في خطوة تعكس الأهمية الاستراتيجية التي توليها الحكومة المصرية لقطاع التعدين، بدأ الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، زيارة ميدانية إلى منجم السكري، أحد أبرز وأكبر مواقع إنتاج الذهب في مصر، وذلك ضمن مساعي الحكومة لمتابعة أعمال هذا القطاع الحيوي والوقوف ميدانياً على سير العمل في المشروعات الاستثمارية الكبرى.
وتشير الزيارة إلى اهتمام الدولة بتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وتوسيع آفاق الاستثمار في مجال الثروات المعدنية، بما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
وتأتي زيارة رئيس مجلس الوزراء في سياق متابعة الحكومة لأنشطة التعدين والتأكيد على دعمه كأحد روافد الاقتصاد القومي، لا سيما في ظل ما يشهده القطاع من تحولات لافتة على صعيد التعاون الدولي وتوقيع اتفاقيات جديدة تستهدف جذب الاستثمارات الأجنبية. ويُعد منجم السكري نموذجاً ناجحاً لشراكة فعالة بين الدولة والقطاع الخاص، حيث يسهم المشروع في دعم الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر فرص عمل ويعزز الصادرات.
اتفاقيات دولية لتعزيز قطاع التعدين
في سياق متصل، كشف وزير البترول والثروة المعدنية في تصريحات سابقة عن توقيع اتفاق مبدئي جديد مع شركتي "إنجلوجولد" و"باريك جولد" العالميتين لتعزيز استغلال مناجم الذهب والمعادن المصاحبة لها في مصر. وأوضح أن الاتفاق تم التوصل إليه أواخر العام الماضي، وأن الوزارة حالياً بصدد إنهاء الإجراءات التشريعية المطلوبة عبر مجلس النواب تمهيداً لاعتماد الاتفاق النهائي وبدء تنفيذه عملياً.
ويُرتقب أن يسهم تنفيذ هذا الاتفاق في تسريع وتيرة تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى مصر في قطاع التعدين، مع تحفيز شركات عالمية جديدة على دخول السوق المصري، مستفيدة من التسهيلات التي تقدمها الحكومة في هذا الإطار. كما أن الاتفاق يشكل نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من عمليات البحث والتنقيب، باستخدام أحدث التقنيات، واستغلال الموارد الطبيعية بصورة مستدامة تعود بالنفع على الدولة والمجتمع.
إصلاح تشريعي وبيئة استثمارية جاذبة
شدد وزير البترول على أهمية تحديث المنظومة التشريعية المرتبطة بأنشطة استخراج الذهب والمعادن، مشيراً إلى أن الدولة تعمل على تهيئة بيئة جاذبة ومنافسة للاستثمار على المستوى الدولي. ولفت إلى أن الاتفاقيات الجديدة تتضمن آليات أكثر مرونة تتيح للشركات ضخ رؤوس أموالها وتوظيف أحدث أدوات البحث والاستكشاف، ما يسهم في توسيع نطاق الحفر وزيادة معدلات الإنتاج.
ويؤكد هذا التوجه حرص الحكومة المصرية على تحويل قطاع التعدين إلى قطاع استثماري قوي وفاعل، من خلال تذليل العقبات التشريعية وتقديم حوافز تسهم في رفع تنافسية مصر على الخارطة العالمية لصناعة التعدين.
تفاؤل في أوساط الخبراء وتأكيد لثقة المستثمرين
أعرب عدد من الخبراء والمختصين في قطاع التعدين عن تفاؤلهم الكبير بالخطوات الحكومية الهادفة إلى ترسيخ الشراكة مع كبرى شركات التعدين العالمية، مشيرين إلى أن مصر تمتلك قدرات جيولوجية واعدة لم تُستغل بعد بالشكل الأمثل. كما أكدوا أن تحديث التشريعات ووضع آليات جديدة لجذب الاستثمارات من شأنه أن يحقق طفرة في إنتاج الذهب والمعادن خلال الأعوام القادمة.
واعتبر المراقبون أن زيارة رئيس الوزراء لمنجم السكري تحمل رسالة طمأنة واضحة للمستثمرين، وتؤكد جدية الحكومة في تطوير هذا القطاع الحيوي واستغلال الثروات الطبيعية بمهنية وكفاءة عالية.
وثمّن عدد من الخبراء الاقتصاديين زيارة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي إلى منجم السكري، باعتبارها تأكيدًا واضحًا على اهتمام الدولة المتزايد بقطاع التعدين بوصفه أحد القطاعات الواعدة لتعزيز النمو الاقتصادي. وفي هذا السياق، شدد المحلل الاقتصادي، إسلام الأمين، على أن الزيارة تحمل دلالات استراتيجية مهمة، وتعكس التزام الحكومة بتطوير هذا القطاع الحيوي، وتهيئة مناخ جاذب للاستثمارات المحلية والأجنبية في مجال استغلال الثروات المعدنية.

منجم السكري
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي، إسلام الأمين، إن زيارة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي إلى منجم السكري تُجسّد رسالة سياسية واقتصادية بالغة الأهمية، تؤكد أن الدولة المصرية باتت تنظر إلى قطاع التعدين بوصفه أحد المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي والتحول نحو تنمية مستدامة قائمة على استغلال الثروات الطبيعية بكفاءة وشراكة استراتيجية.
وأضاف الأمين في تصريحات لـ "صدى البلد" أن هذه الزيارة، بكل ما تحمله من رمزية، تكرّس توجه الدولة لتعزيز الثقة بين الحكومة والمستثمرين المحليين والدوليين، لا سيما أن منجم السكري يُعد نموذجًا ناجحًا للتعاون المثمر بين القطاعين العام والخاص، حيث ساهم في رفع الناتج المحلي الإجمالي، وتعزيز الصادرات، وتوفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
ولفت إلى أن الجهود التشريعية التي تقودها وزارة البترول والثروة المعدنية – سواء من حيث تحديث القوانين المنظمة أو إبرام اتفاقيات مع شركات تعدين عالمية مثل "أنجلو جولد" و"باريك جولد" – تؤكد أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو خلق بيئة استثمارية منافسة عالميًا، تستقطب التكنولوجيا ورؤوس الأموال، وتضع البلاد على خارطة الدول الجاذبة لصناعة التعدين.
وأضاف أن الخطوات التي يتم اتخاذها في منجم السكري – سواء في رفع الإنتاج إلى أكثر من 500 ألف أوقية سنويًا أو إدماج الطاقة المتجددة في دورة الإنتاج – تعكس نموذجًا متقدمًا للتعدين الحديث الذي يوازن بين الجدوى الاقتصادية والحفاظ على البيئة.
منجم السكري.. ركيزة اقتصادية وطنية
يُعد منجم السكري أحد أهم المشاريع التعدينية في المنطقة، ليس فقط بحجم إنتاجه من الذهب، ولكن أيضاً بإسهاماته المباشرة في دعم الاقتصاد الوطني، ونقل الخبرات والتقنيات الحديثة إلى الكوادر المصرية العاملة في الموقع. ويشكل المنجم مثالاً ناجحاً على الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص في إطار استغلال الثروات المعدنية بطريقة مستدامة.
وتعكس زيارة الدكتور مصطفى مدبولي لمنجم السكري توجهاً واضحاً من الدولة المصرية نحو النهوض بقطاع التعدين وتحويله إلى رافد رئيسي للنمو الاقتصادي، من خلال استقطاب الاستثمارات العالمية، وتطوير البنية التشريعية، وتطبيق أحدث آليات التنقيب والإنتاج. ويُنتظر أن تسهم الجهود الحكومية المتواصلة في هذا القطاع في تعزيز موقع مصر كمركز إقليمي لصناعة التعدين واستغلال الموارد الطبيعية بما يدعم الاقتصاد الوطني ويحقق التنمية المستدامة.
أبرز المعلومات حول منجم السكري للذهب
يمثل منجم السكري للذهب نموذجًا فريدًا للتكامل بين الدولة والقطاع الخاص في إدارة الثروات الطبيعية، ويُصنف كواحد من أكبر عشرة مناجم ذهب في العالم من حيث الاحتياطي والإنتاج، ما يجعله أحد الركائز الاستراتيجية لدعم الاقتصاد المصري وتحقيق التنمية المستدامة.
ويقع منجم السكري في قلب الصحراء الشرقية على بُعد 30 كيلومترًا جنوب مدينة مرسى علم على ساحل البحر الأحمر. ويُعد المنجم قصة نجاح وطنية في مجال التعدين، حيث أصبح مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة، ومحركًا للتنمية في محافظة البحر الأحمر، خاصةً في جنوبها.
يدار المنجم من قبل شركة السكري لمناجم الذهب، وهي مشروع مشترك بين الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية وشركة أنجلو جولد أشانتي، التي استحوذت مؤخرًا على حصة شركة "سنتامين"، وتمثل هذه الشراكة مثالًا عمليًا على نجاح نموذج التعاون بين الدولة والمستثمرين الدوليين في قطاع التعدين.
الخلفية القانونية وبداية المشروع
يرجع تأسيس المشروع إلى القانون رقم 222 لسنة 1994، الذي نص على منح وزير الصناعة والثروة المعدنية الحق في التعاقد مع هيئة المساحة الجيولوجية المصرية (المعروفة حاليًا بالهيئة العامة للثروة المعدنية) والشركة الفرعونية لمناجم الذهب، التابعة آنذاك لشركة "سنتامين"، للبحث عن الذهب واستغلاله.
وفي مايو 2005، تم تأسيس "شركة السكري لمناجم الذهب" بمنطقة امتياز تبلغ مساحتها 160 كيلومترًا مربعًا في جبل السكري.
الإنتاج والاحتياطي
منذ بدء التشغيل الرسمي للمنجم في عام 2009، رسّخ السكري مكانته بين أكبر مناجم الذهب في العالم، وتشير الأرقام إلى أن:
- الاحتياطيات المؤكدة تتجاوز 12 مليون أوقية ذهب.
- الاحتياطي المحتمل يُقدّر بأكثر من 15.5 مليون أوقية.
-الإنتاج التراكمي حتى منتصف عام 2024 تجاوز 5 ملايين أوقية، بقيمة تُقدّر بمليارات الدولارات.
وقد أسهم هذا الإنتاج في دعم الاقتصاد الوطني، وتحسين ميزان المدفوعات، وتوفير احتياطيات استراتيجية من الذهب.
التوسعات والاستكشافات الجديدة
في إطار استراتيجية التوسع، حصلت الشركة عام 2021 على 19 ترخيصًا استكشافيًا جديدًا ضمن نتائج مزايدة الذهب العالمية لعام 2020، تغطي هذه التراخيص مساحة تتجاوز 3000 كيلومتر مربع داخل نطاق الدرع العربي النوبي، وتشمل:
- بلوك النُوجرس (1086 كم²): يحيط بمنطقة امتياز منجم السكري.
- مجمع نجد (1374 كم²): يقع على بعد 100 كم شمال غرب المنجم.
- مجمع أم روس (524 كم²): يبعد 40 كم شمال منجم السكري.
وتفتح هذه المناطق الجديدة آفاقًا واعدة لزيادة الإنتاج المستقبلي وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي في صناعة التعدين.
خطط تطوير مستقبلية
تسعى شركة أنجلو جولد أشانتي إلى رفع الإنتاج السنوي لمنجم السكري إلى أكثر من 500 ألف أوقية ذهب خلال السنوات المقبلة، من خلال:
- استخدام أحدث تقنيات التعدين المستدام
- توسيع عمليات الحفر والاستخلاص
- تطبيق معايير بيئية حديثة لحماية الموارد الطبيعية.
ويأتي ذلك في إطار التزام الشركة بمبادئ الاستدامة والاقتصاد الأخضر.
التعليم والطاقة النظيفة
من المقرر أن يتفقد رئيس الوزراء خلال زيارته لمنطقة مرسى علم مدرسة التعدين الفنية الأولى، التي أُنشئت بالشراكة بين وزارتي البترول والتربية والتعليم لتخريج كوادر فنية مؤهلة للعمل في قطاع التعدين، ما يُعد خطوة استراتيجية لتعزيز الكفاءة الوطنية في هذا المجال.
كما سيزور محطة الطاقة الشمسية التي تمد منجم السكري بالطاقة النظيفة، وتُعد نموذجًا لتكامل الطاقة المتجددة مع الصناعات الثقيلة، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.
يمثل منجم السكري ركيزة وطنية للاستثمار في الثروات الطبيعية، ونموذجًا ناجحًا للتعاون الدولي، والتوسع المدروس، والتنمية المستدامة. ومع استمرار الحكومة في دعم قطاع التعدين وتهيئة بيئة استثمارية مواتية، يبدو مستقبل صناعة الذهب في مصر واعدًا ومليئًا بالفرص.