الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فرنسا تحترق.. تسونامي الغضب يجتاح بلاد النور وماكرون والحكومة عاجزين

احتجاجات فرنسا
احتجاجات فرنسا

تتواصل الاحتجاجات وأعمال العنف في فرنسا لليوم السادس على التوالي على خلفية مقتل الشاب نائل مرزوق الذي يبلغ من العمر 17 عاما وهو من أصول جزائرية على يد أحد رجال الشرطة في مدينة نانتير داخل العاصمة الفرنسية باريس.

فرنسا 

أعمال شغب 

بدأت الاحتجاجات تعم فرنسا تدريجا على وقع حادثة نائل وانتشار فيديو مقتله بشكل واسع، إذ أظهرت مقاطع مصورة خروج مئات المحتجين في مناطق مختلفة من البلاد، فضلا عن اشتعال حرائق بعد أن أطلق متظاهرون ألعاباً نارية على الشرطة وأحرقوا سيارات وممتلكات عامة وتم تدمير محطات الحافلات، في المقابل استخدمت قوات مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.

وأعلنت وزارة الداخلية الفرنسية، اليوم الأحد، توقيف 322 شخصا على خلفية أعمال الشغب في البلاد، وذلك بعد تصاعد موجة العنف إثر المظاهرات التي تشهدها منذ الثلاثاء الماضي.

وأضرمت النيران في السيارات والمباني ونهبت المتاجر، في الوقت الذي استعدت فيه العائلة والأصدقاء، السبت لدفن نائل البالغ من العمر 17 عاما والذي أدى مقتله على أيدي الشرطة إلى اندلاع الاضطرابات.

وأعلنت وزارة الداخلية الفرنسية نشر 45 ألف شرطي في محاولة فاشلة حتى الآن لإنهاء أيام من العنف الذي اندلع بعد وفاة الفتى يوم الثلاثاء الماضي.

ومن جانب أخر، ذكرت وكالة "فرانس برس"، أنه "أفيد بتسجيل حوادث في الشانزليزيه في باريس، وفي مرسيليا حيث أوقِف 56 شخصًا، وفي ليون حيث أوقف 21 شخصا، استنادا إلى حصيلة موقتة"، مشيرة إلى أن "في مرسيليا التي شكلت السبت مسرحًا لحوادث كبرى وعمليات نهب، عمل جهاز أمني ضخم اليوم على تفريق مجموعات من الشباب كان عددهم أقل من اليوم السابق".

ورغم مناشدة ماكرون للآباء إبقاء أطفالهم في المنزل، استمرت الاشتباكات في الشوارع بين المتظاهرين الشباب والشرطة، وقالت السلطات إن 2500 حريقا تم إضرامها ونهبت العديد من المتاجر.

وقضى نائل صاحب الـ 17 عاما برصاصة في الصدر أطلقها شرطي من مسافة قريبة في أثناء عملية تدقيق مروري ووُجهت إلى الشرطي الموقوف البالغ 38 عاما تهمة القتل العمد.

وشيع جثمانه مئات الأشخاص، السبت، من مسجد ابن باديس إلى مقبرة مونت فاليريان في ضاحية نانتير الباريسية.

فرنسا 

إضرام النيران في السيارات 

وقالت قناة (بي أف أم) الفرنسية، إنه تم إضرام النيران في أكثر من 1300 سيارة و234 مبنى في فرنسا خلال الليلة الماضية أثناء أعمال الشغب التي اندلعت بعد مقتل فتى على يد الشرطة.

وأضافت القناة: "تم تسجيل وقوع 2560 حريقا في الأماكن العامة وتم حرق 1350 سيارة، وكذلك احترقت أو تضررت 234 من المباني".

ووفقا للقناة، هاجم المحتجون 31 مركزا لوزارة الداخلية، و16 مركزا للشرطة البلدية، و11 ثكنة لقوات الدرك.

وأعلنت الشرطة الفرنسية، عن توقيف 994 شخصا عبر التراب الفرنسي الليلة الماضية، فيما عاد الهدوء الحذر إلى ضاحية نانتير التي تستعد لتشييع الفتى القتيل نائل، وذلك بعد مواجهات عنيفة بين المحتجين والشرطة الفرنسية تم خلالها إحراق سيارات ومحال ومبان عديدة، وكذلك السطو على العديد من المتاجر.

ونشرت فرنسا 45 ألف شرطي وبعض المركبات في الشوارع، السبت، بعد تعرض مدن فرنسية لأعمال شغب لليلة الرابعة على التوالي بسبب مقتل مراهق برصاص فرد شرطة في إشارة مرورية.

وامتدت المواجهات الليلة الماضية إلى مدينة جراس جنوب فرنسا، حيث تجمع عشرات الشبان مسلحين بقُضبان حديدية.

وشهدت مارسيليا عمليات نهب شملت مستودع أسلحة سُرقت منه بنادق صيد، ما دفع عُمدة المدينة لمناشدة السلطات الفرنسية إرسال قوات أمن إضافية لحفظ النظام العام ومواجهة أعمال العنف والسرقة.

وحطم متظاهر سيارة من طراز "أودي R8"، وتم تحطيم واجهة متجر وسرقة محتوياته في مدينة نايت، كما تعرض متجر زارا في مدينة ستراسبورغ للنهب.

وانتشرت مشاهد لقيام بعض الأشخاص بتحطيم متاجر في مدينة مارسيليا، كما قام أشخاص يتحطيم زجاج مطعم "ماكدونالدز" في مدينة كريتيل.

وحطم متظاهرون واجهة متجر "آبل" بمدينة ستراسبورغ شرق فرنسا وقاموا بنهب أجهزة إلكترونية.

فرنسا تشتعل 

دعوة لوقف التصعيد 

ومع دخول الاحتجاجات والفوضى في فرنسا أعلن دارمانان، الجمعة، تعزيز انتشار قوات الأمن في كل أنحاء البلاد وتعبئة 45 ألف عنصر من الشرطة والدرك تحسبا لأعمال الشغب، وفي إطار سعيها إلى احتواء الشغب والتخريب سمحت الحكومة الفرنسية للدرك بإنزال عربات مصفحة إلى الشوارع من دون أن تعلن حالة الطوارئ.

وتوعد ماكرون بالتعامل بحزم مع من يهددون أساس الدولة الفرنسية، فيما أصدرت وزارة الداخلية قراراً بإيقاف عمل وسائل النقل العام بعد التاسعة مساء في جميع محافظات البلاد، وأعلن ماكرون نشر تعزيزات أمنية إضافية للسيطرة على أعمال الشغب، محذراً من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التحريض على إذكاء العنف في البلاد.

وكان الإليزيه قد ذكر أن ماكرون مستعد لاعتماد آلية للحفاظ على الأمن من دون محاذير، وتزامنت تصريحات الإليزيه مع مغادرة الرئيس الفرنسي القمة الأوروبية المنعقدة في بروكسل وإلغائه مؤتمراً صحفياً كان مقرراً له هناك.

وتفاعل عدد من الدول الغربية مع الأحداث إذ حذرت وزارة الخارجية البريطانية رعاياها من أعمال الشغب في فرنسا وأشارت في توجيهاتها المتعلقة بالسفر إلى خطر تعطل وسائل النقل واحتمال فرض حظر تجول، وأفادت الوزارة بأن "المواقع والأوقات التي تنطلق فيها أعمال الشغب لا يمكن التنبؤ بها".

ودعت النرويج رعاياها الموجودين في فرنسا إلى تجنب التجمعات، عبرت الحكومة الألمانية عن "قلقها" تجاه الوضع المحتقن هناك.

وأعرب وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني عن أسفه للتعاسة الواضحة في الضواحي الفرنسية التي عاشت أعمال الشغب والنهب والصدامات بين قوات الأمن ومحتجين على مقتل شاب برصاص الشرطة.

من جانب أخر، دعت دولة الإمارات ومملكة البحرين، أمس ، إلى ضرورة خفض التصعيد والتهدئة في فرنسا، التي تشهد احتجاجات مصحوبة بأعمال عنف وشغب في مختلف أنحاء البلاد.

وأعربت دولة الإمارات عن تضامنها الكامل مع فرنسا، مؤكدة على ضرورة عودة التهدئة وخفض التصعيد واحترام قواعد ومبادئ القانون" في البلد الأوروبي.

فرنسا 

ماكرون في مأزق

ولم تصدر بعد نتائج التحقيقات النهائية في شأن الحادثة؛ إلا أنه ووفق المعلومات المتاحة بحسب مكتب الادعاء العام، فإن الضابط فلوريان المتهم بإطلاق النار على نائل أوقف بتهمة القتل.

وأشار مكتب المدعي العام في نانتير إلى استجواب الموقوف في إطار تحقيق بالقتل العمد بعد أن أقر بإطلاق رصاصة قاتلة على الشاب، مؤكداً تمديد توقيفه الاحتياطي على ذمة التحقيق.

وفتح المدعي العام تحقيقاً قضائياً في جريمة القتل العمد ضد الشرطي ووضع رهن الاحتجاز، مع الأخذ في الاعتبار أن الشروط القانونية لاستخدام السلاح من قبل الشرطي غير مستوفاة.

وقال المحلل السياسي مصطفى السعيد في تصريحات له، أن أكواما من الأزمات جافة في فرنسا كانت تنتظر شرارة تشعل موجات الغضب، وقد تجسد ذلك في مقتل نائل الذي فجر الاحتجاجات التي يتوقع أن تتوسع.

وأوضح أن هذه الموجة تأتي بعدما نجح الرئيس الفرنسي ماكرون في احتواء أزمات أصحاب السترات الصفراء والمحتجين على تعديل قانون التقاعد بعدها.

وأضاف: لكن حلول ماكرون التعسفية أبقت على الغضب كامنا وينتظر فرصة للانطلاق مجددا والوضع الآن في فرنسا تتجاوز في حدتها أحداث انتفاضة الضواحي عام 2005، التي كشفت عن هوة عميقة بين الجيل الجديد من الفرنسيين من أصول جزائرية ومغربية وإفريقية، تؤكد فشل المجتمع الفرنسي على مدار عقود طويلة في استيعابهم، بل زاد تهميشهم والنظرة العنصرية تجاههم، وإلقاء اللوم عليهم لأنهم الأقل تعليما والأكثر فقرا ولجوءا إلى الجريمة، ويسكنون الضواحي المحيطة بباريس، وبادلتهم الضواحي مشاعر العداء الخفي حينا، والظاهر أحيانا".

وتابع: "مع تنامي الأزمة الاقتصادية مع الحرب في أوكرانيا، وصعود اليمين ومعه الطفح العنصري، باتت فرنسا مؤهلة لاضطرابات عنيفة، مالم تغير الحكومة سياساتها، لكن ماكرون يزداد عنادا، وهو ما ظهر في إصراره على تمرير تعديلات قانون التقاعد رغم الرفض الشعبي الواسع، ليوفر عدة مليارات من النفقات على أصحاب المعاشات، ويصر على المواجهة الأمنية للاحتجاجات والإضرابات، مراهنا على يأس المحتجين، وانفراط تجمعاتهم".

واختتم: شبان الضواحي الأكثر جرأة وبأسا، ظهروا لماكرون ووضعوه في مأزق أخطر، مما دفعه للاستعانة بالعربات المدرعة وشن حملات الاعتقال الواسعة التي طالت أكثر من 1300 شخص.

فرنسا