الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من نخن إلى الإسكندرية.. تعرف على أشهر عواصم مصر عبر تاريخها| من العصر الفرعوني حتى الروماني.. صور

مدينة طيبة
مدينة طيبة

تعددت  العواصم المصرية و مواقعها، تبعا للظروف الزمانية والمكانية والسياسية السائدة،  وفي مصر القديمة، كانت العاصمة تقع في مكان متوسط بين المملكتين الشمالية و الجنوبية، وذلك للتأكيد على الوحدة الموجودة بين القطرين، ثم أصبحت العاصمة إما في الشمال أو الجنوب على ضفاف النيل، بحسب  الظروف السياسية للبلد حينها، وأحيانا يتم اختيار الموقع حسب رؤية الملك، وربما رغبته في التجديد، لذلك نستعرض خلال حكم قدماء المصريين حتى العصر الروماني، وإعلان بطليموس الأول مدينة الإسكندرية عاصمة لمصر.

 

عواصم مصر القديمة 

 

 نخن 

 

تُعد مدينة نخن من أقدم العواصم المصرية، حيث عرفت بمملكة الصعيد، ويعنى اسم نخن «الحصن»، واتخذ ملوكها التاج الأبيض الطويل ونبات السوت رمزا لهم، ولقبوا ب «سوتى» أو «نيسو». تقع نخن على الضفة الغربية لنهر النيل في صعيد مصر، وكانت المركز الرئيسي لعبادة الإله حورس، عرفها الإغريق باسم «هيراكونو بوليس»، أى مدينة الصقر، نسبة لإلهها المقدس حورس.

 

 حورس بالتاج الأبيض

 

وتقوم على أطلالها الآن قرية الكوم الأحمر شمال إدفو. فقدت نخن أهميتها السياسية تدريجيا، ورأى القدماء أن موقع نخن كعاصمة في أقصى الجنوب لا يصلح فانتقلوا إلى عاصمة جديدة هي «ثني».

بوتو 

 

عاصرت نخن مملكة أخرى  في الشمال، عرفت باسم مدينة «به»، وتعنى المقر أو العرش، قامت على أنقاضها قرية «أبطو» أو «تل الفراعين» بالقرب من دسوق.

 

جانب من آثار مدينة بوتو

 وعرفت في اللغة القبطية باسم «بوتو»، توج ملوكها بالتاج الأحمر، واتخذوا من النحلة رمزا لها، ونبات البردي شعارا لها.

 

ثنى 

 

تعد «ثنى» ثانى عواصم ملوك الصعيد، التي انتقلوا إليها بعد أن فرضوا سيطرتهم على الكثير من مدن الجنوب، و تميزت بموقع متوسط بين أقاليم الصعيد، قامت العاصمة ثنى فى وسط إقليم قديم عرفه المصرى القديم باسم «تاور» ويعني البلد الكبير أو الوطن العظيم، ونسب "مانيتون" في تاريخه ملوك الأسرتين الأولى والثانية لها، وعرفوا باسم الملوك الثنيين، ولم يتبق من آثارها القديمة أي شيء تماما، وترجح أغلب الآراء أنها كانت تقع مكان قرية "شيخ نجع المشايخ" الحالية جنوب شرق مدينة جرجا، ونالت جبانتها «أبدو» - أبيدوس حاليا - شهرة كبيرة، خاصة بعد أن شيد ملوك الأسرتين الأولى والثانية مقابرهم بها.

 

أنب حج 

 

هذا الاسم يعنى الجدار الأبيض، وقد أسس هذه العاصمة ملوك الأسرة الأولى الذين دفنوا في العرابة المدفونة بمحافظة سوهاج، وسبب دفنهم فى هذا المكان هو قربه من مكان  ولادتهم، وكان يطلق عليه اسم «ثنى»، وتجاور مدينة سوهاج، ورغم ذلك لم يختاروا مكان العاصمة بجوار مكان الدفن، بل اختاروا مكانا يكون فى الوسط بين الدلتا والصعيد وهذا المكان هو «ميت رهينة» حاليا، بجوار سقارة، وقد كانت هذه العاصمة محاطة بسور  أبيض؛ ولذلك أطلق عليها هذا الاسم. وظلت العاصمة مرتبطة بملوك الأسرتين الأولى والثانية، والذين بدأ حكمهم بتوحيد القطرين على يد الملك "حورعحا"، الذي يطلق عليه اسم آخر هو مينا، وبدأ حكمه حوالي سنة 3000 ق.م.

 

العاصمة منف وجبانة سقارة

 

منف 

 

عرفها المصريون القدماء باسم «من - نفر»، بمعنى الأثر الجميل، وعرفها اليونانيون باسم «ممفيس»، وأصبحت عاصمة مصر منذ الملك زوسر مؤسس الأسرة الثالثة أو الأسرة التي بدأت الدولة القديمة، وكان معبد الإله "بتاح" إله الفنانين والصناع من أهم المعابد بالعاصمة.

 

منف

 

 وكان في العاصمة منف سوق تجارى يأتى إليه التجار والفلاحون من كل مكان، و القصر الملكي الذي يقيم فيه الملك حاكم البلاد، وعلى الرغم من أن العاصمة منف انتقلت في الدولة الوسطى إلى «اللشت»، ثم إلى «طيبة» في عصر الدولة الحديثة، وصولًا إلى الإسكندرية عاصمة مصر في عصر البطالمة، فإنها أصبحت العاصمة الروحية لمصر لما لها من أهمية سياسية وعسكرية، ففى الدولة الحديثة اعتبرت العاصمة الثانية الإدارية، وتدرب فيها الأمراء على فنون الحرب، واتخذوها قاعدة للهجوم في حرب التحرير، وإلى جانب ذلك فهى تعتبر أهم مكان به آثار، فيوجد بها أهرامات الجيزة، التى تعتبر من أهم وأشهر المواقع الأثرية في العالم بأسره، التى جعلت الناس فى كل مكان يتهافتون لزيارة هذا المكان وخاصة هرم خوفو .

 

سقارة 

 

هي جبانة العاصمة منف، تقع سقارة على الضفة الغربية للنيل على بعد حوالي 25كم جنوب هضبة الجيزة، وهى تعتبر كتابًا مفتوحًا تحكى صفحاته قصة الحضارة المصرية عبر عصورها المختلفة، فهى الجبانة الوحيدة فى مصر كلها التي تضم مقابر منذ بداية التاريخ المصرى وحتى نهايته، كما أنها تضم آثارًا من العصرين اليوناني والروماني، و بها مقابر مليئة بمناظر ونقوش ملونة فريدة.

 

سقارة

 

يرجع تاريخ المنطقة أثرياً إلى أكثر من 3000 عام، ويعتبر أزهى عصورها هو عصر الدولة القديمة، عندما حدثت أول وأهم ثورة فى فن البناء والعمارة، باستخدام المهندس "ايمحتب" للحجر في تشييد مجموعة الملك زوسر الجنائزية بدلا من الطوب اللبن، فأصبح بذلك أول إنسان يقيم بناء كامل من الحجر، وتضم سقارة حوالي ثلاثين هرم، 15 منها مخصصة للملوك والباقى ما بين أهرامات عقائدية أو أهرام للملكات، واستمرت أهمية سقارة حتى العصور المتأخرة والعصرين اليوناني والروماني.

وهذا يؤكد على أهمية هذه المدينة تاريخيًا وأثريًا إلى جانب أهميتها الدينية، نسبة إلى إله الجبانة «سوكر»، والذى اشتق منه اسم سقارة الحالي. 

 


طيبة 

 

تعددت اسمائها «واست، المدينة الجنوبية، طيبة، الأقصر»، اسماء لمكان واحد قامت فيه أشهر عواصم مصر الفرعونية،  وسبب  شهرتها  على مر العصور هو موقعها، حيث تقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتبعد عن مدينة القاهرة حوالى 670كم جنوبا.

 

مدينة طيبة 

 بدأت أهمية هذه المدينة منذ عصر الدولة القديمة لكنها ازادت شهرة منذ عصر الأسرة الحادية عشرة، أولى أسرات الدولة الوسطى، فعلى أرضها كان الصراع الكبير الذي دار بين ملوك أهناسيا (ملوك الأسرتين التاسعة والعاشرة) وملوك طيبة على الحكم، واستطاع ملوك الجنوب ملوك طيبة الانتصار على ملوك أهناسيا تحت قيادة الملك "منتوحتب نب حبت رع"، الذي اختار طيبة عاصمة له.

 

 

وفي عصر الأسرة الثامنة عشر، أصبحت طيبة عاصمة البلاد مرة أخرى بعد أن استطاع أبناؤها هزيمة الهكسوس، وبها  أشهر آلهة مصر الفرعونية الإله آمون، وبدأ ملوكهم يشيدون العمائر له، ومنذ هذه اللحظة وطوال عصر الدولة الحديثة أصبحت طيبة مدينة المعابد، فعلى أرضها شيد معبد الأقصر والكرنك، كما أصبحت مكانًا لإخفاء مقابر الملوك في منطقة صحراوية بعيدة عن العمران، هي تلك المنطقة التى تعرف حاليا باسم "وادى الملوك"، ومن أشهر مقابرها مقبرة الفرعون الذهبى الصغير الملك «توت عنخ آمون». 

مقبرة توت عنخ آمون 

وبعد الدولة الحديثة احتفظت طيبة بأهميتها كعاصمة لدولة  «آمون» الدينية، وعندما انتشرت المسيحية حولت بعض المعابد إلى كنائس، وتعرضت نقوش المقابر والمعابد للتشويه، وتُعد الأقصر الآن من أهم المدن السياحية التي يأتي إليها الزوار من كل مكان.

 

اللشت 

 

كانت اللشت عاصمة مصر فى الأسرة الثانية عشر، ونظرًا لموقعها المتوسط؛  اختارها الملك "أمنمحات الأول" لتكون عاصمة البلاد، وربما كان الهدف من اختياره لهذا المكان الجديد رغبته في التجديد، حيث رأى أن يبتعد عن العواصم السابقة، فعلى الرغم من أنه نجح فى رفع شأن "آمون" إله طيبة المحلي ومسقط رأسه، إلا أنه رأى من الأفضل الابتعاد عن طيبة، ولم يختر أيضًا «أهناسيا» التي كانت عاصمة للحكم فى عصر الأسرتين التاسعة والعاشرة، وأيضًا فضل الابتعاد عن العاصمة القديمة منف.

تقع اللشت على الضفة الغربية لنهر النيل، وتبعد عن القاهرة حوالي 50 كم جنوباً، وتشتهر جبانتها بهرمى أمنمحات الأول وسنوسرت الأول، وتنقسم جبانتها إلى جبانة شمالية يقع بها هرم أمنمحات الأول، وجبانة جنوبية يقع بها هرم سنوسرت الأول، وعثر بالمنطقة أيضا على عدد من المقابر لكبار رجال الدولة.

 

تل العمارنة 

 

وهي إحدى العواصم المصرية القديمة، التي نشأت فى عصر الأسرة الثامنة عشرة، وتحديدا عصر الملك "إخناتون" الذي حدثت فيه ثورة دينية كبيرة، ففى العام الرابع من حكمه قام إخناتون وزوجته الملكة "نفرتيتى" بزيارة موقع العاصمة الجديدة، الذى يقع على الضفة الشرقية للنيل في محافظة المنيا. وقد بناها الملك إخناتون فيما بين العامين الخامس والسادس من حكمه، وعرفنا شكل هذه المدينة من خلال كتابات منقوشة على لوحات "الحدود 14"، فكانت تأخذ شكل هلال كبير انتشرت فيه منازل ممتدة من الشمال إلى الجنوب من وسط المدينة, بالإضافة إلى  مساكن للعمال المكلفين  بإقامة المشاريع، أما بالنسبة للجبانة فقد حفرت مقبرة الملك و مقابر أفراد أسرته وحاشيته فى الجبل الواقع شرق المدينة. 

 

تل العمارنة

 

وبالمدينة ثلاثة طرق تخترقها من الشمال إلى الجنوب، وتتصل فيما بينها بشوارع تمر من الشرق إلى الغرب. أما مركز المدينة فكان يضم المعبد الكبير و القصر الملكي، الذي كان يشغل الجزء الشمالي من الموقع. وكان يفصل بينه وبين القصر الشمالي الضاحية الشمالية، أما الضاحية الجنوبية فكانت تفصله عن مجموعة من الحدائق مخصصة للنزهة و التعبد، كما وجد بالمدينة عدد من المباني الإدارية، وانتهى دور هذه المدينة كعاصمة للبلاد بوفاة الملك إخناتون.

 

برعمسيس 

 

كان موقع عاصمة "الرعامسة" من أكثر الألغاز المحيرة؛  لانتشار بقايا عصر الرعامسة في مساحة كبيرة من أراضى الدلتا، ومن خلال حفائر العديد من العلماء والأثريين تم تحديد الموقع الفعلى للعاصمة وهو ما بين «قنطير والختاعنة».  تقع برعمسيس على بعد 100 كم شمال شرق القاهرة، وعلى بعد 80 كم غرب الإسماعيلية، أنشاها ملوك الرعامسة – ملوك الأسرة 19 – لتكون مقرا للحكم في شرق الدلتا، نظرًا لموقعها، لتنطلق منه الجيوش المصرية في معاركها مع الحيثيين، وعثر بها على العديد من الأطلال لقصور ملكية ومساكن واسطبلات للخيول وحصون وغيرها.

 

تانيس 

 

تُعد «تانيس» العاصمة والجبانة الملكية خلال الانتقال الثالث عصر (1081-711 ق.م). وتانيس هو  ذلك الموقع المصرى القديم الذي عرف باسم «صان الحجر»، والواقعة على الضفة الشرقية لأحد أفرع النيل الثانوية، تقع على بعد ميلا شمال شرق القاهرة، و عرفت في العصور المصرية القديمة باسم «جعنت»، وفي التوراة باسم «صوعن»، وفي القبطية باسم «جانه»، وفي الآشورية «شانو»، وفي اليونانية «تانيس»، وفي العربية عرفت باسم «صان». ونظرا لكثرة الأحجار بها سميت «صان الحجر». ظهرت أهمية هذه المدينة بشكل واضح بداية من عهد الملك رمسيس الثاني، حيث شيد بها العديد من المنشآت وأعاد ترميم منشآت العصور السابقة، إلا أن شهرتها ترجع إلى ما وجد بجبانتها من مقابر الملوك الأسرتين (21-22) والتي تحوي بداخلها كنوز تانيس الذهبية، وهي موجودة في قاعة كنوز تانيس بالمتحف المصرى.

 

سايس 

 

هى عاصمة مصر في عصر الأسرة السادسة والعشرين، تلك الفترة التي تعرف باسم العصر الصاوى، وهو يمثل الصحوة في تاريخ عصر الانتقال الثالث، عرفها المصرى القديم باسم «ساو» وأطلق عليها الإغريق اسم «سايس»، وعرفها العرب ب«صا الحجر» نظرا لكثرة الأحجار بها، وتتبع محافظة الغربية، حيث تقع في شمال غرب الدلتا على الشاطئ الأيمن للفرع "الكانوبي" للنيل، ولا تبعُد كثيرًا عن مدينة كفر الزيات الحالية وكانت عاصمة الإقليم الخامس من أقاليم الدلتا.

وكان لهذه المدينة  أهمية كبيرة منذ عصر بداية الأسرات، وكانت الإلهة «نيت» هي المعبودة الرئيسية للمدينة، والتي غالبا ما كانت تصور على شكل؛ سيدة ترتدى التاج الأحمر وتحمل سهمين متقاطعين وقوسا، حيث اعتبرها المصرى القديم الإلهة الحامية للملك في الحرب.

 

الإسكندرية 

 

عاصمة مصر في العصرين اليونانى والرومانى، التى اختار الإسكندر الأكبر موقعها، وسميت نسبة له، وتذكر كتب التاريخ الجولة الاستكشافية التي قام بها الإسكندر بمحاذاة الفرع الغربي لنهر النيل بعد زيارته لمنف، وهناك لفت نظره ذلك الموقع الاستراتيجي الهام لقرية «راقودة»، والتي عرفت فيما بعد باسم «راكوتيس» في اليونانية، وهي تلك المنطقة التي تقع حاليا بتل سدرة بكرموز بالإسكندرية، واجتمع بعدد من الخبراء والمهندسين ليشيدوا له مدينة فى هذا الموقع الرائع، ونعرف أن من قام بتخطيط الإسكندرية وإنجاز المشروع هو المهندس  "دينوقراط الرودسي"، وبعد وفاة الإسكندر الأكبر ازداد الصراع بين قادته على تقسيم حدود إمبراطوريته المترامية الأطراف، وكانت مصر من نصيب البطالمة الذين تعاقبوا على حكمها بدءًا من بطليموس الأول والذى أعلن الإسكندرية عاصمة لمصر. 

 

مكتبة الإسكندرية في عهد البطالمة

 

وتميزت مدينة الإسكندرية بتخطيط رائع، حيث جاء تخطيط شوارع المدينة بشكل متعامد حتى أنها تشبه رقعة الشطرنج، ويتخللها محوران أساسيان، محور طولى يتوسطها من أقصى الشرق «باب الشمس»، وهي المنطقة التي تقع حاليا عند باب شرق إلى أقصى الغرب عند «باب القمر» قرب منطقة الجمرك حاليا، وضمت مدينة الإسكندرية القديمة خمسة أحياء حمل كل منها حرفًا من الحروف الخمسة الأولى في الأبجدية اليونانية، وخصص كل حي لطائفة مختلفة من سكان الإسكندرية، ومن أهم آثار المدينة مكتبة الإسكندرية.