الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السودان يتجاوز الأزمة.. ماذا بعد اتفاق جدة؟

السودان
السودان

مازالت الدولة المصرية تعمل قيادة وحكومة وشعبًا على دعم الاستقرار داخل السودان الشقيق، لما يمثله من امتداد للأمن القومي المصري، إضافةً إلى العلاقات القوية التي تجمع شعبي وادي النيل والممتدة لآلاف السنين.

وتعمل مصر منذ اليوم الأول من اندلاع الازمة في السودان في منتصف أبريل 2023، على الوساطة لتهدئة الوضع والوصول للسلام في السودان؛ حيث دعت أطراف النزاع في 16 أبريل 2023، على ضوء استمرار العمليات العسكرية واحتمالات التصعيد، إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية حقنًا لدماء أبناء الشعب السوداني الشقيق، وتغليب لغة الحوار من أجل حل الخلافات، حفاظاً على سلامة واستقرار البلاد، وحماية مقدرات الشعب السوداني وطموحات ثورته المجيدة.

وقالت وزارة الخارجية المصرية في 16 ابريل 2023 في بيان لها: "وإذ تعبر مصر عن أسفها الشديد وخالص عزائها لسقوط ضحايا ووقوع إصابات بين صفوف الأشقاء في السودان، سواء من العسكريين أو المدنيين، جراء المواجهات العسكرية الجارية، فإنها تؤكد على أنها لن تألو جهداً في القيام بالجهود اللازمة بالتعاون مع الدول الصديقة والشقيقة، من أجل نزع فتيل الأزمة الراهنة، وقد جاءت المبادرة المصرية/ السعودية بالدعوة إلى عقد إجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، ومبادرة الوساطة المصرية/ الجنوب سودانية، والإتصالات والمشاورات التي تضطلع بها مصر حالياً مع الأطراف المعنية داخل السودان وخارجه، من أجل تحقيق هذا الهدف".

ترحيب القاهرة بإعلان جدة

ورحبت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية اليوم الجمعة، بتوقيع القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على إعلان جدة، باعتباره خطوة هامة تسهم في توفير الحماية للمدنيين من أبناء الشعب السودانى الشقيق، وإتاحة الفرصة لوصول المساعدات الإنسانية والإغاثية، والحفاظ على المنشآت والمرافق العامة، وتسهيل عمليات الإجلاء.

وأعربت مصر عن تطلعها لأن يتم الالتزام بما تم الاتفاق عليه من تعهدات، وأن تفسح تلك الخطوة المجال لأطراف النزاع، بمساعدة الوسطاء والشركاء الإقليميين والدوليين، للتوصل لوقف شامل ودائم لإطلاق النار واستئناف الحوار، بما يسهم في إخراج السودان من محنته، واستعادة الشعب السوداني الشقيق لحقه في أن ينعم بالسلم والأمن والاستقرار.

وأشادت مصر بالجهود المقدرة التي بذلتها كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة في تشجيع الأطراف السودانية على المشاركة في جولة المحادثات، والتي تؤكد على أهمية وجدوى تضافر جميع الجهود من أجل إنهاء الأزمة الراهنة في السودان في أسرع وقت.

وحول هذا الاتفاق الذي عقد بين الطرفين في جدة، وأهم بنوده؛ بعد التوقيع على اتفاق المبادئ الأولي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في جدة، أكد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان أن هذا التوافق يشكل خطوة أولى، ستتبعها خطوات أخرى، كما أوضح في بيان مقتضب على حسابه بتويتر، اليوم الجمعة، أن الأهم في المحادثات التي تمت بجدة بين المكونين العسكريين هو الالتزام بما تم الاتفاق عليه.

ونصّ الإعلان على 7 بنود، واتفق الطرفان على أن مصالح وسلامة الشعب السوداني أولوية رئيسية، والالتزام بضمان حماية المدنيين السودانيين في جميع الأوقات، والسماح بمرور آمن للمدنيين في السودان لمغادرة مناطق الأعمال العدائية، والامتناع عن تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية، وإجلاء الجرحى والمرضى دون تمييز والسماح للمنظمات الإنسانية بالقيام بذلك، ومن أهم تلك الالتزامات الـ7؛

1- نتفق على أن مصالح وسلامة الشعب السوداني هي أولوياتنا الرئيسية ونؤكد التزامنا بضمان حماية المدنيين في جميع الأوقات، ويشمل ذلك السماح بمرور آمن للمدنيين لمغادرة مناطق الأعمال العدائية الفعلية على أساس طوعي في الاتجاه الذي يختارونه.

2- نؤكد مسؤوليتنا عن احترام القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الالتزام بالتمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، والامتناع عن أي هجوم من المتوقع أن يتسبب في أضرار مدنية عرضية والتي تكون مفرطة مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة، كذلك اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين. وتسهيل المرور الآمن والسريع دون عوائق للعاملين في المجال الإنساني عبر جميع الطرق المتاحة.

4- بذل كل الجهود لضمان نشر هذه الالتزامات - وجميع التزامات القانون الدولي الإنساني - بالكامل داخل صفوفنا، وتعيين نقاط اتصال للتعامل مع الجهات الفاعلة الإنسانية لتسهيل أنشطتها.

5- تمكين الجهات الإنسانية المسؤولة، مثل الهلال الأحمر السوداني و/أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من جمع الموتى وتسجيل أسمائهم ودفنهم بالتنسيق مع السلطات المختصة.

6- اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان التزام جميع الأشخاص الخاضعين لتعليماتنا أو توجيهاتنا أو سيطرتنا بالقانون الإنساني الدولي، لا سيما الالتزامات الواردة في هذا الإعلان.

7- تعزيزاً للمبادئ والالتزامات الواردة في هذا الإعلان، نلتزم بإعطاء الأولوية للمناقشات بهدف تحقيق وقف إطلاق نار قصير المدى لتسهيل توصيل المساعدة الإنسانية الطارئة واستعادة الخدمات الأساسية، ونلتزم كذلك بجدولة المناقشات الموسعة اللاحقة لتحقيق وقف دائم للأعمال العدائية.

جهود سياسية مصرية كبيرة 

وقامت مصر بجهود كبيرة في سبيل التوصل لحل عادل وشامل؛ حيث عقد مجلس جامعة الدول العربية بالقاهرة دورة غير عادية علي مستوي المندوبين بدعوة من مصر والسعودية.

وأصدرت جامعة الدول العربية القرار رقم 8913، الصادر عن اجتماع مجلسها في جلسته المستأنفة، التي انعقدت في 1 مايو 2023، برئاسة مصر، بشأن تطورات الوضع فى جمهورية السودان، حيث دعت إلى الوقف الفوري لكافة الأعمال القتالية، دون قيد أو شرط، وتعزيز الالتزام بالهدنة، سعياً نحو عدم تفاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية للشعب السوداني، والحفاظ على مكتسباته وسلامة الدولة السودانية ومؤسساتها ومنشآتها.

كما أدان المجلس بأشد العبارات استهداف المدنيين والمنشآت المدنية وبخاصة الطبية منها، وقتل المدنيين أيًا كانت جنسياتهم، والتحذير من مغبة وتداعيات تلك الأعمال التي تؤدي إلى زيادة حدة الصراع، وتعد انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني.

كما طالبت بالحفاظ على حرمة البعثات الدبلوماسية وسلامة وأمن الأطقم العاملة بها، اتساقا مع اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة 1961 والتحذير من أي مساس بها بما يعد انتهاكا لقواعد القانون الدولي، يتحمل مسؤوليته كل من يتورط في تلك الأفعال الشائنة.

وتقدمت الجامعة العربية بالشكر للسلطات السودانية لتنسيقها وتأمينها وتوفيرها الظروف المواتية لإجلاء أفراد البعثات الدبلوماسية والرعايا العرب والأجانب بسلام وحرفية في ظل ظروف أمنية معقدة، والإشادة بالجهود التي بذلتها جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية ودولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والمملكة المغربية في إجلاء رعاياها ورعايا عدد من الدول العربية وعدد من المدنيين والدبلوماسيين والمسؤولين الدوليين، وتأكيد ضرورة الحفاظ على المصالح المشتركة بين جمهورية السودان والدول العربية، ودعت إلى اخلاء المستشفيات والمرافق المدنية من أي قوات أو مظاهر عسكرية، وفتح المجال أمام الأعمال الإغاثية، والمساعدات الإنسانية لجميع المدنيين السودانيين والمقيمين بالسودان.

وعلى مستوى التحركات والاتصالات الدبلوماسية المصرية المكثفة بشأن الوضع في السودان ووقف إطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؛

ويذكر أنه قد أجرى سامح شكرى، وزير الخارجية، اتصالين هاتفيين مع كل من رئيس مجلس السيادة الانتقالى السودانى، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، وزعيم قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو.

وأشار وزير الخارجية إلى أن مصر لن تألو جهدًا في الوقوف إلى جوار السودان في هذه المحنة الخطيرة وغير المسبوقة، وأن الشعب المصرى يعتصر ألمًا مما يلاقيه الشعب السودانى من معاناة نتيجة الاقتتال الدائر، الأمر الذي يقتضى ضرورة التزام جميع الأطراف بالهدنة لإتاحة الفرصة لعمليات الإغاثة وتقديم المساعدات الإنسانية والطبية لمستحقيها وتوفير الحماية للمدنيين.

كما أن وزير الخارجية أيضاً قد أجرى اتصالات مع كل من وزير خارجية السودان، على الصادق، ووزير خارجية السعودية، فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق، فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر، أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن، أيمن الصفدى، ووزير خارجية جيبوتى، محمود على يوسف، ووزير خارجية كينيا، ألفريد موتوا.

وكشف المتحدث باسم الخارجية أن الاتصال مع وزير خارجية كينيا جاء في إطار التشاور والتنسيق اتصالًا بالأزمة السودانية، خاصة فيما يتعلق بجهود وقف إطلاق النار وسبل تعزيز ودعم نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الأشقاء في السودان، كما تناول أيضًا تنسيق جهود حل الأزمة في الأطر العربية والإفريقية ومع تجمع الإيجاد ودول جوار السودان.

وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية،  أحمد أبو الغيط، أن ما يحدث في السودان يمثل تهديدًا للأمن القومي العربي، مشيرًا إلى أنه سيتوجه إلى الخرطوم على الفور إذا سمحت الظروف هناك.

رسائل عربية لأطراف النزاع

ووجه أبو الغيط، في حوار أجراه مع الإعلامي أحمد موسى، في برنامج على مسئوليتي المذاع على قناة "صدى البلد"، رسالة إلى الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع قال فيها: "أوقفوا إطلاق النار وحاولوا التوصل إلى ما يحقق استقرار المجتمع السوداني في إطار تفاهم بين السلطة السودانية وقوات التدخل السريع".

وأضاف أنه تلقى رسالة من رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان بواسطة مبعوثه الخاص السفير دفع الله الحاج على، حول آخر تطورات الأزمة السودانية.

وقال أبو الغيط، إنه تواصل مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في اليوم الثاني لاندلاع القتال، واقترح عليه القيام بدعوة ثلاثية لوقف إطلاق النار بواسطة الأمين العام للجامعة العربية والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي ويذهبون إلى الخرطوم بطائرته الخاصة، ولكنه رفض بسبب استمرار القتال وضرب المطارات.

وأكد أن المجتمع الغربي يهتم بالمآسي الإنسانية في الأوضاع الإقليمية والدولية، ومطلوب منه الاستمرار في الضغط لوقف إطلاق النار بالسودان، مشيرًا إلى مقترح أمريكي بعقد لقاءات بين طرفي الأزمة سواء في جوبا أو السعودية لوقف إطلاق النار.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها قدرة على التأثير وفرض عقوبات كبيرة على مجتمعات كثيرة حول العالم؛ لأنها قوة تأثير كبيرة على العالم، لافتا إلى أن جميع المبادرات التي أطلقت لوقف إطلاق النار في السودان لم تصل إلى شيء ولا ضمان للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

ووفقاً لبيان صحفي فعرضت لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب جهود الدولة المصرية وحرصها على إجلاء وحماية أبنائها العالقين بالسودان والعمل على سرعة إعادتهم الى الوطن، مؤكدة سعي الدولة منذ اللحظة الأولي لاتخاذ كافة الاجراءات من أجل عودة المصريين لبلدهم، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وأصدرت، السفيرة وزيرة الهجرة توجيهاتها على الفور، ومنذ بداية الأزمة السودانية بتفعيل غرفة العمليات بوزارة الهجرة لمتابعة أوضاع المصريين في السودان بالتنسيق مع وزارة الخارجية والسفارة بالسودان.

ونجحت الدولة في إجلاء ما يزيد عن 7800 مصري حتى الآن، من خلال القيام بـ 27 طلعة جوية بالمجهود الحربي، والإجلاء البري من خلال معبري أرقينِ وقسطلْ، بالاضافة الى نجاح جهود الدولة في إجلاء 500 فرد من المصريين والأجانب العالقين في السودان من خلال الاجلاء البحري من ميناء بورتسودان وصولاً إلى ميناء سفاجا، على متن السفينة أبو سمبل.

هذا الى جانب توفير حافلات لنقل المواطنين إلى القاهرة مجانا ليتسنى لهم العودة إلى محافظاتهم، ولم يتوقف الامر عند هذا الحد ولكن ساهمت الدولة في عملية الاجلاء لمواطني بعض الدول الأخرى، وقد تقدمت هذه الدول بالشكر لمصر على المساعدة في اجلاء رعاياها من السودان، كما تم التأكيد خلال الاجتماع على استمرار التنسيق بين الوزارات والمؤسسات والجهات الأمنية المعنية بالدولة، لمتابعة الموقف على مدار الساعة للاطمئنان على المصريين بالسودان

وثمن أعضاء لجنة الشئون الأفريقية، على جهود الدولة المصرية وفق توجيهات الرئيس السيسى فى التعامل مع الأزمة السودانية، سواء على المستوى السياسى أو الإنسانى بإجلاء الرعايا الموجودين بالسودان سواء من المصريين أو من الجنسيات الأخرى، وهو ما يعكس الدور المحورى لمصر فى المنطقة.

كما ناشد أعضاء لجنة الشئون الافريقية المصريين في الخارج بسرعة تسجيل أسماؤهم بالسفارات المصرية بما يضمن سهولة التواصل المستمر مع الجاليات المصرية بالخارج، وذلك اتساقًا مع مناشدة وزارة الهجرة لهم بضرورة التسجيل بالسفارات المصرية لتيسير اتخاذ التدابير اللازمة من جانب الدولة المصرية في حالة حدوث أية أزمات.