أعلنت السفارة الأمريكية لدى دمشق، السبت، أن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، عقد لقاءً مع قائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، مظلوم عبدي، حيث ناقش الطرفان الأوضاع الراهنة في البلاد، وسبل تعزيز الاستقرار وإعادة توحيد سوريا على أسس سلمية وشاملة.
وأوضح بيان السفارة أن اللقاء تناول ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لاستعادة الهدوء في مختلف المناطق السورية، خاصة في ظل التوترات الأمنية المتصاعدة، مشيرًا إلى أن الطرفين اتفقا على أن "الوقت قد حان للوحدة" من أجل مستقبل مستقر ومزدهر يشمل جميع السوريين.
مباحثات ثلاثية لتثبيت الهدنة في السويداء
وفي خطوة لافتة، عقد المبعوث الأمريكي مباحثات ثلاثية في دمشق مع وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني ونظيره الأردني أيمن الصفدي، تناولت مستجدات الأوضاع في محافظة السويداء التي شهدت مؤخرًا تصعيدًا عنيفًا بين عشائر البدو والفصائل الدرزية.
وأكد المجتمعون على ضرورة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنت عنه الرئاسة السورية في وقت سابق السبت، وشدد الصفدي وباراك على دعم التزام الحكومة السورية بمحاسبة جميع المتورطين في التجاوزات والانتهاكات بحق المواطنين في المحافظة، إلى جانب "نبذ العنف والطائفية ومحاولات بث الفتنة والتحريض والكراهية"، بحسب البيان.
اتفاق هش وتقييم خلال 48 ساعة
ويأتي هذا التحرك الدبلوماسي عقب إعلان الرئاسة السورية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء، مطالبة جميع الأطراف بالالتزام ببنوده، على أن يُقيّم الوضع الأمني خلال 48 ساعة من بدء التنفيذ، ما يعكس هشاشة الاتفاق وضرورة المراقبة الدقيقة لتطبيقه.
وسرعان ما بدأت ملامح تنفيذ الاتفاق تظهر على الأرض، حيث أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، مساء السبت، إخلاء مدينة السويداء من جميع مقاتلي أبناء العشائر البدوية، مؤكدا توقف الاشتباكات داخل أحياء المدينة.
تحديات الاستقرار وموقف "قسد"
وتزامنًا مع التصعيد في السويداء، يبقى مستقبل قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة أمريكيًا والمصنفة كعدو من قبل أنقرة ودمشق، موضع جدل في أي تسوية سياسية محتملة. وتأتي زيارة باراك ولقاؤه مع مظلوم عبدي لتؤكد استمرار واشنطن في دعم "قسد" كلاعب رئيسي في شمال وشرق سوريا، ضمن رؤية أمريكية لتفكيك التوترات المحلية ودفع نحو حل سياسي أوسع يشمل كافة المكونات.
تعكس هذه التحركات عودة النشاط الأمريكي إلى الملف السوري، وسط جمود طويل في المسارات الدبلوماسية، خصوصًا مع تصاعد التوترات الطائفية والعرقية في مناطق مثل السويداء ودير الزور والحسكة. كما تشير المباحثات إلى تقاطع مصالح إقليمية بين واشنطن وعمان، فيما تحاول دمشق إعادة تثبيت نفوذها في المحافظات الجنوبية دون إشعال نزاع أوسع قد يهدد جهود التطبيع التي تسعى إليها مؤخرًا.