ارتفعت حالات الوفيات بين شباب الأطباء "أطباء الامتياز" أثناء تأدية عملهم بشكل ملحوظ، وذلك نتيجة تعرضهم لأزمات صحية مفاجئة ناتجة عن ضغط العمل والإرهاق وعدم الحصول على قسط وفير من الراحة بين النوبات.
وكان آخر الضحايا الدكتورة سلمى محمد أبو حبيش ابنة المحلة الكبرى التي وافتها المنية اثناء عملها نتيجة ضغط العمل الشديد.
وأعلنت أسرة الطبيبة الشابة، وفاتها بعد تعرضها لأزمة صحية أثناء عملها بمستشفى قصر العيني، وذلك نتيجة للعمل نوبتين دون الحصول على قسط من الراحة أو تناول الطعام، ما أدى لحدوث هبوط حاد في الدورة الدموية دخلت على إثره العناية المركزة قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.
النقابة العامة للأطباء، التي نعت الطبيبة الشابة سلمى أبو حبيش ببالغ الحزن والأسى، أكدت في منشور لها على فيسبوك، أن وفاتها جاءت نتيجة تعرضها لهبوط حاد في الدورة الدموية أثناء تأدية عملها بمستشفى قصر العيني.
وفاة الطبيبة سلمى أبو حبيش
من جهتها نفت كلية طب قصر العيني، الروايات المتداولة عن وفاة الطبيبة نتيجة لضغط العمل أو الإجهاد، مؤكدة التزامها بما أعلنته جامعة القاهرة من توفير بيئة عمل آمنة للأطباء وكافة الكوادر الطبية، وفقًا للمعايير المعتمدة بمجلس الكلية والجامعة والمجلس الأعلى للجامعات.
واقعة سلمى أبو حبيش، كان قد سبقها بساعات واقعة مماثلة، حين توفى الطبيب الشاب عبد اللطيف فرج محمد، طبيب الطوارئ بمستشفى المنصورة للتأمين الصحي، أثناء تأدية عمله داخل غرفة الطوارئ، بحسب بيان صادر عن النقابة العامة للأطباء.
وقالت نقابة الأطباء في بيان: لقد كان الطبيب عبد اللطيف نموذجا مضيئا لطبيب شاب وهب عمره في سبيل رسالة الطب النبيلة، مخلصا، متفانيا، رقيقا مع مرضاه، وقويا في مواجهة صعوبات المهنة، حتى اختاره الله إلى جواره وهو على رأس عمله، شهيدا في ميدان الواجب.
وأكدت نقابة الأطباء، أن الحادث الأليم، الذي خطف روحا طيبة وطبيبا واعدا في مقتبل حياته، يعيد التأكيد على ضرورة توفير بيئة عمل آمنة وكريمة للأطباء، تحفظ أرواحهم وتراعي صحتهم النفسية والجسدية، وهم الذين لم يتأخروا يوما عن أداء واجبهم، حتى في أصعب الظروف.
كما شددت النقابة العامة للأطباء على ضرورة إعادة النظر بجدية ومسؤولية في أوضاع الأطباء داخل أماكن العمل، لا سيما في أقسام الطوارئ، من حيث عدد ساعات العمل، وضغط الحالات، وتوافر الراحة والدعم النفسي.
الواقعتان سبقهما واقعة ثالثة تتعلق بظروف العمل غير الملائمة وتكشف حجم المعاناة التي يتعرض لها شباب الأطباء، حيث تقدمت 8 طبيبات باستقالاتهن من العمل بقسم النساء والتوليد بكلية الطب جامعة طنطا نتيجة ضغط العمل والإرهاق الشديد، وأرجعن السبب لطول فترة العمل التي قد تصل إلى 48 ساعة دون الحصول على قسط من الراحة.
وأعلنت النقابة العامة للأطباء، أنها تابعت ما تم تداوله من شكاوى واستقالات لعدد من نواب قسم النساء والتوليد بكلية الطب جامعة طنطا.
كانت طبيبة شابة تدعى رنين جبر، عرضت عبر حسابها منشورًا مطولًا كشفت فيه عن ظروف قاسية وصفتها بغير الآدمية داخل قسم النساء والتوليد، وأكدت أنها قدمت استقالتها مع 7 آخريات من زميلاتها بعد شعورهم بعدم التقدير وتعرضهم لضغوط نفسية ومهنية كبيرة خلال الآونة الأخيرة.
وبحسب بيان صادر عن نقابة الأطباء، تواصلت النقابة منذ علمها بالأزمة، مع إدارة كلية الطب بجامعة طنطا للوقوف على تفاصيل ما حدث، ومطالبتها بسرعة التحقيق في هذه الشكاوى، والخروج بنتائج تضمن حفظ كرامة الأطباء، وتوفير بيئة تدريب وتعليم آمنة وعادلة لهم.
وقال البيان، إنه ووفقا لآخر تواصل بين مقرر لجنة الإعلام وعضو مجلس النقابة العامة للأطباء د. أحمد مبروك الشيخ، مع عميد كلية الطب جامعة طنطا د. أحمد غنيم، أفاد الأخير بأنه تم إصدار أمر إداري بنقل وحدة قسم النساء والتوليد (أمراض النساء) إلى المستشفى التعليمي الفرنساوي بسعة 50 سريرا وغرفتي عمليات مستقلين، بالإضافة لوحدة مناظير أمراض النساء.
وأشار البيان إلى أن عميد طب طنطا، أوضح أنه تم الاتفاق على أن تكون نوبتجية 24 ساعة بدلا من 48 ساعة على أن يتم تقسيمها 12 ساعة فقط في اليوم، وذلك في حالة اكتمال عدد الأطباء المقيمين مع مراعاة استمرار العمل بصورة طبيعية لخدمة المرضى، وأيضا عمل نظام تناوب يتيح للطبيب المقيم أخذ قسطا من الراحة.
من جهته، أكد مقرر لجنة الإعلام بالنقابة العامة للأطباء وعضو مجلس النقابة د. أحمد مبروك الشيخ، أن الأزمة الأخيرة، تٌعيد تسليط الضوء على الحاجة الملحة لتوفير بيئة عمل مناسبة تضمن الحد الأدنى من الظروف الإنسانية والمهنية لشباب الأطباء.
وشدد على أن تحسين بيئة العمل لا ينفصل عن جودة التعليم والتدريب الطبي، وأن استمرار الضغط غير المبرر على الأطباء المقيمين دون مراعاة لطاقاتهم وظروفهم يمثل تهديدا مباشرا لمسارهم المهني، ويؤثر سلبا على قدرتهم في تقديم رعاية آمنة وفعّالة للمرضى.
وقالت نقابة الأطباء، إنها إذ تناشد كافة الجهات المعنية، فإنها تؤكد ضرورة مراعاة المعايير المهنية والإنسانية في تشغيل شباب الأطباء، بما يضمن لهم بيئة تدريب آمنة ومحترمة، تُعزز من قدراتهم ولا تستنزفهم.
واختتمت الأطباء البيان، بأن تمكين الطبيب الشاب من التعلّم والتدرّب تحت إشراف مناسب، ووفق ساعات عمل عادلة، هو أساس إصلاح المنظومة الصحية وبقائها قادرة على أداء دورها.