الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف جسدت النصوص المسرحية موت الزوج أو الزوجة: حزن يدوم للأبد

كاتب مسرحي
كاتب مسرحي

موت الزوج أو الزوجة غالبا ما يمثل فاجعة مؤلمة للأسرة، ويكون لذلك آثار عميقة عليها، ونرى بعض المسرحيات التي تصور لنا الفواجع التي تحدث للأسرة بسببب موت الزوج أو الزوجة.

ويكشف د. علي خليفة الأستاذ بكلية الآداب-جامعة العريش، وأستاذ مشارك بالكلية الجامعية بتربة - جامعة الطائف، كيف تتناول النصوص المسرحية غياب أيا منهما وتأثيره في تشكيل مصير الأسرة.

ويوضح عدة أمثلة، ففي مسرحية الغربان للكاتب الفرنسي هنري بيك، ففي هذه المسرحية نرى كثيرا من غربان البشر قد انقضّوا على أسرة فينيرون بعد موت رب هذه الأسرة فينيرون لينهشوا لحمها، ويمتصوا دمها، وكذلك نرى في مسرحية بيت برناردا ألبا للوركا أن أثر موت زوج برناردا ألبا الثاني كان بعيد الأثر عليها وعلى بناتها، فقد حدثت لهم فواجع عديدة بعد ذلك.

وفي الحقيقة أن موت الزوجة غالبا ما يكون أكثر إيلاما على الأسرة، وتكون له نتائج مؤثرة عليها، من موت الزوج فيها.

ونرى بعض المسرحيات تتناول هذا الموضوع بشكل هزلي، فنرى الزوجة فيها بعد موت زوجها تدعي الحزن عليه، ثم نراها تميل لأول رجل بعد ذلك يبثها حبه، وتنسى زوجها الراحل، كما نرى ذلك في مسرحية الدب لأنطون تشيكوف، فالسيدة بوبوف في هذه المسرحية تعلن الحداد الطويل بعد موت زوجها، وتزعم لمن حولها أنها قد حرمت على نفسها كل مباهج الحداد، وترتدي السواد، وتأمر بغلق نوافذ بيتها الكبير، ثم ما تلبث أن تستجيب لأول رجل يطرق بابها بعد ذلك، وهو سميرنوف، وقد بدت متضايقة منه في البداية لكونه قد عكر عليها وحدتها وشغلها عن إظهار حزنها على زوجها الراحل، ثم ما لبثت أن استجابت لعواطفه حين رأته يظهر حبه لها.

والأمر كذلك في مسرحية الضيف الحجري لألكسندر بوشكين، ففي هذه المسرحية نرى دونا أنا شديدة الحزن على موت زوجها دون ألفارو، ونراها تقضي ساعات طويلة أمام تمثاله الموضوع في مدخل إحدى الكاتدرائيات، ولكننا نراها بعد ذلك تستجيب سريعا لدعوة دون جوان لها حين عرض عليها حبه، ونراها تنسى ذلك الزوج الراحل سريعا، بل إنها تظل تتمسك بدون جوان حين عرفت حقيقة شخصيته،  وانه هو الذي قتل زوجها الراحل.

وكذلك نرى نفس الأمر في موقف الزوجة من زوجها الراحل في مسرحية العنقاء كثيرة الظهور للكاتب الانجليزي كريستوفر فراي، ففي هذه المسرحية تظهر دينمين في أحد القبور بجوار جثة زوجها، وقد هيّأت نفسها للعيش في هذه القبر بعد وفاة ذلك الزوج، وترفض دعوات خادمتها لها بترك ذلك القبر، والخروج للحياة، ثم نرى دينمين تستجيب لأول رجل يدعوها للحب، وهو جندي دخل هذه المقبرة، وفوجي بوجود هذه السيدة فيها، وأكثر  من ذلك أن دينمين تعرض على ذلك الحبيب أن يضع جثة زوجها الراحل مكان الجثة الأخرى لشخص تم إعدامه مع آخرين، وتم خطف هذه الحثة، وكان هو  يقوم بحراسة هذه الجثث، وذلك حتى لا تتم معاقبته لو اكتشف ضياع هذه الجثة.

ونرى في بعض المسرحيات الكوميدية رجالا يتصرفون كهؤلاء النساء، فهم كذلك لا يلبثون بعد وقت قليل من وفاة زوجاتهم أن يميلوا لغيرهن، كما نرى ذلك في مسرحية الفقيدة للكاتب الأسباني ميجيل دي أونامونو، ففي هذه المسرحية نرى الزوج يدعي استمرار حزنه على موت زوجته، ويطلب الى خادمته أن ترتدي بعض ملابسها ليتذكرها من خلالها، ثم نراه يظهر إعجابه بهذه الخادمة، وتنتهي المسرحية بزواجه منها.

ولا شك أن ما رأيناه من هؤلاء الأزواج وهؤلاء الزوجات في هذه المسرحيات الكوميدية يعبر عن جانب من الحياة، ولكن الحقيقة أن أكثر الأشخاص يظل في داخلهم ألم كبير لفقد أزواجهم أو زوجاتهم، وكثيرا ما نرى رؤيتهم للحياة تتغير كثيرا بعد رحيلهم، وكثيرا أيضا ما يشعرون بأنهم فقدوا الشعور الحقيقي بالبهجة بموتهم.