الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

انتخابات رئاسية ملبدة بالتطرف الهندوسي| قصة حظر المدارس الإسلامية بأكبر ولايات الهند.. ماذا يحدث؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

مع قرب موعد الانتخابات إجراء الانتخابات العامة داخل الهند، تزداد الفاتورة الانتخابية من قبل حزب بهارتيا جاناتا الحاكم وأذرعه داخل الدولة، وذلك بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، حيث يسعى الجميع إلى إرضاء المتعصبين من الهندوس، خصوصا وأنه منذ سطوع نجمه السياسي، وهو الذي يقدم نفسه بأنه الزعيم القومي الهندوسي، وفي تلك المرة يبحث مودي عن ولاية ثالثة في منصبه، ودائما ما تكون المعادلة المنحازة للهندوس على حساب المسلمين، وهو ما حدث في الأيام الأخيرة في العديد من القضايا، وأحدث تلك الممارسات هي حظر المدارس الإسلامية في أحد أكبر ولايات الهند اكتظاظا بالسكان. 

وبحسب تقرير نشرته شبكة CNN الأمريكية، فقد حظرت محكمة في الولاية الأكثر اكتظاظا بالسكان في الهند المدارس الإسلامية من خلال إلغاء قانون ينظم المدارس الدينية، وذلك قبل أسابيع من الانتخابات الوطنية التي يمكن أن تزيد من الاستقطاب في أكبر ديمقراطية في العالم على أسس دينية.

وقد أعلنت محكمة الله أباد العليا في ولاية أوتار براديش، يوم الجمعة، أن قانون المدارس لعام 2004 غير دستوري، وفقًا لأمر محكمة اطلعت عليه شبكة CNN، بينما أمرت حكومة الولاية بنقل الطلاب المسجلين في النظام الإسلامي إلى المدارس العادية، وهنا نرصد القصة الكاملة لتلك القضية. 

 

 

ينتهك علمانية الدولة

 

 

وبحسب ما جاء بتقرير الـCNN، فقد قالت المحكمة العليا في أمرها: "إننا نرى أن قانون المدرسة (كذا) لعام 2004، ينتهك مبدأ العلمانية، الذي يعد جزءًا من الهيكل الأساسي لدستور الهند، ولما كان توفير التعليم من الواجبات الأساسية للدولة، فلا بد أن تظل علمانية أثناء ممارسة صلاحياتها في هذا المجال، ولا يمكنها توفير تعليم دين معين وتعليماته وشرائعه وفلسفاته أو إنشاء أنظمة تعليمية منفصلة لديانات منفصلة".

وبحسب القوانين الهندية، توفر المدارس نظامًا تعليميًا يتم فيه تعليم الطلاب القرآن والتاريخ الإسلامي إلى جانب المواد العامة مثل الرياضيات والعلوم، ولكن كما للمسلمين مدارس خاصة إذا أردوا الالتحاق بها، فإنه يرسل بعض الهندوس أيضًا أطفالهم إلى نظام معادل يُعرف باسم جوروكولس، وهي مؤسسات تعليمية داخلية حيث يتعلم الطلاب عن الكتب المقدسة الفيدية القديمة إلى جانب المواد العامة تحت إشراف "المعلم" أو المعلم، وذلك وفق قانون 2004، ولكن حكم المحكمة ليس نهائيا، ويمكن استئناف الحكم أمام المحكمة العليا في البلاد.

 

 

40 مليون مسلم في الولاية 

 

 

ويعيش في ولاية أوتار براديش حوالي 200 مليون شخص، حوالي 20% منهم مسلمون، وفقًا لأحدث بيانات التعداد السكاني في البلاد لعام 2011، وهو ما يعني أن عدد المسلمين يصل إلى 40 مليون مسلم، ويحكمها حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الذي يتزعمه رئيس الوزراء ناريندرا مودي، وتصدرت عناوين الأخبار على مدى العقد الماضي لإقرار بعض القوانين الأكثر إثارة للجدل في البلاد والتي يقول منتقدوها إنها تميز ضد المسلمين وتهمشهم في الجمهورية العلمانية.

وذكرت رويترز نقلاً عن افتخار أحمد جاويد، رئيس مجلس إدارة المدارس التعليمية في الولاية، أن أمر المحكمة الصادر يوم الجمعة يؤثر على 2.7 مليون طالب و10 آلاف معلم في 25 ألف مدرسة، ويأتي ذلك قبل أسابيع من الانتخابات الوطنية - الأكبر في العالم - والتي يحق لنحو 960 مليون شخص التصويت فيها، ومن المتوقع أن يضمن حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة مودي خمس سنوات أخرى في السلطة، ليحكم الهند التي أصبحت مستقطبة بشكل متزايد على أسس دينية.

 

 

مودي الأكثر اتهاما بتفكيك علمانية الهند 

 

 

ورغم أن حكم محكمة الله أباد العليا استشهد بالفصل الدستوري بين الدين والدولة في تعليل حكمها ضد المدارس الدينية، فإن مودي هو الذي يتهمه المنتقدون مراراً وتكراراً بتفكيك التقاليد العلمانية في الهند، ففي بداية العام، على سبيل المثال، ترأس مودي حفل افتتاح تاريخي لمعبد هندوسي مثير للجدل بني على أنقاض مسجد عمره قرون دمرته الجماعات اليمينية في عام 1992، وكان افتتاح المعبد، الذي بثته الحكومة على الهواء مباشرة وتم الترحيب به باعتباره حقبة جديدة، بمثابة ختام لحملة استمرت عقودًا من قبل مودي وحزبه حزب بهاراتيا جاناتا لإبعاد الهند عن الجذور العلمانية التي تأسست عليها البلاد بعد الاستقلال.

وقد أثار العديد من المسلمين ومنتقدي حزب بهاراتيا جاناتا مخاوف من تآكل النسيج العلماني في الهند أيضًا، حيث تتصدر خطابات الكراهية المعادية للمسلمين عناوين الأخبار بشكل متكرر، وتواجه الممتلكات المملوكة للمسلمين عمليات الهدم، فيما ينفي حزب بهاراتيا جاناتا أي تمييز ضد المسلمين ويقول إنه يعامل جميع المواطنين على قدم المساواة، ولكن أيضا في ديسمبر 2020، أصدرت ولاية آسام شمال شرق البلاد قانونًا لتحويل جميع المدارس الإسلامية إلى مؤسسات تعليمية عادية، وقال وزير التعليم في الولاية آنذاك، هيمانتا بيسوا سارما، الذي يشغل الآن منصب رئيس وزراء ولاية آسام، إن ذلك سيضمن "الحق في التعليم المتساوي لجميع الأطفال ويسهل الطريق إلى التعليم العالي".

وانتقد سياسيون معارضون هذه الخطوة، زاعمين أنها تعكس تشدد المواقف المناهضة للمسلمين في الدولة ذات الأغلبية الهندوسية، وقال زعيم المعارضة البارز في الولاية ديبابراتا سايكيا في ذلك الوقت إن القانون أقره حزب بهاراتيا جاناتا "لتوحيد المزيد من أصوات الهندوس".

 

 

خطوة مثيرة بعد أزمة قانون الجنسية 

 

 

وتأتي تلك الأزمة المثيرة للجدل بعد أقل من أسبوعين لأزمة قانون الجنسية المثير للجدل، فقد أعلنت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، في منتصف هذا الشهر، عن قواعد لتنفيذ قانون الجنسية لعام 2019 الذي يستثني المسلمين، وذلك قبل أسابيع من سعي الزعيم القومي الهندوسي لولاية ثالثة في منصبه، ويوفر قانون تعديل المواطنة مسارًا سريعًا للتجنس بالنسبة للهندوس والبارسيين والسيخ والبوذيين والجاينيين والمسيحيين الذين فروا إلى الهند ذات الأغلبية الهندوسية من أفغانستان وبنغلاديش وباكستان قبل 31 ديسمبر 2014، ويستثني القانون المسلمين، الذين هم الأغلبية في الدول الثلاث.

 

ووافق البرلمان الهندي على القانون في عام 2019، لكن حكومة مودي أوقفت تنفيذه بعد اندلاع احتجاجات دامية في العاصمة نيودلهي وأماكن أخرى، وقُتل العشرات خلال أيام من الاشتباكات، وقد اجتذبت الاحتجاجات التي عمت البلاد في عام 2019 أشخاصًا من جميع الأديان الذين قالوا إن القانون يقوض أسس الهند كدولة علمانية، وكان المسلمون يشعرون بالقلق بشكل خاص من أن الحكومة قد تستخدم القانون، إلى جانب السجل الوطني المقترح للمواطنين، لتهميشهم.

 

 

أجواء ملبدة بالتطرف الهندوسي 

 

 

وتأتي تلك الأزمات وسط أجواء ملبدة بالتطرف الهندوسي، فخلال الأسبوع الماضي، بدأت السلطات في غرب الهند تحقيقا بعد أن هاجم هندوس يمينيون متطرفون طلاب جامعات أجانب يؤدون الصلاة خلال شهر رمضان المبارك، مع تصاعد التوترات الدينية قبل الانتخابات العامة الحاسمة، وذلك بحسب تقرير منفصل نشرته شبكة صحيفة CNN الأمريكية، وقد أعلنت شرطة أحمد آباد الأحد أنه تم اعتقال شخصين إثر اشتباكات في جامعة غوجارات اندلعت السبت قبل الماضي، بعد أن بدأ طلاب من دول من بينها أفغانستان وسريلانكا وطاجيكستان الصلاة في الحرم الجامعي.

 

وعن تفاصيل ما حدث، يقول جي إس مالك، مفوض شرطة أحمد آباد، للصحفيين بحسب الصحف الهندية المحلية: "جاء حوالي 20 إلى 25 شخصًا وسألوا مجموعة من الطلاب الأجانب عن سبب أداء الصلاة هنا، وينبغي عليهم بدلاً من ذلك قراءتها في المسجد، وهنا حدث شجار بينهم، وتم رشق الحجارة، وتخريب غرفهم من قبل الناس من الخارج"، وقال أحد شهود العيان لشبكة CNN، إن الطلاب كانوا يؤدون الصلاة عندما وصلت مجموعة من الأشخاص وطلبوا منهم مراراً وتكراراً التوقف، بينما كانوا يرددون شعارات هندوسية.

وقال الطالب بجامعة غوجارات، الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفاً من الانتقام، لشبكة CNN: "قام أحد الطلاب وصفع أحد أعضاء المجموعة، بعد ذلك، وصلت مجموعة أكبر وبدأت في رشق الحجارة"، فيما يُظهر مقطع فيديو منتشر على نطاق واسع، يُزعم أنه للحادث، رجالًا يلقون الحجارة على نزل الطلاب ويلحقون أضرارًا بالمركبات، وفي مقطع آخر، يمكن سماع رجال وهم يهتفون "جاي شري رام"، وهو شعار هندوسي أصبح في السنوات الأخيرة نداء واضحا ضد المسلمين.