الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زيارة الرئيس الفرنسي لـ الجزائر.. هل يعتذر ماكرون عن أخطاء الماضي

ماكرون يزور الجزائر
ماكرون يزور الجزائر الأسبوع المقبل

ماكرون يزور الجزائر.. شهدت العلاقات بين فرنسا والجزائر توترا كبيرا خلال الفترات الماضية، ولكن باريس تحاول إصلاح العلاقات بينها وبين الجزائر، والحفاظ على المصالح المشتركة التي تجمع شعبي البلدين وتقويتها وتحقيق أكبر استفادة للطرفين.

الجزائر محط اهتمام الدول الأوروبية

وتعد الجزائر بفضل احتياطاتها الضخمة من الغاز الطبيعي، محط اهتمام دول الاتحاد الأوروبي ومن بينها فرنسا، وذلك في إطار جهودهها الرامية إلى تقليص وارداتها من الغاز الروسي، ضمن عقوبات فرضتها الدول الغربية ضد موسكو خاصة صادراتها من النفط بسبب الحرب في أوكرانيا.

ويعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة الجزائر في إطار سعيه لتحسين العلاقات بين البلدين، حيث تأتي الزيارة تلبية لدعوة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ستتم خلال الفترة من 25 - 27 أغسطس الجاري.

وتعتبر هذه الزيارة الرسمية الثانية لماكرون إلى الجزائر، منذ توليه مقاليد الحكم، وسوف تساهم هذه الزيارة في تعميق العلاقة الثنائية من خلال التطلع إلى المستقبل، وفي تعزيز التعاون الفرنسي- الجزائري في مواجهة التحديات الإقليمية ومواصلة العمل من أجل معالجة الماضي.

ويقول الكاتب الصحفي خالد شقير، رئيس جمعية مصر 2000، إن العلاقات الفرنسية الجزائرية تعتبر من إحدى العلاقات المعقدة، وفي كثير من الأحيان ينساق الساسة الفرنسيين وراء معسكر اليمين المتطرف، ويقومون بعدة تصريحات تسئ بصورة أو بأخرى إلى الجزائر، وذلك لأن رأس السلطة في الجزائر كان من يحكمها يرفض دائما هذه الإهانات.

ماكرون وتخفيف التوتر بين البلدين

وأضاف شقير، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الجزائر من الدول الكبرى في شمال أفريقيا، ولها مكانة كبيرة جدا اقتصاديا، خاصة أنها تملك الغاز، وتعد الجزائر دولة محورية، والدول الأوروبية تتعامل معها بحرص شديد جدا، نظرا لمكانتها ولرفضها أي تطوربأي صورة من الصور.

وأشار إلى أن الرئيس الفرنسي لا يسعى إلى الاصطدام مع الجزائر خلال الفترة الأخيرة، وكان له تصريح يعبر عن أن الجزائر لم تكن دولة قبل الاستعمار، وهذا تسبب في شرخ كبير جدا بين الدولتين، ولكن الرئيس الفرنسي حاليا يسعى لتغيير هذه الصورة، أو الاعتذار بصورة أو بأخرى، عما ورد منه، وأنه لم يكن يقصد إهانة الجزائر.

وتابع: "تأتي هذه الزيارة في وقت هام جدا لتحاول فيه فرنسا وضع الجزائر في الصورة، ومحاولة استرضائها بسبب مشكلة الغاز الروسي، والأزمة التي يمكن أن يتسبب فيها نقص الغاز للقارة العجوز، وأعتقد أن الرئيس الفرنسي سيكون أكثر لباقة وليونة في هذه الجولة، وسيقدم اعتذارا عما حدث من الاستعمار للجزائر، بالرغم من أن له عدة تصريحات تفيد بعدم رغبته في الاعتذار بأخطاء ارتكبها أجداده، ولكن هو يتطلع إلى علاقات ثنائية مع الجزائر".

واستطرد: "العلاقات التاريخية بين البلدين تدفعه إلى وجود عدد كبير من الجالية الجزائرية إلى التراب الفرنسي، وهو نوع من التعاون بين البلدين، وأعتقد أن هذه الزيارة تعد من أهم الزيارات وسوف تتوقف نتائجها على تصريحات الرئيس الفرنسي، مما يساعد على تخفيف التوتر بين البلدين".

الصحفي خالد شقير
الصحفي خالد شقير

الموقف التاريخي للجزائر من فرنسا 

من جانبه، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إنه بالتأكيد أن زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى الجزائر يوم الخميس القادم هامة جدا، وليس لتصحيح الأوضاع فقط، ولكن هناك أشياء ملحة أخرى لتجاوز مشاكل الماضي، والعمل على أرضية المستقبل، ويكون جزء منها مرتبط بإمدادات الغاز، ومسعى الاتحاد الأوروبي أن تكون الجزائر من ضمن إحدى الدول المهمة في هذا الإطار، وسيكون هذا مطروحا على رأس الأولويات وتطوير مستوى العلاقة، خاصة أن موقف فرنسا من الجزائر تاريخي.

وأضاف فهمي، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن موقف فرنسا من الجزائر تاريخي، ويتوقف على المصالح المشتركة والمتبادلة، بعد التوترات خلال الفترة الماضية، حيث إن الجزائر استدعت سفيرها من باريس احتجاجا على بعض التصريحات التي أطلقت، وبالتالي تكون مراجعة العلاقات بين الدولتين هامة جدا.

وتابع: "القضية ليست في الاعتذار عن الجرائم، ولكن الأمر يقوم على تبادل المصالح المشتركة، حيث إنه يكون أمرا هاما جدا، والرئيس ماكرون اعترف في 2018، أن فرنسا وضعت نظاما للتعذيب المنهجي خلال حرب تحرير الجزائر، وكان حينها هناك تكليف في يوليو 2020 لمراجعة الإرث الاستعمار الفرنسي بالجزائر، وبالتالي الموقف حاليا يحتاج إلى مراجعة في اتفاقيات ومصالح مشتركة في هذا التوقيت، تتطلب بطبيعة الحال الموقف الجزائري في صمالح اقتصادية وثنائية واتفاقيات خاصة بمنطقة شرق المتوسط وما يجاورها".

واختتم: "بالتالي الفرنسيون يريدون مراجعة جميع السياسات الحالية مع دول المغرب، وليس الجزائر فقط، إنما أيضا تونس والجزائر والمنطقة المغربية أكلمها، والرئيس الفرنسي يريد إنهاء الجزائر تماما مع الجزائر، وأعتقد أن هناك تجاوبا جزائريا الآن مختلف عنما كان في السابق".

الدكتور طارق فهمي
الدكتور طارق فهمي

ماكرون يشكك بوجود دولة الجزائر 

جدير بالذكر أن العلاقات الفرنسية - الجزائرية شهدت تراجعاً كبيراً العام الماضي بسبب تصريحات نسبت إلى ماكرون شكك فيها بوجود الجزائر كدولة قبل الغزو الفرنسي لها.

وسبق، وقررت فرنسا فتح أرشيف التحقيقات القضائية الخاصة بحرب الجزائر ( 1954-1962) قبل 15 عاما من المهلة القانونية وبعد نحو 60 عاما على الاستقلال، وهو ما يعد لفتة من فرنسا من أجل المصالحة مع الجزائر التى بدأها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ عدة سنوات.

وحصلت الجزائر على استقلالها عن فرنسا بتوقيع على اتفاقيات ايفيان فى مارس عام 1962، وفى الخامس يوليو من العام نفسه بعد أيام من تصويت 99.72 فى المائة لصالح الاستقلال فى استفتاء، تحررت الجزائر من الحكم الفرنسي، إلا أن آثار الاحتلال الفرنسي للجزائر الذي دام 132 عاما لا يزال يؤثر على العلاقات بين البلدين.

وقامت فرنسا باحتلال الجزائر لمدة 132 سنة أي من 1830م إلى أخذها لاستقلال سنة 1962م. 

قامت فرنسا خلال هذه الفترة بقتل الجزائريين وتشريدهم وأخذ ثرواتهم، بالإضافة إلى الظلم والتعذيب الذي لقيه الشعب.

وكانت الخلافات بين باريس والجزائر حول انعكاسات الاستعمار الفرنسي في الجزائر، منذ 2005 قد أدت إلى عدم التوقيع على معاهدة الصداقة بين البلدين، حيث تتمسك الجزائر باعتذار فرنسا على ما ارتكبته من جرائم في حق الشعب الجزائري خلال العهد الاستعماري 1830/1962 قبل التوقيع على المعاهدة.