الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الطريق إلى الهُدى

د. هادي التونسي
د. هادي التونسي

أدمنت الخوف والوحدة، لا رفيق لها إلا الكآبة، حتي أنها أصبحت لا تجد للمبالاة والانتماء جدوى، فقد أفهموها أنهم لا يعرفون لها أما، و تبنوها إحسانا، فلا مناص من ان تتقبل عنف و عصبية و شدة و إهانة الرجل الراعي، وترهيب والدته ومن بعدها تحريض زوجته، فهي ليست إلا لقيطة عليها أن تصمت، وتكون شاكرة لهؤلاء الطيبين الذين رعوها، حتي وإن شعرت بالغيرة من أطفالهم، فلهم أب، وليس لها إلا الله ملجأ، وذكاء حدسا أمانًا. 

 

تمر الأيام و تدرك ان الرجل هو بالفعل ابوها، و انه مصدوم من فرار زوجته السابقة من مستشفى الولادة تاركة إياها هناك، فلم يكن للوالد بد من ان يأويها، و تحملت الطفلة غله و حقده حتي اعترف ببنوتها، فالرجل تربي ولدا وحيدا وسط أخوات، و حرص والداه علي ان يجعلوا منه وصيا علي كل امرأة حوله و الا فقد شرفه، لكن من احبها رفضته زوجا، و من تزوجها فرت منه، و تركتها له.


تمر الأيام و تعرف أين والدتها، تتصل بها فرحة، فأخيرا أصبح لها والدان ككل طفل، و الأمل يحدوها ان تحيل وحدتها حنانا، و خوفها أمانًا ، و دونيتها اعتزازا، و كآبتها فرحاّ، فأخيرا ابتسم لها القدر، و رضي الله عنها، الا ان الأم استقبلتها كما لو كانت عارا  يسيئ لزوجها الحالي الثري الچنتل مان الشهير ولاتصالاتها بأوساط الملوك و الأمراء، و لأطفالها المرفهين لباسا و نمط حياة، بل لم تسلم حتي من تحرش من تصورته چنتل مان.

 

أصبح الأمل سرابا، و استحال اليأس ضياعا، و أصبح التمرد طريقا، والمتعة بديلا ومصيرا، لكنها بعد فترة أدركت أنها ليست حلا بل مهربا، لذة تفيق منها فلا تجد الا اليأس والضياع.


هي أقوي من ذلك، وأعمق من ان تقبل و تستمر؛ فالصراع الدائر منذ الطفولة بحث مضني عن الذات، عن الانتماء و عن المغزى، فلم يعد لها إلا أن تجد طريقها الي الله، طريقا يحترم العقل، و ينفتح علي التساؤلات و النقد، طريقا دعمته بالقراءات و الممارسات النفسية و الروحية، فأمانتها تقتضي النزاهة، و هدفها هو التناغم مع النفس و الروح و التدين، و ليس أقل من ذلك ردا علي تساؤل منذ طفولتها لا يقبل المساومة وخداع النفس.
هي الآن رائدة اجتماعية، و مرشدة حياة، كبت الطفولة أصبح تلقائية و طلاقة، و مرارة التجربة أصبحت هديا و قدوة، و قسوة الحرمان أضحت عطاء نبيلا  وحسا رقيقا، ينشر الفرح و الأمل، و يهدي الحكمة و السكينة، فوراء كل عظيم ألم عظيم؛ هكذا علمتها الحياة، و إن مع العسر يسرا.


سلاما علي من اتبع الهدى.