أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن ضوابط وآداب الطريق التي قررها النبي صلى الله عليه وسلم، مثل غض البصر وكف الأذى ورد السلام، لا تقتصر فقط على الجلوس في الطرقات كما كان في العصور السابقة، بل تشمل كل أشكال استخدام الطريق سواء كان بالحركة أو التفاعل في الفضاء الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت.
وأوضح مفتي الديار المصرية السابق، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الجمعة، أن غض البصر له صورتان اليوم، وهما صورته الطبيعية التي تتعلق بالنظر المباشر الذي قد يخدش الحياء، وكذلك صورته المتطورة الخطيرة التي تظهر من خلال انتهاك الخصوصيات عبر التصوير والنشر في وسائل التواصل.
وأشار الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، إلى أن كف الأذى لفظ عام يشمل كل أنواع الأذى مهما صغر أو كبر، وهو ما يوجب على الإنسان كفه في كل الأحوال، سواء في الطرقات أو في العالم الرقمي الذي أصبح امتداداً للطريق العام.
مفتي الديار المصرية السابق: السلوك الإنساني هو الفارق الحقيقي بين المتحضر وغير المتحضر
وأكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، أن الطرقات الآن أصبحت منظمة على مستوى محلي ودولي، بقواعد تنظم المسار والسعة وقواعد المرور، والالتزام بالقوانين لم يعد خياراً فردياً بل واجباً اجتماعياً، وهو ما ينطبق أيضاً على استخدام الإنترنت، حيث توجد قوانين دولية ومحلية تنظم هذا الفضاء.
ونوه الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، بأن السلوك الإنساني هو الفارق الحقيقي بين المتحضر وغير المتحضر، فالتقدم لا يقاس فقط بالقوانين، بل بمدى التزام الأفراد بآداب الطريق، سواء في الواقع أو على منصات التواصل الاجتماعي.
آداب الطريق
وعَدَّ رسول الله، كف الأذى عن الطريق، حَقًّا مِن حقوق الطريق التي ينبغي مراعاتها، ولا شك أنَّ البَصْق على الأرض مِن الأفعال التي يتأذَّى بها الطَّبْع البشري ويستقذرها، كما أنَّه يتنافى مع أهمية النظافة التي شدَّد عليها الإسلام، فالأَوْلَى بالمسلم أن يَتحرَّز عن هذه الفِعْلة المستقذرة لينال الأجر بالتزامه النظافة والطهارة المطلوبَين شرعًا.
وجَعَل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم مِن حق الطريق: كف الأذى، وهو لفظ عام ويَشْمَل كل أنواع الأذى، والذي منه التَّنَخُّم -أي: إخراج النُّخَامة وبَصْقها- على الأرض في الطرقات العامة؛ فهو أمر مستقذرٌ طَبعًا، ويُؤَدِّي إلى نفور النَّاس من الأماكن التي تُلْقَى فيها النُّخَامة، بل قد يؤدّي إلى إلحاق الأذى بهم؛ كإصابتهم بالأمراض والأوبئة.
ولاستقذار هذا الأمر -أي: التَّنَخُّم-؛ وَرَد النهي عن فعله في المسجد؛ ففي الحديث: «الْبُزَاقُ في الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّعَ في وَجْهِهِ؟ فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَتْفُلْ هَكَذَا» وَوَصف القاسم بن مهران -أحد رواة الحديث- فتَفَل في ثوبه ثم مسح بعضه على بعض. رواه مسلم.
ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «عُرِضَتْ عَلَىَّ أَعْمَالُ أُمَّتِى حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا؛ فَوَجَدْتُ في مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ في مَسَاوِي أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ في الْمَسْجِدِ لاَ تُدْفَنُ» رواه مسلم.