في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الشرق الأوسط، أعلنت الأمم المتحدة رسميًا دخول قطاع غزة في مرحلة "المجاعة"، وهو توصيف يحمل أبعادًا تتجاوز الكارثة الإنسانية إلى دوائر السياسة والأمن الإقليمي والدولي.
يرى اللواء نبيل السيد، الخبير الاستراتيجي، أن هذا الإعلان ليس مجرد تقرير أممي، بل إنذار عالمي يهدد بإعادة رسم خريطة التفاعلات في المنطقة بأسرها.
رسائل دولية وضغوط متصاعدة
يؤكد السيد أن الاعتراف الأممي بالمجاعة يوجّه رسائل حاسمة للأطراف الفاعلة، سواء لإسرائيل أو للقوى الإقليمية والدولية. فهو بمثابة وثيقة إدانة تُلزم المجتمع الدولي بالتحرك العاجل، سواء عبر قرارات أممية أو عقوبات محتملة على الأطراف المسؤولة عن تفاقم الأزمة. كما أن هذه الخطوة قد تُعيد فتح قنوات دبلوماسية مغلقة وتدفع نحو تحركات سياسية ضاغطة لوقف النزيف الإنساني في القطاع.
تصعيد أمني يلوح في الأفق
يحذر السيد من أن الكارثة الإنسانية قد تتحول إلى شرارة تصعيد داخلي، حيث تدفع حالة الجوع واليأس إلى احتجاجات أو انفجارات اجتماعية داخل القطاع. ويضيف أن هذا الوضع قد يُحفّز الفصائل المسلحة على تصعيد ميداني ضد إسرائيل، ما قد يؤدي إلى جولات عنف جديدة يصعب السيطرة عليها، خاصة في ظل غياب أي أفق لحلول سياسية جادة.
اختبار للمجتمع الدولي
يشدد الخبير الاستراتيجي على أن العالم أمام اختبار أخلاقي وسياسي حقيقي؛ فإما أن يتحرك لفتح ممرات إنسانية عاجلة وتخفيف الحصار، أو أن يخسر ما تبقى من مصداقيته أمام شعوب المنطقة. ويرى أن استمرار الصمت الدولي لن يؤدي فقط إلى تفاقم المأساة، بل سيغذي مشاعر الغضب الشعبي، ما قد يؤثر على العلاقات بين بعض الدول العربية والقوى الغربية التي تُتهم بالتواطؤ أو الصمت.
توقعات المرحلة المقبلة
يخلص السيد إلى أن إعلان المجاعة في غزة يمثل نقطة تحول استراتيجية قد تُحدد ملامح المرحلة المقبلة. فالأيام القادمة ستكشف ما إذا كان هذا التطور سيدفع المجتمع الدولي إلى تحرك حقيقي يخفف الكارثة، أم أن الصمت والتقاعس سيقودان إلى انفجار أكبر قد يمتد تأثيره إلى ما هو أبعد من حدود القطاع.
ما بين الكارثة الإنسانية والحسابات السياسية، يقف قطاع غزة اليوم على حافة هاوية جديدة. إعلان المجاعة ليس مجرد خبر عابر، بل صرخة استغاثة مدوية ستحدد تفاعلات المنطقة في المرحلة المقبلة، وتكشف إن كان العالم مستعدًا لإنقاذ الأرواح أم سيكتفي بدور المتفرج أمام مأساة تتفاقم كل يوم.