الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سماء سوريا المستباحة .. تركيا وإسرائيل وروسيا تطارد خصومها على أراضي البلد العربي | اختراقات من الساحل إلى الصحراء

سوريا
سوريا

بعد هدوء نسبي دام لفترة طويلة، عاد أزيز الطائرات الحربية يهدر في أجواء شمالي سوريا مؤخرا، طائرات تحلق في السماء ويحاول مراقبوها على الأرض تحديد هويتها وبالتالي تقرير حاجتهم للاختباء من عدمها.

أجواء سوريا.. اختراقات من الساحل إلى الصحراء

وشهدت الأيام القليلة الماضية تحليقا مكثفا لطيران ثلاث دول في المجال الجوي السوري، قاصفا عدة أهداف تمتد من الشريط الساحلي للبحر الأبيض المتوسط وصولا إلى صحراء الشرق السوري في ضربات جوية هي الأوسع نطاقا خلال الثلاث سنوات الأخيرة.

وحسبما ذكر تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية، تشن كل من تركيا وإسرائيل وروسيا غارات جوية في مناطق متفرقة من سوريا تستهدف من خلالها أطرافًا مختلفة، وتأتي هذه الغارات لتؤكد أن الحرب التي استمرت لعقد من الزمن لم تنته بعد، وهناك إمكانية لتصعيدها على ثلاث جبهات على الأقل، ورغم أن الوضع في أوكرانيا يستحوذ على نصيب الأسد من الاهتمام العالمي، إلا أن النزاع في سوريا عاد ليلقي بظلاله على بقية المنطقة التي لا تزال أحداثها مشتعلة.

إسرائيل تقصف أهدافًا لحزب الله وإيران

وقد بدأت إسرائيل بالقصف في وقت مبكر من يوم السبت الماضي، حيث أطلقت وابلًا من القذائف مستهدفة عدة مواقع على طول الساحل وفي العمق السوريين، وسمع دوي الانفجارات في مدن اللاذقية وحماة وحمص، التي يتمركز فيها الجيش السوري بدعم من روسيا وإيران، بعد حرب أهلية طاحنة استمرت 11 عاما.

وأعلن المسئولون السوريون مقتل أربعة جنود على الأقل، في حلقة أخيرة من سلسلة ضربات إسرائيلية على أهداف يرجح أن تشتمل على أسلحة متطورة أرسلتها إيران إلى حزب الله في لبنان، والذي تعتبره إسرائيل أهم الأذرع العسكرية لإيران في المنطقة، وأكبر تهديد لوجودها فيها.

تركيا.. صداع الأكراد مستمر

وشنت تركيا ضرباتها الجوية بدءًا من صباح الأحد الماضي، مستهدفة معاقل الأكراد في الساحل الشمالي السوري، وقد أتبعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتحذير شديد اللهجة من عملية محتملة للقوات البرية التركية تتوغل داخل عمق المناطق الكردية، التي تصنفها الحكومة التركية كموقع لجوء جديد لأكثر من مليون لاجئ عربي، والتي تخشى منظمات المجتمع المدني من إخلاء وشيك لها، وكرد على تهديد أردوغان أطلق مسلحون أكراد صواريخ سقطت داخل بلدة حدودية تركية وأسفرت عن مقتل شخصين على الأقل وإصابة عشرة آخرين.

وتعد الطلعات الجوية التركية هي الأوسع نطاقا بين غارات الطيران الأجنبي في أجواء سوريا، وقد أعلنت أنقرة أنها تأتي ردا على تفجير إسطنبول الذي أودى بحياة ستة أشخاص الأسبوع الماضي والذي اتهمت حزب العمال الكردستاني بالوقوف وراءه، ومن المحتمل أن تكون الضربات الجوية التركية داخل الأراضي السورية تمهيدا لغزو بري يهدف إلى ربط مدينة جرابلس الحدودية الخاضعة للسيطرة التركية ببلدة تل أبيض السورية.

الغارات التركية عززت سيطرة تركيا على مناطقها الحدودية مع سوريا، وهو ما حقق هدفها جزئيا بإبعاد الأكراد عن تلك المناطق، ولطالما اعتبرت تركيا تمركز عناصر حزب العمال الكردستاني في شمال شرقي سوريا خطرا كافحته على مدار أربعة عقود، أحبطت خلالها محاولات الأكراد المتكررة في جنوبها الشرقي للتمرد وتأسيس دولة مستقلة.

الطيران الروسي يلاحق الجماعات المتطرفة في إدلب

وجاء دور الضربات الروسية في وقت لاحق من يوم الأحد الماضي واستمرت حتى صباح الاثنين، مستهدفة ريف إدلب بالقرب من الحدود السورية التركية ومواقع مدنية بالقرب من مخيمين للاجئين، ومن المرجح أن يكون الجيش السوري قد شارك في هذه الغارات، وقصفت الطائرات الروسية معاقل الجماعات المسلحة في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية.

وقال مصطفى شابندا وهو نازح سوري في محافظة إدلب، إن سكان المنطقة يميزون الطائرات الروسية والسورية من أصواتها، حيث إنها طائرات قديمة ذات أصوات عالية تسمع من مسافات بعيدة، على عكس الطائرات التركية التي تظهر فجأة وتقصف أهدافها وترحل سريعا، وأضاف أنه سمع أزيز الطائرات الإسرائيلية آخر مرة عند قصفها للجيش السوري العام الماضي، وأنهم لا يخشون هذه الموجة الجديدة من الغارات التي تستهدف الأكراد فقط.

نهاية الحرب في سوريا لا تزال بعيدة

وعاد بعض السوريين في تركيا إلى مناطقها الحدودية مع سوريا، على خلفية تنامي لهجة الخطاب العدائي ضدهم في تركيا، والذي ظهر في قول مسئول تركي إن الوقت قد حان لإنهاء الحرب وعودة السوريين إلى وطنهم، ومع ذلك فإن ما يراه العديد ممن عاصروا الثورة السورية في بدايتها باعتباره نهاية للحرب، يُنظر إليه باعتباره مرحلة جديدة من تحقيق المصالح لأطراف الصراع الرئيسيين وهم: تركيا التي دعمت المحتجين منذ البداية وروسيا التي دعمت الحكومة السورية بكل قوتها وحولت وضعها الصعب في المعركة إلى نصر مؤزر، وأخيرا إسرائيل التي وجدت الفرصة سانحة لمحاربة إيران على الأراضي السورية.

وترى الدكتورة لينا الخطيب مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد "تشاتام هاوس" البريطاني للدراسات أن الحرب في سوريا مرشحة لأن تكون صراعا لا يمكن نسيانه، وأن الضربات الجوية التي تشنها الدول الثلاث تؤكد أنها لا تزال تحاول تحقيق المزيد من المكاسب، حيث تحارب كل منها عدوها الخاص حتى لا يضعف نفوذها في سوريا، وأن الوضع الراهن يثبت أن النزاع في سوريا ليس نزاعا مستقلا بذاته ولا حرب أهلية أطرافها سورية خالصة، بل هو ساحة تنافس لأطراف إقليمية ودولية، تحاول خلاله حماية مصالحها فقط.

وقالت ميرفا سايمند المتحدثة الرسمية باسم وحدات حماية الشعب الكردية في منطقة شمال شرق سوريا المعروفة لدى الأكراد باسم "روج آفا"، إن تركيا كثفت قصفها للشمال الشرقي السوري بالمسيّرات والطائرات الحربية بحجة الرد على تفجير إسطنبول الذي تتهم الأكراد بتنفيذه، وقد نفت سايمند صحة هذه المزاعم تماما وأعربت عن اعتقادها أن المخابرات التركية هي من نفذته لتضرب عصفورين بحجر واحد: إيجاد ذريعة لقصف الأكراد وإعادة السوريين إلى المناطق التي تحتلها في سوريا.