الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العمل في الرقية الشرعية.. حكمه وضوابطه ومتى يحرم أخذ الأجر عليه؟

حكم امتهان الرقية
حكم امتهان الرقية الشرعية

حكم امتهان الرقية الشرعية.. سؤال أجابت عنه دار الإفتاء من خلال موقعها الرسمي، حيث يقول السائل:  ما حكم أخذ أجر مالي على الرقية بالقرآن الكريم؟

 

حكم أخذ أجر مالي على الرقية الشرعية بالقرآن الكريم؟

وقالت الإفتاء في بيانها: حكم أخذ أجر مالي على الرقية الشرعية بالقرآن الكريم؟، إن الرقية: العُوذة -بضم العين- والجمع رُقَى، وتقول: استرقيته فرقاني رُقْيَةً، فهو راقٍ، وقد رقاه رقيًا ورقيًّا، ورجل رقاء: صاحب رقى، يقال: رقى الراقي رقية ورقيًا إذا عوذ ونفث في عوذته، قال ابن الأثير: الرقية العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة كالحمى والصرع وغير ذلك من الآفات. ينظر: "لسان العرب" (20/ 1711، ط. دار المعارف).

 

ولفتت إلى أنه في الاصطلاح عرفها العلامة العدوي في "حاشيته على الكفاية" (2/ 489، ط. دار الفكر): [الرقية وهي العُوذة -بضم العين- ما يرقى به من الدعاء لطلب الشفاء] اهـ.

وأكدت الإفتاء أنه ذهب الجمهور إلى جواز الرقية الشرعية من كل داء يصيب الإنسان، بشرط أن تكون بكلام الله تعالى، أو بأسمائه وصفاته، وأن تكون باللسان العربي، أو بما يعرف معناه من غيره، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بإذن الله تعالى وقدرته؛ لما روى مسلم عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ».

وفي كتاب "الأم" (7/ 241، ط. دار المعرفة): [قال الربيع: سألت الشافعي عن الرقية، فقال: لا بأس أن يرقي الرجل بكتاب الله وما يعرف من ذكر الله] اهـ.

واستطردت أما ما جاء من الأحاديث ينهى عن الرقية فمحمول على ما إذا كان بغير أسماء الله تعالى وصفاته، أو كانت بغير اللسان العربي، أو كان يعتقد أن الرقية تؤثر بذواتها.

وأما أخذ الأجرة على الرقية الشرعية فذهب جمهور الفقهاء إلى جواز أخذ الأجرة على الرقية، واستدلوا بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المروي في "الصحيحين"، قال: كنا في مسير لنا فنزلنا، فجاءت جارية فقالت: إن سيد الحي سليم -أي لديغٌ لدغته عقرب- وإن نفرنا غيب، فهل منكم راق؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه -نعلمه- برقية، فرقاه فبرأ، فأمر له بثلاثين شاة وسقانا لبنًا، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية، أوكنت ترقي؟ قال: لا، ما رقيت إلا بأم الكتاب، قلنا: لا تحدثوا شيئًا حتى نأتي -أو نسأل- النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «وَمَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ».

 

قال العلامة بدر الدين العيني في "البناية شرح الهداية" (10/ 281، ط. دار الكتب العلمية): [والرقية نوع مداواة، والمأخوذ عليه جعل، والمداواة يباح أخذ الأجر عليها] اهـ.

كما قال العلامة شهاب الدين النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني شرح رسالة القيرواني" (2/ 340، ط. دار الفكر): [ويجوز أخذ العوض على الرقية؛ كما في قضية الرهط المشهورة في باب الجعل حين لدغ كبيرهم ورقاه بعض أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام] اهـ.

وقال الإمام ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج في شرح المنهاج" (6/ 372، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [تجوز الجعالة على الرقية بجائز كما مر، وتمريض مريض ومداواته ولو دابة، ثم إن عين لذلك حدًّا -كالشفاء- ووجد؛ استحق المسمى، وإلا فأجرة المثل] اهـ.

وذكر العلامة ابن قدامة في "المغني" (5/ 412، ط. مكتبة القاهرة): [فأما الأخذ على الرقية، فإن أحمد اختار جوازه، وقال: لا بأس. وذكر حديث أبي سعيد. والفرق بينه وبين ما اختلف فيه: أن الرقية نوع مداواة، والمأخوذ عليها جعل، والمداواة يباح أخذ الأجر عليها، والجعالة أوسع من الإجارة، ولهذا تجوز مع جهالة العمل والمدة، وقوله عليه السلام: «أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ»، يعني به الجُعل أيضًا في الرقية؛ لأنه ذكر ذلك في سياق خبر الرقية] اهـ.

قال العلامة الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/ 127، ط. دار المعرفة): [لا بأس بالاستئجار على الرقى والعلاجات كلها، وإن كنا نعلم أن المستأجر على ذلك قد يدخل فيما يرقي به بعض القرآن؛ لأنه ليس على الناس أن يرقي بعضهم بعضًا، فإذا استؤجروا فيه على أن يعملوا ما ليس عليهم أن يعملوه جاز ذلك] اهـ.

وقال الإمام ابن حزم في "المحلى" (7/ 18، ط. دار الفكر): [والإجارة جائزة على تعليم القرآن، وعلى تعليم العلم مشاهرة وجملة، وكل ذلك جائز، وعلى الرقى، وعلى نسخ المصاحف، ونسخ كتب العلم؛ لأنه لم يأت في النهي عن ذلك نص، بل قد جاءت الإباحة...، وهو قول مالك والشافعي وأبي سليمان] اهـ.

وقال العلامة الصنعاني في "سبل السلام" (2/ 117، ط. دار الحديث): [وذكر البخاري لقصة أبي سعيد فيه دلالة على جواز أخذ العوض في مقابلة قراءة القرآن؛ لتأييد جواز أخذ الأجرة على قراءة القرآن تعليمًا أو غيره، إذ لا فرق بين قراءته للتعليم وقراءته للطب] اهـ.

وشددت الإفتاء أن أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن الكريم جائزةٌ من كل مرض، بشرط أن تكون بكلام الله تعالى، أو بأسمائه وصفاته، وأن تكون باللسان العربي، أو بما يعرف معناه من غيره، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل المؤثر الشافي هو الله تعالى بعظيم لطفه وقدرته، وينبغي أن نحذر من الدجالين الذين يحتالون على الناس ويأخذون أجرًا من الناس بدعوى أن هذه رقية، فالأفضل أن يُقصَد الصالحون ممن عُرِفت أمانتهم وعدالتهم.