البرلمانية المكلفة بخارطة الطريق، إنها تعتزم التواصل مع كافة الأطراف الليبية لتوسيع قاعدة المشاركة واستعادة القضية الليبية عبر إيجاد الحلول للوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والخروج من المراحل الانتقالية المتعاقبة.

جهود دولية لإتمام الاقتراع في أقرب وقت

تقود الدبلوماسية الأمريكية المبعوثة السابقة للأمم المتحدة التي عينها الأمين العام للأمم المتحدة مؤخرا كمستشارة خاصة إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز، دور الوساطة بين جميع الأطراف في ليبيا.

وعقدت ويليامز  اجتماعات مع كافة الأطراف الليبية للتوافق حول وضع خريطة طريق للفترة الممتدة حتى إجراء الانتخابات.

وقالت ويليامز في وقت سابق، إن الليبيين قطعوا شوطا طويلا منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به الآن، للبناء على تلك المكتسبات، وأهمها توحيد المؤسسة العسكرية.

بينما دعت البعثة الأممية لدى ليبيا، جميع الجهات الفاعلة إلى "ممارسة ضبط النفس في هذه المرحلة الدقيقة، والعمل معا لتهيئة مناخ أمني وسياسي يحافظ على تقدم ليبيا ويمكن من إجراء انتخابات سلمية وعملية انتقال ناجحة".

والأسبوع الماضي، طالبت أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، في بيان مشترك، بالإسراع في تحديد موعد جديد لانتخابات الرئاسة في ليبيا بعد أن تم تأجيلها.

وقالت الدول الخمس في البيان "ندعو السلطات الليبية المعنية إلى احترام تطلعات الشعب الليبي نحو انتخابات سريعة عبر الإسراع في تحديد موعد نهائي للانتخابات ونشر القائمة النهائية للمرشحين للرئاسة من دون تأخير".

بدوره، دعا الاتحاد الأوروبي السلطات في ليبيا إلى وضع جدول زمني لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة ونزيهة في أقرب وقت ممكن.

وذكر التكتل الأوروبي في بيان "الانتخابات ستعطي ليبيا الفرصة لبناء مستقبل مستقر وستسمح بنقل السلطة إلى مؤسسات منتخبة ديمقراطيًا".

ووسط أنباء عن تعيين حكومة جديدة لقيادة ليبيا إلى موعد الانتخابات الجديد، قالت ويليامز إن القرار يرجع إلى البرلمان، لكن "ينبغي أن ينصب الاهتمام بشكل رئيسي على إجراء الانتخابات".

وأوضحت أن أي تغييرات على الحكومة الليبية، يجب أن تجرى وفقا للقواعد التي أقرتها الاتفاقات السياسية السابقة التي حظيت باعتراف دولي.

ورغم عدم تحقيق الحلم الليبي بإجراء الانتخابات، والخروج من المشهد السياسي المعقد في هذا البلد، يتوقع كثيرون أن العام القادم يبشر بمستقبل أفضل لليبيا وإمكانية حدوث استقرار سياسي في البلاد، إذا سارت الأطراف الليبية على خارطة الطريق المحددة للفترة المقبلة.