الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الزعيم الخالد

صدى البلد

التجربة الناصرية بما لها وما عليها وضعت الزعيم جمال عبد الناصر حيث يجب أن يكون من التاريخ،  فقد كان ناصر انعكاسا صادقا لأمته وشعبه متسلحا بصدق مطلق وشجاعته حاضرة، وإنجازات شكلت هرما يضاهي أهرامات الفراعنة العظام داخليا وخارجيا.

وبعد مرور 52 عاماً على وفاته لا تزال السيرة الذاتية للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ساحة للجدل والسجال  فمن وقت لآخر نجد من يطل برأسه ليتطاول علي زعيم ملك وجدان شعبه، والملايين المتاثرين بمشروعه القومي العروبي الحالم . 

ودائما ما يكون للتاريخ أبطال وأحداث لوقائع فارقة، في حقب زمنية مختلفة ،لكن تظل مجريات تاريخية بعينها محل مناظرات ونقاشات, يجري تفسيرها برؤي مختلفة منفصلة عن سياقها الزمني والجغرافي, بعضها منصف والاخر مجحف.

تجربة الزعيم جمال عبدالناصر ليست فوق النقد، لكن النقد الموضوعي ، ولعل نكسة 67 أحد أهم المحطات التي يضعها من يناصبه العداء ، للنيل من قامته ونهش سيرته  تماما كما فعل لصوص المقابر الملكية  في مصر القديمة.   

ويذكر الأديب الفرنسي أندريه مارلو وهو يعقد مقارنة بين نابليون وجمال عبدالناصر، في مقاربة إلى الهزيمة العسكرية قال لقد وجدت أمتنا نفسها في نابليون , كما وجدت أمتكم نفسها في جمال عبدالناصر، المسألة ليست نصر أوهزيمة, المسألة هي إرادة امة وتقديرها للبطل حين تجد نفسها فيه.

فنليون الذي قضي نحبه في المنفي يعاني مرراة الهزيمة , كرمه وطنه بعد سنوات، حينما عادت فرنسا إلي مجدها كأحد الدول الاوربية العظمي ووضعته علي رأس قائمة زعمائها الخالدين ,بل وعمدت إلى تصميم مدخل قبره، حيث جعلت ارتفاع الباب منخفضاً بشكل مقصود ، حتى تجبر من يدخل إلي مقبرته على الأنحناء إجلالاً وأحتراما لقائدهم.

والمفارقة هنا أن هذا هو تناول أحد كبار الأدباء الفرنسيين، رغم مواقف فرنسا من الزعيم  ناصر نتيجة سياساته المساندة والداعمة للحركات التحررية في العالم من الاستعمار، ومنها الاستعمار الفرنسي وجاء  تناول منصف رغم مرارة فلسفة الهزيمة. 

ورغم  فداحة خسائر حرب الأيام الستة ، إلا أنها حينما توضع في ميزان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يجب أن توضع في إطارها وما قدمه للوطن، فلم تكن معركة 5 يونيوهي معركته الوحيدة، إنما هي واحدة من معارك كثر نجح  في مجملها وأخفق في بعضها ، رغم نتائجها الموجعة لكل عربي ، والتي توافقت  فيها  إرادة القوى الغربية مع إسرائيل للوصول إلي تصفية شاملة لحركة القومية العربية، وللتجربة الناصرية ، ولشعبية القائد الملهم.

كان من الممكن أن يلقي الرئيس وقتها بمسؤلية ما حدث علي معاونيه ولكنه بشيمة الرجال لم يتقبل  أن يعفيه أحد من تبعات ما حدث، وأعترف بالمسؤلية السياسية كاملة في خطاب التنحي، لم يتوراي بشجاعة الأبطال خلف أشخاص او ظروف أو خداع .

وعندما يحكم  التاريخ علي ناصر في 67، لا بد أن يوضع في الأعتبار ظروف الهزيمة وتداعياتها والصمود الذي تلي تلك المرحلة ونجاحه في إعادة بناء القوات المسلحة، وعودته إلى ميدان القتال سريعا ، طبقاً لسياسة الصمود ثم الردع وصولا إلي التحرير وهو ماحدث بالفعل ،وبلغ  قمته في حرب الاستنزاف، التي كبدت العدو الإسرائيلي خسائر فادحة. 

وكان التخطيط والاستعداد لخوض معركة التحرير , وقد وثق الفريق أول محمد فوزي وزير الحربية في ذلك الوقت، في كتابه حرب الثلاث سنوات 1967 - 1970، أن جمال عبدالناصر قد صدق بالفعل في سبتمبر عام 1970 على أمر القتال لتحرير الأراضي المحتلة، على أن تبدأ المعركة فور انتهاء وقف إطلاق النار يوم 7/11/1970، لكن يشاء القدر أن يكون ذلك اليوم ذكرى الأربعين لرحيله. 

وسيظل التاريخ يذكر الزعيم جمال عبد الناصر شاء من شاء وأبي من أبي وبعد مئات السنين  بكل الأمانة والشرف والنزاهة ، ويكفي أنه كان رجلاً تحمل مسؤوليته بشجاعة، وتقبل الحساب عنها في كبرياء.

كان نقطة الضوء في النفق المظلم محاربا أستثنائيا وإنساناً مؤمناً بوطنه وأمته وبمثلها العليا، أفني حياته كلها لخدمة هذه المثل بشرف وصدق، أصاب مرات وأخطأ في اخري ،لكنه  ظل طوال الوقت، بصلابة  المقاتلين في الميدان لم يستسلم حتى النفس الأخير, رحم الله زعيم الأمة خالد الذكر جمال عبد الناصر.