الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى رحيله.. تفاصيل الحياة العلمية والعملية للكاتب يحيى حقي

يحيى حقي
يحيى حقي

ينتمي يحيى حقي، الذي تمر اليوم ذكرى رحيله إلى المدرسة الحديثة التي بحثت عن كتابة القصص بطابع وسمات محلية، بعيدا تماما عن الشكل الغربي، وله إسهامات عظيمة سواء على مستوى الأدب أو السينما أو الحياة الثقافية.

ولد «يحي حقي» في 17 يناير 1905 في بيت صغير من بيوت وزارة الأوقاف المصرية ب«درب الميضة» ـ الميضأة ـ وراء «المقام الزينبي» في حي السيدة زينب بالقاهرة؛ لأسرة تركية مسلمة متوسطة الحال غنية بثقافتها ومعارفها، هاجرت من الأناضول وأقامت حقبة في شبه جزيرة «المورة»، وقد نزح «إبراهيم حقي»، أحد أبناء هذه العائلة إلى مصر ـ في أوائل القرن التاسع عشر، قادما من اليونان، وكانت خالته السيدة حفيظة المورالية (خازندارة) بقصور الخديوي إسماعيل؛ فتمكنت من تعيين قريبها الوافد في خدمة الحكومة، فاشتغل زمناً في دمياط ثم تدرج في الوظائف حتى أصبح مديرًا لمصلحة في بندر المحمودية بالبحيرة؛ ثم وكيلًا لمديرية البحيرة؛ هذا الرجل هو جد يحيى حقي، وقد كون «إبراهيم حقي» أسرة تركية مصرية؛ فأنجب ثلاثة أبناء هم على الترتيب محمد (والد يحيى حقي)، ومحمود طاهر حقي (ولد في دمياط سنة 1884م، وتوفي في يناير 1965م، وهو الأديب المعروف)، وأخيرًا كامل حقي (توفي في 2 مايو 1972 م).

تزوج محمد إبراهيم حقي ـ والد يحيى والموظف بنظارة الأوقاف من (سيدة هانم حسين) التي تنتمي إلى أب تركي وأم ألبانية، وقد التقت أسرتا «سيدة هانم» ومحمد حقي في بندر المحمودية بالبحيرة.

تلقى يحيى حقي تعليمه الأولي في كُتَّاب «السيدة زينب»، وبعد أن انتقلت الأسرة من «السيدة زينب» لتعيش في «حي الخليفة»، التحق سنة 1912 بمدرسة «والدة عباس باشا الأول» الابتدائية بحي «الصليبية» بالقاهرة، وهذه المدرسة تتبع نفس الوقف الذي كان يتبعه (سبيل أم عباس) القائم حتى اليوم بحي «الصليبية»، وهي مدرسة مجانية للفقراء والعامة، وهذه المدرسة هي التي تعلم فيها مصطفى كامل باشا.

قضى «يحيى حقي» فيها خمس سنوات، وفي عام 1917 حصل على الشهادة الابتدائية، فالتحق بالمدرسة السيوفية، ثم المدرسة الإلهامية الثانوية بنباقادان، وقد مكث بها سنتين حتى نال شهادة الكفاءة، ثم التحق عام 1920م بالمدرسة «السعيدية»، انتقل بعده إلى المدرسة «الخديوية» التي حصل منها على شهادة (البكالوريا)، ولما كان ترتيبه الأربعين من بين الخمسين الأوائل على مجموع المتقدمين في القطر كله، فقد التحق في أكتوبر 1921 م بمدرسة الحقوق السلطانية العليا في جامعة فؤاد الأول، وكانت وقتئذٍ لا تقبل سوى المتفوقين، وتدقق في اختيارهم، وقد رافقه فيها أقران وزملاء مثل: توفيق الحكيم، وحلمي بهجت بدوي، والدكتور عبد الحكيم الرفاعي؛ وقد حصل منها على درجة (الليسانس) في الحقوق عام 1925، وجاء ترتيبه الرابع عشر.

قضى يحيى حقي فترة التمرين بمكتب نيابة «الخليفة»، وبهذه الوظيفة بدأ حياته العملية، وما لبث أن ترك بعد مدة وجيزة هذه الوظيفة ليعمل بعدها بالمحاماة ولما تحقق له الفشل سافر إلى الإسكندرية ليعمل في أول الأمر عند الأستاذ زكي عريبي المحامي المشهور وقتذاك، بمرتب شهري قدره ستة جنيهات، لم يقبض منها شيئًا ثم انتقل إلى مكتب محام مصري بمرتب قدره ثمانية جنيهات شهريًا، وسرعان ما هجر الإسكندرية إلى مديرية البحيرة ليعمل فيها بمرتب شهري قدره اثنا عشر جنيهًا، وقد سمح له هذا العمل بالتنقل بين مراكز مدينة البحيرة، ولم يلبث في عمله بالمحاماة أكثر من ثمانية أشهر؛ حتى وجد له أهله وظيفة معاون إدارة في منفلوط بالصعيد الأوسط؛ وبعد وفاة والده عام 1926، فقبلها وتسلم عمله بها في 1 يناير 1927.

عاش يحيى حقي في الصعيد، عامين، حتى قرأ إعلانا من وزارة الخارجية عن مسابقة لأمناء المحفوظات في (القنصليات)، و (المفوضيات)؛ فتقدم إلى تلك المسابقة التي نجح فيها وكان ترتيبه الأخير، فعين أمينا لمحفوظات القنصلية المصرية في جدة عام 1929 ثم نقل منها إلى إسطنبول عام 1930م، حيث عمل في القنصلية المصرية هناك، حتى عام 1934؛ بعدها نقل إلى القنصلية المصرية في روما، التي ظل بها حتى إعلان الحرب العالمية الثانية في سبتمبر عام 1939م؛ إذ عاد بعد ذلك إلى القاهرة في الشهر نفسه، ليعين سكرتيرًا ثالثًا في الإدارة الاقتصادية بوزارة الخارجية المصرية، وقد مكث بالوزارة عشر سنوات رقي خلالها حتى درجة سكرتير أول حيث شغل منصب مدير مكتب وزير الخارجية، وقد ظل يشغله حتى عام 1949م؛ وتحول بعد ذلك إلى السلك السياسي إذ عمل سكرتيرًا أول للسفارة المصرية في باريس، ثم مستشارًا في سفارة مصر بأنقرة من عام 1952 وبقى بها عامين، فوزيرًا مفوضًا في ليبيا عام 1953.

ومن أبرز مؤلفات يحيى حقي: قنديل أم هاشم، البوسطجي، فكرة فابتسامة، سارق الكحل، أنشودة للبساطة، تعال معي إلى الكونسير، دمعة فابتسامة، صح النوم، في محراب الفن، كناسة الدكان، مدرسة المسرح، من فيض الكريم، ناس في الظل، هذا الشعر، يا ليل يا عين، خليها على الله، تراب الميري، حقيبة في يد مسافر، خطوات في النقد، دماء وطين، صفحات من تاريخ مصر.